ثورة الشام المباركة كيف نستكمل بناءها وكيف نحميها؟
البناء القويم والعمل التراكمي الرشيد صمام الأمان
مضر أبو الهيجاء
ثورة الشام المباركة كيف نستكمل بناءها وكيف نحميها؟.. من نافلة القول إن الغرب الذي تقوده أمريكا بعقل صهيوني فظيع، كان ولا يزال وسيبقى باحثا عن أحجار شطرنج خاضعة له وتدير أعماله القذرة في مناطق نفوذه الواعدة، وأرض مصر والعراق والشام من أهمها وعلى رأسها.
فأن لم يجد أحجار شطرنج مطيعة خاضعة وجاهزة، فإنه يصنعها على عينه لتكون لمخططاته مناسبة.
لا ينبغي أن يتصور أي منا أن الغرب الذي وقف مع الثورات قبل عقد ونصف -بمكر ودهاء- حتى أفشلها وأبطلها وانقلب عليها وفككها،
هو غير الغرب الذي يقف اليوم مغازلا ثوار الشام! بل هو نفسه وقد ازداد خبرة ودهاء ومد يديه ورجليه في كل تنظيم وفي كل ساحة!
إن المد الثوري الواجب والمشروع والممدوح يجب أن يستفيد من سالف تجربته وعموم تجارب المنطقة،
فالغرب وأمريكا ليسوا آلهة ولا قدرا مفروضا علينا، بل هم بشر يخطئون ويصيبون ويخيبون في بعض سعيهم،
ولكنهم يتداركون أمرهم سريعا لسببين،
أولهما تواضعهم أمام أخطائهم،
وثانيهما فقرهم لكل ما ينفعهم وبحثهم عن كل ما يفيد تحقيق مخططاتهم.
لا شك بأن الثورة الشامية من أزكى وأنبل الثورات التي شهدتها المنطقة
سواء في عناوينها الرئيسية أو تضحياتها العظيمة أو قياداتها الرفيعة،
ولكن جميع ما سبق لا يحول دون الوقوع في الخطأ، وذلك إن لم تحدث المراجعة النقدية الواجبة الى جانب البناء الواعي لتحديات المستقبل القريب والساخنة.
التماهي مع الإرادة الدولية
إن الخطأ القاتل الذي يمكن أن يحول بعض الكيانات الثورية لأحجار على رقعة الشطرنج الأمريكية الصهيونية -من غير دراية ولا قصد-
هو التماهي مع الإرادة الدولية في ظل التقاء إرادتها المغرضة مع الإرادة الثورية المشروعة والمحقة والساعية للتغيير!
إن التدفق الثوري والامتداد الأفقي السريع للثوار لا ينبغي أن يقفز عن معقولية التمكن من إدارة المناطق والمدن،
وعدم السماح للظروف الحالية أن تقودها إلى فوضى عمية -من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية-
ينفذ منها الخصوم حتى ترتد على حواضن الثورة وتوصل بعضهم للكفر بها وللردة!
إن العاقل يدرك أن فرصة تحقيق الثورة قبل عشر سنوات من الناحية الموضوعية الدولية والإقليمية والداخلية كانت أكبر حظا من الآن،
لاسيما بعد أن أتلفت أمريكا العراق وأحاطت بمصر وأخضعت الخليج وأخرجت القضية الفلسطينية عن الخدمة في المدى المتوسط،
وكذلك بعد أن حضر الأمريكان بكامل قوتهم وحطوا رحالهم في كل زاوية، واستعلى اليهود
حتى باتوا يقصفون أي مدينة في أي دولة دون مراجعة دولية فاعلة ولا هي نافذة.
تضخم العاطفة وضمور العقل
أقول منبها لإخواني الثوار -أشرف بنو الأرض الآن- إن تضخم العاطفة وضمور العقل في المنهج والأداء الثوري، لا يعكسهما شكل الخطاب فحسب،
بل إن الذي يدلل عليهما هو شكل البناء الحقيقي والآني على الأرض،
الأمر الذي يشير لاستقلالية الإرادة الثورية، أو تماهيها مع الإرادة الدولية -لا سمح الله-.
إن التماهي مع الإرادة الدولية، والمعنية حصرا بالاتجاهات القتالية والخطوات السياسية،
دون أي اعتبار لأولوية بناء الجسد الثوري وحواضنه المجتمعية -عبر تفاهمات وتوافقات أفقية جماهيرية وعمودية بين الكيانات-
سيحول القيادات الثورية المقررة إلى أحجار على رقعة شطرنج ـسواء أأدركت أم لم تدرك- مرحلية!
إن ثورة الشام العظيمة تستحق منا جميعا أن نحميها ونبنيها، لئلا يتم اجهاضها قبل أن تتمكن وتكبر ويشتد عودها، وإن أحلامنا النهائية والكبيرة،
لا ينبغي أن تنسينا واجب الوقت في البناء وسد الثغرات، بحيث لا نتركها خلفنا لتصبح ثقوبا سوداء تبتلع ثورتنا ومجاهدينا ومجتمعاتنا،
فنكتشف في النهاية أن تجربتنا اليوم لا تختلف عن كل تجاربنا الفاشلة وأنها لم تستفد منها لتضبط شكل الحركة والإيقاع.
إياكم أن تقعوا في تضخيم ركنية الدولة
وبكلمة أقول للثوار الأبرار إياكم أن تقعوا في تضخيم ركنية الدولة متجاوزين حقيقة البناء في مناحيه التي تشكل أساس ديمومة الثورة،
وهي الأفعال التي تميز أصحاب الهم عن طلاب الشهوة.
إن دمشق العظيمة لن تكون كريمة إلا عندما تكون ثمرة يتم قطافها كنتيجة لتراكمية الأعمال الثورية في المحيط، ومعقولية الإعداد والبناء،
وغير ذلك فلن تكون العاصمة إلا جزرة يرميها الخصوم ليبعثوا في نفوسكم الشهوات فتكون الزلة والمصيدة، ويعود كيسنجر من جديد ويخضع له الجميع،
وذلك حينما تكون جميع خيوط المسألة بيده، والحالة الثورية هشة الجسد متهالكة القوام فقيرة العقل …
ولذلك نشدد ونقول: وجاء دور العلماء المنتمين الآن بأكثر من أي فترة.
اللهم إنك تعلم ما حل بنا في فلسطين والعراق ومصر وليبيا وتونس وأفغانستان والسودان،
فلا تتركنا يا رب لوحدنا في ميادين الشام، اللهم وسع عقولنا وأصلح قلوبنا وسدد خطواتنا،
ليس لنا رب سواك إياك نعبد وبك نستعين، اللهم فسدد ضربات المجاهدين على أرض الشام،
واجعلهم يا رب واعين لكل مشاريع أعدائك وأعداء عبادك الموحدين.