مقالات

مختار محمود يكتب: قرآن الجمعة!

كان قرآن الجمعة يمثل حالة إيمانية وروحية في زمن القراء الأكابر. كان هناك مَن يولي وجهه شطر الجامع الأزهر الشريف أو مسجد الحسين أو السيدة زينب أو الإمام الشافعي؛ للاستماع إلى قارئه المفضل، ورؤيته رأي العين والاقتراب منه، وربما مصافحته!!

كما كان قرآن الجمعة المنقول إذاعيًا وتلفزيونيًا يحظى باهتمام جارف وتقدير شديد. اختلف الزمان، فاختلف كل شيء. لم يعد القراء كما كانوا، ولم تعد التلاوة كما كانت، فقد كل شيء بريقه الطبيعي.

البريق الذي يصنعه قراء هذا الزمان حول ذواتهم زائفٌ باهتٌ. لم يعد قرآن الجمعة المنقول عبر الإذاعة والتليفزيون يحظى بوقار وجلال ووقار الزمن المنقضي. ليس كل ما يلمع ذهبًا، أحيانًا كثيرة يكون وهمًا وسرابًا بقيعة، يحسبه الظمآن ماءً، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا!

 حالة من العبث أصبحت ترافق معظم تلاوات الجمعة. البث المباشر يفضح أولئك الذين تسللوا إلى ميكرفون الإذاعة عبر الأنفاق السفلية ودخلوا من الأبواب الخلفية، أو هبطوا بالبراشوت.

هناك من فشل مبتهلاً، فجعلوه قارئًا للتلاوات الطويلة، وإن تعجب، فعجب قوله: “نحن أسياد قراء هذا الزمان”!!

 اليد الرخوة لمسؤولي ماسبيرو أغوت ضعاف القراء بالخطأ والزلل واللحن الخفي والجلي. مَن أمِن العقوبة أساء الحفظ والأحكام والإحكام والأدب.

لم يعد لمُحكم التنزيل في مصر أربابٌ يحمونه، ويغضبون من أجله، وإذا انتفض رجلٌ دفاعًا عن كتاب الله من العبث واللحن والخطأ أهانوه ووصموه وهددوه. شعارهم:

«مَن ليس معنا فهو ضدنا، يحسدنا ويحقد علينا».

قرآن الجمعة

طالما طالب كثيرون باقتصار قرآن الجمعة على قراء معدودين من أهل الحفظ والإتقان والإجادة، ومَن يُعتَبرون امتدادًا للسلسال الطيب، وليس أولئك الذين فرضوا وجودهم بالإكراه.

عندما يقرأ القارئ الطبيب أحمد نعينع، أو الشيخ محمود الطوخي، أو الشيخ ياسر الشرقاوي، أو أحمد الزارع -مثلاً- يطرب البشر والحجر، ويكون المردود طيبًا، ويتذكر الناس نفحة من سِير الأولين.

في اجتماعه الأول مع مسؤولي شبكة القرآن الكريم.. طرح رئيس الهيئة الوطنية للإعلام أحمد المسلماني إمكانية قصر تلاوات البث المباشر على فئة محدودة جدًا من القراء المُجيدين، ولكن بعضهم انتفض وأبدى ممانعة؛

لأسباب لا تخفى على أحد، ولو التزموا الصمت لكان خيرًا لهم ولنا. كما فرض «المسلماني» كلمته بشأن القراء الراحلين،

ولم يستجب لأية محاولات تستهدف تصويب قراره «غير الموفق»، فلماذا لا يصر على تنفيذ ما كان يرغب فيه بشأن حصر تلاوات الفجر والجمعة في الطبقة المتميزة من القراء،

بعيدًا عن سياسة الدور وأشياء أخرى، وهذا سوف يكون قرارًا «محمودًا وموفقًا»، ولو كره الطامعون والشامشرجية والكلافون والمرجفون في المدينة؟

مختار محمود البرعي

كاتب صحفي وباحث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights