مقالات

مصطفى عبد السلام يكتب: أسواق وموانئ العرب في خدمة الصهاينة!

الجوع والعطش والقتل والتهجير باتت من نصيب أهالي غزة الذين يواجهون حرب إبادة جماعية منذ نحو 138 يوما، وفي المقابل نجد أن أسواق وسلع وأغذية وموانئ وخدمات بعض الدول العربية اللوجستية باتت في خدمة الاحتلال وجيشه ومواطنيه وأسواقه ومصانعه وأنشطته الاقتصادية.

ففي الوقت الذي كانت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي تدك غزة بالأسلحة المحرمة وتقتل آلاف الأطفال والنساء وتستخدم التجويع سلاح حرب ضد أهالي القطاع المحاصر، كان هناك من حكومات العرب من يمد يد العون لتلك القوات الغازية ويوفر لها احتياجاتها الرئيسية من طعام ومياه، بل ومن أسلحة وعتاد.

وفي الوقت الذي كانت فيه صواريخ الحوثي تفتك بالسفن الإسرائيلية المارة عبر البحر الأحمر وتضغط على واردات دولة الاحتلال وأسواقه، كان هناك من يسابق الزمن في تدبير احتياجات المحتل عبر تسيير جسر بري عملاق يوفر احتياجات إسرائيل من الأغذية والوقود والمواد الخام والسلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج وكل مقومات الحياة.

وفي الوقت الذي كان يعاني فيه أطفال وشيوخ غزة من الجوع والعطش الشديدين واختفاء كل مقومات الحياة بما فيها رغيف الخبز وزجاجة الماء ولتر الوقود، كان هناك من بني جلدتنا من يسارع لإنقاذ الإسرائيليين من الجوع والعطش ويوفر الرفاهية للغزاة.

كما وجدنا من يسهر على خطط تسيير آلاف الشاحنات التي تساعد في ملء بطون مواطني المحتل، وتسد أي ثغرة في إمدادات الأسواق ناتجة عن تراجع واردات الاحتلال، وإصابة موانئه الرئيسية بالشلل وفي مقدمته “إيلات” الواقع على البحر الأحمر.

وفي الوقت الذي كان فيه سلاح جوّ الاحتلال يرتكب مجزرة ضد عائلة العكلوك يوم 17 ديسمبر 2023، وصلت في ذلك اليوم الدفعة الأولى من الشحنات التجارية إلى إسرائيل عبر جسر بري جديد يمتد من الإمارات إلى تل أبيب، ويمر عبر السعودية والأردن وصولا إلى ميناء حيفا، وذلك بشهادة موقع “والا” العبري، الذي أكد أيضا أن المراحل التجريبية لخط النقل البري الجديد عبر موانئ دبي، مرورا بالسعودية والأردن، توجت بالنجاح، وأن عشرات الشاحنات المحملة بالبضائع من ميناء دبي مروراً بالأراضي السعودية ثم الأردنية تصل إلى ميناء حيفا في إسرائيل.

وأيضا بشهادة يديعوت أحرونوت التي قالت إن طريقا بريا تم تدشينه لتلبية احتياجات أسواق دولة الاحتلال ويربط الإمارات بإسرائيل عبر السعودية والأردن ويقلل الوقت وتكاليف النقل.

وفي يوم 6 ديسمبر الماضي وبينما كان سلاح جو العدو يرتكب مجزرة ضد عائلة الهوبي بغزة أدت لاستشهاد أكثر من 15 شخصا من تلك العائلة، مع قتل مزيد من أطفال غزة، كان على الجانب الآخر وفي اليوم ذاته يتم إجراء مباحثات خليجية إسرائيلية على مستوى عال بهدف تدبير احتياجات قوات الاحتلال وبشكل عاجل عبر موانئ خليجية، حيث كشفت صحيفة معاريف عن توقيع اتفاق بين الإمارات وإسرائيل لإنشاء جسر بري بين البلدين يوفر احتياجات دولة الاحتلال من كل أنواع السلع والخدمات.

لا أعرف سر هذا الدعم العربي القوي والمتواصل للاحتلال في ظل حرب إبادة جماعية شاملة ومتواصلة يشنها ضد أهالي غزة، هل هدف القضاء على المقاومة وفي مقدمتها حماس وتصفية القضية الفلسطينية يبرر ارتكاب كل تلك الجرائم اللاأخلاقية ومنها الحفاظ على رفاهية المحتل مقابل تجويع الفلسطينيين وقتلهم وتشريدهم وتهجيرهم؟

مصطفى عبد السلام

كاتب صحفي مصري، وخبير اقتصادي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى