مضر أبو الهيجاء يكتب: نزع الألغام الشائكة من عقول ثوار الشام
إضاءات منهجية سياسية عمرانية لنخب وشعب وحكام سورية
إنَّ ثورة الشام المباركة هي جوهرةُ القرن الحادي والعشرين، وهي منّةٌ من الله تفضّلَ بها على عموم المسلمين، وخصوصِ أهل الشّام الكرام، والمضحين.
إنّ جُهودَ الأمّة وتضحياتِ شعوبها لم تتوقف طيلة قرن ونيّف، ومنذُ أن تفكّكت دولتُها الحارسةِ للدّين وقيمه، والراعيةِ لشعوب الأمةِ، والحافظة لكرامتها، والأمة تعيش أوضاعا متردية وتحاول جاهدة في كل جغرافيا تنتمي لها أن تفتك دولة تمكنها من البناء، وتحقق من خلالها وقاية جسد الأمة، والمحافظة على المنجزات في مواجهة مشاريع لم تتوقف عن استهداف الأمة، سواء في أرضها أو ثرواتها أو إنسانها أو هويّتها الثقافية ووحدتها السياسية.
وقد أخفقت جميع ثورات الأمة في تحقيق المنشود، نتيجة غياب نقطةٍ مركزية هي الدولة، الأمر الذي تحقق بصورته الابتدائية في الثورة السورية المباركة، وهنا يكمُن الأمل الواعد في أن تكون تجربة الثورة الشامية المباركة بدايةَ صعودٍ في عموم أحوال الأمة، بشرط أن يُكتب لها التمكين في سورية.
بين مفهوم الدولة وتشكيل الرئاسة، أيهما الأصل؟ وأيهما الفرع؟
إنَّ الإشكاليةَ التي برزت في عقول كثيرٍ من أهل الشام المباركين بعد تعيين أحمد الشرع رئيسًا لسوريا تشيرُ إلى لغم شائك، إن لم يكنْ سببًا في خرابٍ وتدميرٍ قادم، فإنّ أقلَّ صوره سيكون في عرقلةِ البِناء وتأخيرِ التمكين.
إنَّ مفردة الدولة هي المكوّن الأساس الذي تبحث عنه الأمة كركيزةٍ فاعلة ومقررة لا يُمكن أن يتحقق بدونها كمالُ البناءِ، كما لا يمكن أن يتحقق بدونها أي تمكين في الأرض، أمّا الرّئاسة والرئيس فهي فرعٌ عن أصلٍ هو الدولة.
إنّ صراعًا حقيقيًّا نزفت بسببه أنهارٌ من الدّماء في عموم الدّيار الشامية منذ سبعة عقود، كانت خلفيته الحقيقية هي من يملك الدولة، وقد منَّ الله على ثوار الشام وعموم الأمة بامتلاك دولة على أرض سورية، في ظروفٍ تاريخية واحتراب دولي وإقليمي، سمح بخلخلةٍ وفجواتٍ استفادَ منها البناء الثوري الذي تبلور بعد ملايين الشهداء، الأمر الذي لا يكاد يطيقه ويتصوره أصحاب المشاريع المعاديةِ، سواء في المنظومة الصهيوغربية، أو المشروع الإيراني، أو المشروع الوظيفي العربي العلماني، ومن هنا فإن حجم المخاطر التي تحيط باستهداف الدولة، لا تسمح للعقلاء أن يكونوا مطمئنين للمشاريع المعادية بإمكانية سرقة الدولة من بين أيديهم، لا سيّما وهي الجوهرة والماسة التي يبحث عنها الجميع، وفيها ومعها تكمن العصا السحرية.
إنّ الإشكالية التي يطرحها البعض والتي تعطل فاعليته بالبناء – بسبب مواقف مشروعة تجاه أحمد الشرع على مستوى شخصي، أو على مستوى تجربته في العقدين الأخيرين، أو على مستوى الملاحظات المحقة المرتبطة بإدارته لإدلب -، تُشكّل لغمًا قد يتفجر في وجه أصحابه في أي لحظة، ليفقدهم الرؤية والقدرة على المحافظة على جوهرة الدولة، والثمرة الأولى المركزية التي قطفها أهل الشّام كنتيجة لدماء ملايين من أبنائهم وبناتهم وعلمائهم وثوارهم وتجارهم!
الرؤية المفقودة في الموازنة بين الدولة والرئاسة!
إنّ الإشكالية الحالية بسيطة في تفكيك ألغامها إذا ما نظرنا إلى تاريخنا الطويل والمتصل من خلافةٍ إلى ملكٍ وسلطنةٍ وولايات لم تخل من تلك الإشكالية المتصلة بالحاكم من حيث اختياره وصلاحياته ونفوذه، ويُمكن قراءتها في تاريخنا لا سيّما بعدما انتقل الحُكم الراشد إلى ملك عضوض.
فكيف حفظ الدّين وكيف بقيت الأمة متماسكة وقوية وأبدعت علومًا وتنوعت في مناحي البناء والعمران رغم كل التحديات، ورغم وجود إشكالية الحكم وصلاحياته والحاكم ونفوذه، والتي نجد صداها باديا في عقول أهل الشام اليوم، لاسيما بعد اقتلاع الطاغية وتفكيك منظومته الطائفية والأمنية؟
لقد وعى المسلمون أهمية الدولة، ولعل تعامل الصحابة الكرام تلاميذ مدرسة محمد -صلى الله عليه وسلم- في حادثة السقيفة، وإزاءَ مسألة الدولة فور وفاة النّبي محمد -صلى الله عليه وسلم، يُشير إلى هذا الوعي العميق لمركزية الدولة، وأهمية المحافظة عليها، وضرورة تصليبها، فبدونها لا يمكن حفظ الدين، ولا رعاية أهله ولا تحقيق الأمن والأمان الذي يحلم به ويستحقه كل إنسان.
مخطئ من ظنَّ أنَّ تاريخ الحكمِ في الإسلام خلا من شخصيات حاكمة يعتريها الخطأ، والقصور، وحب الدنيا، والتشوف الشخصي، والمصالح الشخصية، بحيث يمكن القول أنّ أحمد الشّرع الذي يرأس سورية حاليًا ليس بأقلّ من كثيرٍ من حكّام المسلمين، وليس بالضرورة أنّهم جميعًا كانوا خيرًا منه، وليس مقصود الإشارة فيما سبق مدحٍ أو ثناءٍ ولا ذمٍّ وازدراء، وإنّما المقصود هو الإشارة إلى شكل التجربة الإسلامية التي نجحت في الاستمرار بعد أن حافظت على مكون الدولة، رغم تباين أوصاف حكام المسلمين وتفاوت قدراتهم.
الثنائية الملهمة التي حفظت تاريخ العرب والمسلمين
لا شك بأنّ كلّ قصور وخلل وزيغ يعتري الشخصيات الحاكمة، يؤثر في حياة النّاس، كما يُمكن أن يحرف الدولة كوسيلة محددة الأهداف، فما هي الثنائية التي حفظت المسار الإسلامي، رغم كل أخطاء التجربة البشرية؟
لقد كان الوعي المتقدم عند حكام المسلمين وشعوبهم، لمركزية دور العلماء باعتباره صمام الأمان، وباعتبار العلماء هم الحلقة الواصلة بين الطرفين والضامنة لاستقامتهما، متقدمًا لدرجة الفرز العميق والدقيق بين حدود وأشكال وأساليب إصلاح الحكّام ومحل الرئاسة، وبين الواجب المتقدم والأولوي تجاه الحفاظ على مؤسستي العلماء والدولة -سر تمكين مشروع الأمة الثقافي وحفظ كرامتها-، وهو ما كان مؤثرا وسببًا فاعلا في استقامة مسار العمران وتحقيق النهضة والريادة البشرية، وذلك رغم كل أخطاء التجربة والتدافع الحاصل بين البشر، وهنا تكمن أهمية فهم دور العلماء في الحفاظ على قوام وصلابة وعدالة الدولة من جهة، واستقامة وارتقاء الشعوب من جهة أخرى.
لقد أبدع وأصاب مجدد القرن ابن تيمية – رحمه الله – عندما كان يخرج من محبسه الظالم، لينافح عن الإسلام والمسلمين، ويحمي دولتهم في مواجهة الأعداء المتقدمين، ثم يعودَ بعد ذلك لمحبسه الظّالم، بأمرٍ من الحاكم، وبهذا السلوك القويم حفظ ابن تيمية دولة المسلمين، ولم يتقاعس عن واجب النّصح، والنّقد، والتقويم، لحكامهم القائمين.
وخلاصةُ القولِ: أنَّنا اليومَ معنيون بالمحافظةِ على الدولة السوريّة التي امتلكها المسلمون، الذين ينتسبون جميعًا إلى ثقافة واحدة بعدما كانت في أيدي كفرةِ ظلمٍ معادينَ للأمة، كما أننا معنيون بالمحافظة على العلماء الربانيين وأطرهم المؤثرة والفاعلة.
لقد تهيأت الظّروف الدولية والإقليمية والمحلية ليحل ثوار سوريا في أركان الدولة، ويمتلكوا مؤسّساتها المختطفة منذ قرن، وفي ظل توازنات التجربة المحلية، قدر الله أن يكون أحمد الشرع -هو الرئيس الانتقالي-، فهل يُعقل أن تكونَ الملاحظات الشخصية عليه، أو المظالم القائمة في تجربته الأخيرة في إدلب، سببًا في إضعاف وتعويق الاستكمال الواجب لامتلاك المسلمين لمفردة الدولة على أرض الشّام المُباركة؟
إنّ المسؤولية الشرعية، والوعي السياسي، وقراءة عمومَ تجارب الأمة وخصوص التجربة المصرية، توجب علينا أن نعض على مفردة الدولة بالنواجذ، وألّا نترك سببًا لزيادة تماسكها وتصليبها إلا وأخذنا به، وأن لا نترك خطابًا، أو سلوكًا، يُضعف امتلاكنا للدولة إلّا وابتعدنا عنه، دون أن نغفلَ عن النّصح، والنقد، والتقويم، الواجب في كل حين ووقت، ولكن بضابط واضح: ألا يكون ذلك سببًا في إضعاف امتلاكنا للدولة.
إنّ قراءة مقاربة وسلوك ابن تيمية يوجب على الغيورين أن يميّزوا ما بين مشاعرهم، وتقديراتهم، وتجاربهم الشخصية، وما بين مآلات مواقفهم، وخطابهم، على عموم التجربة السورية التي تشكل جوهرة القرن الحالي، ولعل نهي ابن تيمية تلاميذه عن إنكار المنكر عن بعض المغول السكارى في الطرقات، يشير إلى وعيه المتقدم بالحفاظ على المسلمين ودولتهم، ولا يشير إلى تقاعسه عن النّهي عن المنكر، أو سعادته برؤية سكارى المغول يشربون الخمر ويغرقون في المعصية.
إنّ تعيين أحمد الشرع قائدًا ورئيسًا انتقاليا لسوريا، لا يجيز للمخالفين – حتى وإن كانوا محقّين في بعض الجوانب- أن يتهاونوا في واجب المحافظة على الدولة التي لمّا نمتلكها بعد، والتي يشكل فيها عصب الرئاسة من خلال الشرعية الثورية أساسا وداعما متقدما.
وفي ظل المخاوف المحقة تجاه تجربة وليدة تحيط بها الأفاعي والوحوش الكاسرة، وفي ظل النزعة الفردية البادية عند البعض، فإنّ الحلّ يكمن في استكمال بلوة وتمتين الحلقة الوسط بين الدولة والشعب، وهي العلماء العاملون الصادقون الذين يميزهم الوعي والبذل وشجاعةُ الموقف.
الدعوة لحل المجلس الإسلامي السوري سقطة توجب التراجع والإصلاح
وكما يجب على رواد الثورة، ونوابغ الشعب السّوري، الاتصاف بالوعي والمسؤولية تجاه فرصة امتلاك الدولة، بالشكل الذي يضبط أقوالهم وأفعالهم تجاه مؤسسة الرئاسة، وشخص الرئيس، لصالح تصليب الدولة والحلول في جميع أركانها، فمن الواجب على مؤسسة الرئاسة، وشخص الرئيس، أن يتصف بالوعي العميق والصدق والنزاهة تجاهه الركيزة الوسط بين الدولة والشعب، والتي تحفظ وترعى كليهما، وهي مكون العلماء وأطره الفاعلة والمعبرة.
إنّ دعوةَ أحمد الشرع لحل المجلس الإسلامي السوري، الذي يشكل إطارًا جامعًا للعلماء السوريين، الذين يشكلون مدرسة الحديث، ومدرسة الرأي، وفيهم السلفيون، ومنهم الأشاعرة، وهو الإطار العلمائي الذي لم يتشكل مثيله في سوريا في القرن الأخير، أقول أنّ دعوة أحمد الشرع لحلّ المجلس سقطةٌ يجب التراجع عنها، لا سيما أنها ستسبّب تراجعًا حقيقيًّا في دور العلماء الجماعي وتفككه وتضعفه!
إنّ المجلس الإسلامي السوري وعلمائه يشكل صمامَ الأمان، الذي يحفظ العلاقة بين الدولة والشعب، والذي يرتقي بالحالة الشعبية ومكوناتها الاجتماعية، وبنفس الوقت فإنه يقوم بدوره الشرعي والأخلاقي في تقويم مسار شخص الرئيس وتشكيل مؤسسة الرئاسة.
وأما ما يتحدث به البعض سواء أكان صحيحًا ودقيقًا، أم غابَ عنه الإنصاف والدّقة في توصيف المجلس الإسلامي السوري، وشخصياته، وأدائِه، وما اعتراه من ضعف في سياق الثورة، فإنّه كلام مغرض مسيء في وقتنا هذا، ولا اعتبار له عند الصادقين النزيهين الذين يبحثون عن إنجاح التجربة!
