مضر أبو الهيجاء يكتب: جهود الأمة بين أزمة المناهج واضطراب العلماء!

مآسي في الصميم

شكلت السقطات التعبيرية للشيخ عثمان الخميس في حديثه عن حركة حماس صدمة عند الكثيرين!

نعم أخطأ الشيخ عثمان الخميس في صيغة تعبيره المنهجي العلمي الواضح والمحدد،

تماما كما أخطأت بعض قيادات حماس الإسلامية عشرات المرات،

وخانها التعبير حد إيذاء المؤمنين وتزكية الكفرة المحتلين ووصفهم بالشهداء وبوصية النبيين!

لم أقصد الدخول في تقييم كلمات وجمل ومقاصد الشيخ الداعية عثمان الخميس ولن أبحث عن ظروف حديثه الموضوعية، ولا أريد الولوج إلى أخطاء حركة حماس المنهجية ولا انحرفاتها السياسية، لاسيما وأنني قد أشبعت تلك المسألة بحثا ودراسة، وجل ما كتبته بات منشورا وبعضه مطبوعا.

أزمة الأمة تتوسع

لقد باتت أزمة الأمة تتوسع في عنصري القيادات والمناهج، وذلك نتيجة غياب مفهوم التوبة عند الحركات الإسلامية عموما وكذلك بعض العلماء.

إن وصف العالم -باعتباره وريث النبوة في بيان الحق- تستلزم التفحص الكبير للدعاة من حيث أفهامهم ومواقفهم وارتباطاتهم.

ولا شك بأن دور الأنظمة الطاغوتية فاعل ومؤثر في تحجيم دور العلماء أو حرف بعض مواقفهم أو شراء ذمم البعض منهم، وكذلك باتت مفعولا به كثيرا من الحركات السياسية.

إن دور الأنظمة الطاغوتية بارز في محاولة إسقاط كل الرموز العلمية الدعوية والسياسية، وذلك بهدف منع الناس من التحشد خلف أي عالم موجه أو قائد، واحداث حالة اضطراب دائمة في صفوف المسلمين لئلا تقوم لهم قائمة، ولئلا يشكلوا مسارا يضيق على ضلال السلطان، وهو عين ما تمارسه الأنظمة الطاغوتية تجاه الحركات الإسلامية سواء أكانت دعوية أم سياسية أم جهادية.

إن الكبر الذي عشعش في وجدان وسلوك بعض الحركات الإسلامية وبعض العلماء هو نقيض التوبة الواجبة لحلول الهداية وامتلاك البصيرة الربانية، وعنوان هذا الكبر الخفي هو الامتناع عن المراجعة وصم الآذان.

تعصب القطيع الإسلامي لحركته ولشيخه

لقد أسهمت حالة القطيع الإسلامي في التعصب لعالم أو داعية أو لحركة إسلامية بتغبيش الرؤية من خلال ابتزاز أخلاقي يمنع العالم أو الحركة من واجب قرآني عظيم، هو النظر والتفكر والتدبر والمراجعة.. رغم أنهم جميعا يقرأون عبس وتولى ويجيدون الحديث عن العتب الرباني لأعظم الخلق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم!

ففريق من المسلمين انبرى يتألق عصبية بالمقاومة ويجلد بسيفها داعية سلفي موقر نتيجة زلة طارئة! وفريق آخر أراد أن ينال من الجهاد والمقاومة وفلسطين فأعلى أسهم الشيخ الداعية حتى جعله في مصاف النبيين! وكلا الطرفين خونة لدين الله ودون حمل الأمانة.

ما بال أقوام يتحلون بأخلاق الكفار وقد تركوا أخلاق الصحابة، وهل غاب عنهم أن الصحابة اختلفوا في حروب الردة وتناقشوا حتى أصابوا الحق وما يرضي الله؟ أولم يرفض ابن الخطاب عمر فكرة موت النبي حين أعلن المسلمون وفاته؟ فما الذي كان وكيف تعامل هؤلاء الصحابة الكرام وبينوا الحق ولم يغمضوا أعينهم عن الأخطاء، دون أن ينال بعضهم من بعض لصالح قوى ومراكز المنافقين ومشروع المشركين؟

أزمة علمية وعلمائية

إن حجم التيه الذي يعيشه المسلمون يعبر عن أزمة علمية وعلمائية كما يعبر عن اضطراب في مناهج ومسار حركات التغيير الإسلامية.

وفي نظرة سريعة إلى الحركات السلفية والإخوانية تجد أن الحركتين بحاجة إلى مراجعة عميقة وحقيقية، على مستوى مناهجها وتجاربها العملية.

لقد تضخمت ركنية الدولة عند حركات الإخوان المسلمين لدرجة تسويغ منكرات وكبائر سياسية ومخالفات شرعية، تحت عنوان ضرورة ومركزية الدولة لأجل إقامة أحكام الشريعة!!

كما تضخمت ركنية الجهاد عند بعض الحركات السلفية لأجل إقامة الشريعة، حتى استباحت الدماء دون موازنات شرعية ولا أخلاقية ولا اعتبارات إنسانية!!

مطية للحكام الضلاليين

وكما وجد في تيار الإخوان المسلمين حركات تتصل بقوى السلطة وأجهزتها المخابراتية والقوى الدولية المعادية، فقد وجد في تيار الحركات السلفية من أصبح مطية للحكام الضلاليين، يسوغ لهم كل كفر وجاهلية!!

ورغم أن مفهوم الدولة، وفريضة الجهاد، كلتاهما وسائل لتحقيق غاية مراد الله في هداية الخلق وعمارة الأرض وتحقيق ما ينفع الناس، إلا أن زيغا حصل بين إفراط وتفريط حتى أمست الوسيلتان سببا في نقض الأصل من خلال تجاوز أحكام الشريعة، وتفويتا للوصول للأهداف الشرعية والمشروعة، وهدرا لدماء المجاهدين بلا نتائج موازية، ونسفا لمنافع الناس!!

نتائج كارثية

إن حالة العبث الإسلامي القائمة في تجاربنا الإسلامية في بلداننا العربية، أدت ولا تزال إلى نتائج كارثية،

وهي مقروءة بوضوح عند كثير من الدعاة، الأمر الذي دفع بعضهم للعمل في السياق الإسلامي في مجتمعاتنا،

بشرط أن يحفظ أهله وخاصته ويحيى في بلاد الغرب بين أمريكا وأوروبا هناك،

حيث ينشد ما ينفع الناس ويراه مشروعا وجيها لنفسه وأسرته وفيه معقولية، فيما يقوم هو نفسه على ما يفسد أحوال الناس ويقامر ويغامر في المجتمعات العربية والإسلامية!!

فلا تتجملوا بالجهاد، ولا تسبوا دعاة المسلمين، وأعلنوا بصدق توبة دلالتها هي المراجعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights