مقالات

محمد نعمان الدين الندوي يكتب: كرامتنا في ظل الإسلام.. وليس العم سام

من وحي الأيام:

نعم.. نعم.. وبألف نعم.. بل بعدد لا يحصى من:

«نعم»..

نحن مسلمي العالم -من أولهم إلى آخرهم- لا نريد إلا الكرامة التي تحصل لنا في ظل الإسلام.. ولن نبغي بها بدلًا.. ولا نرضى بغيرها أبدًا..

ونحن مستعدون في سبيل الاحتفاظ بكرامتنا -في ظل الإسلام- للتضحية بما عداها من آلاف الكرامات والعزات (إذا صح هذا الجمع).

فلا كرامة -عندنا- إلا كرامة الإسلام.. ولا عزة إلا عزة الإسلام..

وهي كرامة حقيقية.. وعزة أصيلة..

أما ما عداها من أنواع العزة.. فهي عزة زائفة باطلة مزورة.. عزة مشلولة عرجاء..

فلا اعتبار عندنا إلا بعزة الإسلام وكرامته..

وهي العزة التي نشرف بها ونسعد في الدنيا والآخرة..

كنا أذل أمة، فأعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره، أذلنا الله.. كما كان قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه..

وكنا رعاة غنم.. فصرنا -بفضل الإسلام- رعاة الأمم.. كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

فما دمنا رضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبحمد رسولًا.. فالبحث عن العزة فيما سوى الإسلام عبث.. لا يزيدنا إلا ذلًّا وهوانًا، وخزيًا وعارًا..

لقد ربط الله عزتنا بناصية الإسلام، فلا عزة لنا إلا في ظل الإسلام ومظلته، والاحتماء بحماه، والاستمساك بعروته، والعمل بمتطلباته.

والذين يلهثون وراء الشرق والغرب بحثًا عن العزة يعيشون في جنة الحمقاء.. خادعون مخدوعون..

ومثل الباحثين عن العزة بالانبطاح تحت عتبة: البيت الأبيض في واشنطن، أو الباب العالي في موسكو، أو هنا وهناك.. كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.. حتى إذا جاءه لم يجده شيئا..

الانبطاح لدى عتبة البيت العتيق

إن عزتنا -نحن المسلمين- في الانبطاح لدى عتبة البيت العتيق، والدعاء عند الملتزم، والصلاة عند مقام إبراهيم، والسعي بين الصفا والمروة، وتحت أقدام ذلك الإنسان الذي تَشرُفُ به المدينة المنورة حيًّا وميتًّا.. (صلى الله عليه وسلم) في اقتفاء آثاره واتباع سنته..

إن عزتنا في أن نعود إلى الوراء.. ونرجع أدراجنا.. حتى نلحق بذلك الجيل القرآنيّ الأول الذي تربى في حضن النبوة المباركة.. فلا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.. كما كان قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله.

إن عزتنا ليست في التقليد الأعمى للآخرين..، والترحيب بكل ما يأتي منهم من الغث والسمين دون غربلة أو حكٍّ على محكنا الإسلامي..

إن عزتنا ليست في الاستجداء أو التكفف.. وفي أن نكون من أصحاب اليد السفلي..

وليست في الإسراف في الملاهي والملذات..

ليست عزتنا ورقيُّنا في: أن نسلك سبيلهم، بخيرها وشرها وحلوها، ومرها، وما يُحَبُّ منها وما يُكْرُه، وما يُحْمَد منها وما يُعاب… كما قال قائل في القرن المنصرم.

لا.. بل إن عزتنا ورقيّنا في ظل الإسلام.. لا في ظل العم سام..

وفي الولاء للبيت العتيق.. لا للبيت الأبيض.

 فإن من قضاء الله لهذه الأمة أنها لن تعز إلا في ظل الإسلام..

ولن تنتصر إلا بالاعتصام بحبل الله المتين..

فالذين يبحثون عن العزة والنصرة بالانحراف عن منهج الإسلام، لن يجنوا إلا الذل والهوان.

{أيبتغون عندهم العزة، فإن العزة لله جميعا}.

هيهات هيهات أن يجدوا العزة عندهم!

(الخميس: ٢٢ من رجب ١٤٤٦ھ = ٢٣ من يناير – كانون الثاني – ٢٠٢٥م).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights