مصطفى عبد السلام يكتب: غزة.. ومخطط ريفييرا الشرق
الدوائر المحيطة بترامب تقدر الكلفة بأكثر من تريليوني دولار لإقامة ريفييرا الشرق، وبحسب خطة جوزيف بيلزمان، أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن، ستتراوح تكلفة إعادة الإعمار الضخمة لغزة بين 1 إلى 2 تريليون دولار
يطرح مشروع إعادة أعمار غزة عشرات من علامات الاستفهام أبرزها عن التكلفة الحقيقة للمشروع، والأموال المطلوب ضخها لإعادة الحياة للقطاع المدمر، ومن يتحمل الكلفة الضخمة الناتجة من الدمار الكبير الذي حل بغزة وبنيتها التحتية، إسرائيل المعتدية التي قادت أضخم حرب إبادة جماعية في التاريخ الحديث، أم دول الخليج الثرية بضغوط أميركية، أم المؤسسات الدولية المعنية بمثل تلك النوعية من المشاريع، أم دول ومؤسسات مثل الاتحاد الأوربي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، أم مستثمرون وشركات خاصة كما وعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخبيثة والشريرة.
وهناك علامات استفهام تتعلق بالفترة الزمنية والتوقيت المطلوب لتنفيذ خطة إعمار غزة، فهناك تباين شديد في التقديرات، حيث تتحدث بعض التقديرات عن أربعة عقود وربما أكثر ربما بسبب ضخامة الدمار الذي حل بالقطاع وربما لدفع أهالي غزة نحو اليأس من إعادة الحياة لغزة، في حين يتحدث آخرون عن ثلاث سنوات فقط.
مثلا نشرت الأمم المتحدة في شهر يناير الماضي تقريرا عن الأضرار في قطاع غزة يشير إلى أن عملية رفع الأنقاض وحدها ستصل كلفتها إلى 1.2 مليار دولار وقد تستغرق 21 عاما. وفي أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، يتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن تستغرق إعادة بناء المساكن وحدها 15 سنة وحتى عام 2040.
2 تريليون دولار لإقامة ريفييرا الشرق
على مستوى السؤال الأول المتعلق بالتكلفة فإن الدوائر المحيطة بترامب تقدر الكلفة بأكثر من تريليوني دولار لإقامة ريفييرا الشرق، وبحسب خطة جوزيف بيلزمان، أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن، ستتراوح تكلفة إعادة الإعمار الضخمة لغزة بين 1 إلى 2 تريليون دولار، وفترة تنفيذ من 5 إلى 10 سنوات، علما بأن بيلزمان صاغ هذه الخطة وقدّمها لفريق ترامب في يوليو 2024.
في حين تقدر منظمات أخرى الكلفة بنحو 80 مليار دولار، وخفضت تقديرات للأمم المتحدة صدرت يوم الثلاثاء المبلغ إلى نحو 53 مليار دولار، بينها أكثر من 20 مليارا على مدى السنوات الثلاث الأولى.
وبحسب تقديرات سابقة للمنظمة فإنّ إعادة إعمار القطاع ستستغرق ما يصل إلى 15 عاماً، وستكلّف أكثر من 50 مليار يورو.
أما تركيا فقدرت التكلفة المالية للدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة بنحو 100 مليار دولار، وقال رئيسها رجب طيب أردوغان قبل أيام إن إسرائيل هي المسؤولة المباشرة عن هذا الخراب، ويجب عليها تعويض الفلسطينيين وإعادة إعمار القطاع.
وخفض المطور العقاري المصري المعروف هشام طلعت مصطفى قيمة التكلفة حيث طرح خطة تتكلف 27 مليار دولار ويجري تنفذيها خلال 3 سنوات، تتضمن تدشين بنية تحتية وخدمات بقيمة 4 مليارات دولار، وخدمات صحية ورياضية وترفيهية بنحو 3 مليارات دولار، وتتكون من 6 مراحل لبناء 200 ألف وحدة سكنية بتكلفة 20 مليار دولار.
الخطة المصرية بشأن غزة
ويترقب الجميع الخطة المصرية بشأن غزة، حيث قالت مصر إنها تعتزم تقديم «تصور متكامل» لإعادة إعمار قطاع غزة يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، مؤكدة رفضها أي مقترح لتخصيص أراض مصرية لسكان غزة.
هل من المنطقي أن تتبرع الحكومات العربية بمليارات الدولارات لإعادة إعمار غزة ثم تتحول إلى أنقاض في حال عودة دولة الاحتلال الاعتداء على القطاع خلال سنوات؟
وبالنسبة للسؤال الثاني المتعلق بمصادر تمويل المشروع الضخم، فإن تصورات ترامب متناقضة إلى حد كبير ومشوشة، فمرة يتحدث عن أن دول الخليج الثرية وفي مقدمتها السعودية هي من ستتولى الإنفاق على مشروع إعادة إعمار غزة، وأن الولايات المتحدة لن تتحمل دولاراً واحداً، ومرة أخرى يتحدث عن استثمارات عابرة للحدود بشرط تفريغ القطاع من سكانه، وهناك من يتحدث عن أن الدول العربية هي من تتحمل الكلفة، وأنها تخطط لإعادة إعمار غزة بشرط بقاء الفلسطينيين وعدم تهجيرهم، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري.
ويبقى السؤال هنا:
هل من المنطقي أن تتبرع الحكومات العربية بمليارات الدولارات لإعادة إعمار قطاع غزة ثم تتحول إلى أنقاض مرة أخرى في حال عودة دولة الاحتلال الاعتداء على غزة خلال فترة 3 أو 4 سنوات، وربما عقب انتهاء مشروع الإعمار مباشرة.
ومن يضمن عدم حدوث مثل هذا الاعتداء في المستقبل، الولايات المتحدة التي تساند بقوة دولة الاحتلال وبكل ما تملك من أموال وعتاد عسكري، أم بعض الدول العربية المطبعة بالفعل مع الاحتلال أو تلك التي في طريقها للتطبيع؟