سير وشخصيات

“مصطفى صادق الرافعي”.. الأَصَمُّ الذي أصبح سلطان الأدباء العرب

هو معجزةُ القلم، وشمسُ العربية، وسيّدُ الكتّاب والمفكرين

– لا يدانيه أو يقترب منه أحد، في عصور العرب الحديثة..

ربما تـقـدّمَ على بعض السابقين، وتجاوزَ قطار إبداعه كل اللاحقين باستثناء “محمود محمد شاكر”

وسطعت شمس عبقريته في العالمين وستظل إلى أن يرث اللهُ الأرضَ وما عليها.

– عبقري العرب الذي كان أمةً بمفرده، ودرّة تاج مملكة العربية، وفخرها، وأيقونة الأدب المُدهشة المضيئة في سماء الزمان وتاريخ الإنسان..

ويقف على نفس الخط مع معجزة بلاد فارس العملاق (عبد القاهر الجرجاني)

الرافعي..وحي القلم الذي استطاع أن يضع كل المستشرقين والعلمانيين والحاقدين على الإسلام؛ على السفّود. (السفود = سيخ حديد يُشوَى عليه اللحم)

– سلطان الأدباء الذي تأتي بعده كل الأسماء والمسميات في تاريخ اللغة العربيه، بمساحات شاسعة، وسنوات ضوئية، فهو “سلطان” طه حسين، والعقاد، والحكيم، والمنفلوطي، وكل رموز الأدب والفِكر في تاريخ العرب الحديث.

– (مصطفى صادق بن عبد الرزاق بن سعيد بن أحمد بن عبد القادر الرافعي)، وينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب..

– وُلدَ في قرية بهتيم، محافظة القليوبية، مصر (يناير 1880م – 10مايو 1937م)

– كان والده عبد الرازق رئيسًا للمحاكم الإسلامية الشرعية في مصر، ولذا كان يتنقّل بين المحافظات، وعاش “مصطفى” مع والده في عدّة محافظات مصرية..

– أتم “مصطفى” حِفظ القرآن قبل بلوغه العاشرة من عمره، وحصل على الابتدائية من مدرسة دمنهور الابتدائية، ثم انتقل إلى مدرسة المنصورة الأميرية.

– بدأت مشاكله المَرَضية مبكرا، وقبل أن يكمل عامه الثلاثين، أصبح أصمًّا تمامًا.

– لم يكمل الرافعي تعليمه الجامعي بسبب ظروفه الصحية، واستعاض عنه بمكتبة أبيه الزاخرة، إذ عكف عليها حتى استوعبها وأحاط بما فيها.

– عمل في عام 1899م، كاتبا في محكمة طخا، ثم انتقل إلى محكمة طنطا الشرعية، ثم إلى المحكمة الأهلية، وبقي فيها حتى لقي وجه ربه الكريم.

– في يوم الإثنين العاشر من مايو لعام 1937م، استيقظ (سلطان الأدباء) لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى بارئها، وحُملَ جثمانه ودُفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا.

– مات مصطفى صادق الرافعي عن عُمرٍ يناهز 57 عامًا.

– بدأ الرافعي حياته شاعرا، وأصدر ديوانه الأول في عام 1903م، الذي كان له (صدى عظيم) بين كبار شعراء مصر، إذ كتب فيه البارودي والكاظمي وحافظ إبراهيم شعرًا، كما أرسل له الشيخ محمد عبده ومصطفى كامل، التهاني.

– صدر للرافعي ديوان (النظرات) والديوان (غير متوفّر)، لكن تباع منه (إسطوانات) في لبنان.. وهو الديوان الذي قال عنه الإمام محمد عبده في رسالته للرافعي: “أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفًا يمحق الباطل، وأن يقيمك في الأواخر مقام “حسّان” في الأوائل”.

– في عام 1934م، بدأ الرافعي يكتب كل أسبوع مقالة أو قصة، ليتم نشرها أسبوعيًا في مجلة الرسالة، والتي أجمع الأدباء والنقاد على أن ما نشرته الرسالة لهو أبدع ما كُتب في الأدب العربي الحديث والقديم، جمع أكثرها في كتاب (وحي القلم).

– قَلّ اهتمام “الرافعي” بالشعر عما كان في مبتدئه؛ وذلك لأن القوالب الشعرية تضيق عن شعوره الذي يعبّر عن خلجات نفسه، وخطرات قلبه، ووحي وجدانه، ووثبات فِكره، فنزع إلى النثر محاولًا إعادة الجملة القرآنية إلى مكانها مما يكتب الكتّاب والنشء والأدباء، ورأى أن واجبه أن يدافع عن هذا الدين من هجمات الحمقى العرب والمستشرقين، فكانت إبداعاته الكبرى:

1- تحت راية القرآن

2- وَحَيّ القلم

3- تاريخ الأدب العربي: وهو كتاب في ثلاثة أجزاء

4- حديث القمر

5- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية

6- كتاب المساكين

7- رسائل الأحزان

8- السحاب الأحمر

9- أوراق الورد

10- على السَّفُّود

11- النظرات (ديوان شعر)

– كان الرافعي سيفا مسلولا على العلمانيين والمستشرقين، وكل المشككين في الإعجاز القرآني، والمتطاولين على عقائد الإسلام، ووصلت خصوماته للعقاد وطه حسين للمحاكم،

– كان الرافعي ناقدًا أدبيًا عنيفًا حديد اللسان والطبع لا يعرف المداراة، ولا يصطنع الأدب في نضال خصومه، يغار على دينه، ويغار على لغته، ويعتدّ بنفسه،

– كان يهاجم خصومه على طريقة عنترة، يضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع، فكانت له خصومات عديدة مع شخصيات عنيدة وأسماء نجوم في الأدب والفكر والثقافة

– لم يكن الرافعي يحب طه حسين، وكان يراه مستغربا وعلمانيا حاقدا على الإسلام، وحملَ عليه حملة شعواء في الصحافة المصرية، واستعدَى عليه الحكومة والقانون وعلماء الدين، وطلب منهم أن يأخذوا على يده، ووقف طه حسين معقود اللسان والقلم أمام قوة قلم الرافعي وحجته البالغة، واختفى عن الأنظار، ولم يُسمع له صوت إلا بعد وفاة الرافعي،

– وكما كانت الحرب بين الرافعي وطه، كانت أيضا بين الرافعي والعقاد، الذي كان يراه الرافعي مغرورا متكلفًا، يرى نفسه فوق الأدباء وفوق البشر، وجمع الرافعي مقالاته التي نشرها في العقاد، في أقسى كتاب صدر في تاريخ الأدب العربي، وأشدّ ما نُشر في الهجاء: (على السفّود)

—————

يسري الخطيب

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى