مضر أبو الهيجاء يكتب: معارك فلسطين.. لنا المغارم ولإيران المغانم!
من نافلة القول أن الخميني منذ قيام ثورته واستلامه الحكم في إيران، وذلك بعد موافقة الأمريكان الذين طاروا به من باريس إلى طهران، نادى مطالبا أتباعه وحرسه الثوري قائلا لهم : إذا أردتم أن تبقى ثورتنا قائمة فيجب أن يكون لنا يد في القضية الفلسطينية.
وبعد 44 عاما على خطاب الخميني لا تزال إيران وملاليها وفية لتوجيهات المؤسس وهي لا تمل ولا تكل من الحديث باسم فلسطين بناء على أشكال دعمها المدروس من حيث الكم والنوع.
اليوم وبعد مرور خمس أيام حارقة في غزة فلسطين، وبعد أن صمتت جميع القيادات الإيرانية وحرسها الثوري وفيلق القدس صمت الأموات في القبور، بدأت الخارجية الإيرانية بالحركة الدءوبة من طهران إلى بغداد إلى لبنان ليتحدث وزير خارجيتها عبداللهيان عن المسألة الفلسطينية باعتباره راع وحريص على الأقصى والقضية!
لم تنبس إيران ببنت شفة خلال الأيام الأولى والتي كان يمكن أن ترجح الكفة الفلسطينية من خلال أي تدخل على مستوى المعركة، حتى ثبتت روايتها عربيا وإقليميا ودوليا باعتبارها لا تعلم وغير مسئولة عن معركة طوفان الأقصى المشرفة!
عادت إيران الآن للساحة لتنسج نفس السيمفونية وادعاء رعايتها وأبوتها لفلسطين القضية!
إن إيران التي أتحدث عنها ليست مجرد حالة مذهبية، بل هي مشروع متكامل الأركان ذو خبرة وتجربة يستهدف تفكيك المنطقة وتفتيت وتشريد شعوبها ليتوسع في تناغم دولي يعي فاعليته التي فاقت قدرات إسرائيل في مسخ الدين وقتل الموحدين ومنع أي نهضة في المنطقة، واليمن والشام والعراق خير الشاهدين.
فهل يعقل أن يموت أبناؤنا وإخواننا وأطفالنا ونساؤنا في سبيل تحرير الأقصى وإعلاء كلمة الله، ثم تأتي إيران المدعية وتختطف ثمرة دمائنا لتجيرها لصالح مشروعها ويبقى اسمها دون تضحية حقيقية سيدة المعركة، فكيف يستقيم أن ينال الفلسطينيون مغارم المعركة ثم تطير إيران من عاصمة لأخرى بالمغانم؟
لاشك بأننا الآن في معركة حاسمة، وأن دماءنا في غزة نازفة، لكن هذا شأن العلماء والدعاة الذين يميزهم الوعي والأمانة في حمل الرسالة وحفظ الأمة ودينها.
إن فلسطين بحاجة إلى إنقاذ، وإنقاذها يكون بالنفير العام وإسناد المجاهدين وفتح الحدود عنوة عن الجيوش ورغم أنف الأنظمة، حتى لو استدعى ذلك نزيف الدماء على طريق القدس الصحيح.
إن الحركات الفلسطينية الجهادية بحاجة إلى إنقاذ من براثن ملالي إيران، وإنقاذهم يكون بإقبال الأمة عليهم أكثر وأكثر وأكثر في لحظة وأيام فارقة.
وكما أبدعت غزة وجندها البواسل وصنعوا معجزة عبر مباغتة فريدة ونادرة، لابد للعلماء والدعاة والجماعات والتنظيمات أن يستفيدوا من تلك الأيام الرخوة التي تزلزلها الأحداث الجسام في استرداد الجسم الفلسطيني الإسلامي الثوري من حضن إيران المجرمة، عبر احتضانها وإسناد شعبها.
وكما يجب أن نستفيد من المعركة لتعرية الكيان الإسرائيلي وأمريكا والغرب من الناحية الأخلاقية والقانونية والقيمية، يجب علينا أن نستفيد من المعركة التي كشفت في أيامها الأولى عن نذالة وخذلان ملالي إيران وحتى الآن، لكي نحدث فجوة حقيقية في وعي الشعب الفلسطيني وعموم الشعوب العربية والإسلامية بين ملالي إيران والقضية الفلسطينية.
إن تعريتنا لإيران كل صباح وكل مساء ومع كل خطاب لن يعطل العمل الجهادي ولا الإسناد العربي والإسلامي، بل بالعكس فإنه سيحمل شعوب الأمة المسلمة مسؤوليتها تجاه فلسطين والأقصى والحركات المجاهدة.
إيران التي أتحدث عنها وأنبه منها في وقت المعركة، هي ليست حالة مذهبية تسب أم المؤمنين عائشة، بل هي مشروع متكامل الأركان يستهدف هدم الدين وتفتيت الأمة وتمزيق المنطقة، وليس مستبعدا في أي لحظة أن تقلب الطاولة بتفاهماتها مع الأمريكان الذين وعوا قوتها ونفوذها وفاعليتها في ذبح دول المنطقة.
وتذكر دوما أن الإدارة الأمريكية أعلنت بعد أقل من يوم من المعركة المشرفة، أن ليس لإيران يد ولا علم بها، ثم بعد أربعة أيام أكدت المعلومة الاستخبارات الأمريكية لتصبح هي الرواية المتبناه والرسمية.
إن كل معركة ومواجهة يستهدف جميع أطرافها تحقيق أهداف سياسية، ومن برأ إيران سياسيا من المسؤولية دون أن يكلف نفسه عناء بحث يوم آخر، هو نفسه الذي اتهم المجاهدين في غزة -زورا وبهتانا- بأنهم ربطوا أيدي الأطفال وأحرقوهم ثم أعدموهم بعد أن اغتصب المجاهدون بعض أمهاتهم وبناتهم!
إن تبرئة أمريكا سريعا لإيران، واتهامها للفلسطينيين المجاهدين بأنهم داعش فلسطين هي رسائل وتوصيفات سياسية واضحة وخطرة، فهل يستقيم أن يبقى الناطق باسم القضية الفلسطينية والراعي الكبير لها هو من سيعضها من ظهرها ويحطم جمجمتها بعد أن يقضي وطره ويحقق مصالحه؟
ختاما أقول كما أبدع ولا يزال يبدع العلماء الربانيون بالدعوة إلى دعم المجاهدين في فلسطين والنفير العام على طريق تحرير القدس، يجب عليهم أن يعروا ملالي إيران ومشروعهم الشيطاني اللعين مبينين بأنه لا يقل خطورة وتهديدا للدين وبلاد المسلمين عن المشروع الإسرائيلي الغربي، مستفيدين من هول المعركة ونذالة وخذلان إيران الواضح كوضوح الشمس.
مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 12/10/2023