فإذا كان واجب الوقت والفهم يقتضي الترفع عن اتهام أحمد الشرع، والتجاوزَ عن أخطائِه تجاه الفصائل الأخرى، وتجربته في إدلب، فإنّه من باب أولى عند من يتصف بالوعي والعدل والنزاهة في العمل لتمكين هذا الدين وعز الأمة، أن لا يتوقف أمام أشكال الضعف التي اعترت مسيرة المجلس الإسلامي السوري، لاسيما وأن كل خير يتصف به أحمد الشرع يتوفر أضعافه في شخصيات المجلس الإسلامي السوري، وأنّ كل ثلمة مرصودة في المجلس الإسلامي السوري على مستوى شخصي أو معنوي تتوفر أضعافها في تجربة أحمد الشّرع: الشخصية، والمعنوية الاعتبارية في السياق الثوري.
وفي الختام فإنّني أناشد الثّوار السوريين، والشخصيات العامة في سورية الحبيبة، أن يكونوا على مستوى النضج والمسؤولية، تجاه فرصة تاريخية لم تتحقق لنا منذ قرن في استرداد دولة المسلمين، وإن بدايتها الواعدة اليوم تكمن في إنجاح الثورة السورية، وتمكين الثوار من أركان الدولة، وتصليب مؤسّساتها، وأن يترفعوا عن ضعف الفهم في المقاربة الواجبة تجاه شكل تعيين وانتخاب الرئيس.
كما أناشدُ الأخَ الرئيس أحمد الشرع أن يتراجع عن خطأ فادح، وبدل أن يطالب بحل المجلس الإسلامي السوري، فعليه أن يوفر لهذا المجلس كل الأدوات، والوسائل الحديثة، بعد حلوله في الدولة، ليقوم المجلس بدوره المطلوب، كحلقة وسط بين الدولة والشعب، وكصمّام أمان في المحافظة على الهوية الثقافية الجامعة، وكإطارِ فاعل في إطفاء الحرائق القادمة في المجتمع السوري، لا سيّما أنّ الأعداء الخارجيين، ومن هم بالداخل، متربصين، ولا يرقبون في مؤمن إلّا ولا ذمة.
إنّ اغتيال شخص الرئيس مسألة واردة ودائمة في أوضاعنا العربية والإسلامية، ورغم دعائنا بأن يحفظ الله الأخَ الرئيسَ أحمد الشرع، وأركان الحكم من الثّوار الكرام، والبررة الذين قدّموا التضحيات العظيمة لأجل أن ينتصر هذا الدّين، ويُمكّن للمسلمين في أرض الشام، ومن أجل أن يرتفع الظّلم عن أهل سوريا الكرام، فإنّ العاقلَ يجبُ عليه أن يفكّر في التدبير اللازم تجاه تلك اللحظة الواردة، بحيث لا تتراجع المنجزات على مستوى المجتمع والدولة، الأمر الذي يوجب إعادة النظر في تفكيك المجلس الإسلامي السوري، والقفز إلى تعزيزه، وتمليكه أدوات فاعلة وناجعة، حتى يُصبح صمّامَ الأمان القادر على تحريك الشعب لمواجهة كلّ التحديات القائمة والمخاطرَ القادمة، ولعل أهم جانبين يجب أن توفرهما الدولة وتتصف بهما مؤسسة الرئاسة تجاه العلماء هما: أولا: عدم تدخل الدولة في تلك المؤسسة، وثانيا: تحقيق استقلالية العلماء من خلال توفير الوقف الذي يحفظ هذا الكيان، ويجعله أكثر فاعلية وبذلا وجهدا، ولئلا ينشغل في قضايا شخصيه، ولتحصينه ووقايته من امتدادات القنوات الخارجية.
الخلاصة
إنّ فرصة الثورة السورية المباركة هي فرصة القرن الحقيقية، وهي جوهرة حقيقية بامتلاكها لمؤسسة الدولة، أمّا مكوّن الرئاسة وشخص الرئيس فإنّه فرعٌ عن أصل وخادم له، كما أنَّ العلماءَ هُم الحلقة الوسط والعدل التي تربط بين الدولة والشعب، وتحقق الارتقاء بالشعب وتقويم الدولة الواجب والدائم.
ومن الخطورة بمكان الغرق في الحديث اليوم عن الرئيس والرئاسة في ظل تجربة وليدة نجحت في افتكاك مكون الدولة ولم تمتلكه بشكل حقيقي متكامل بعد، وإذا كان الأول فرع فإن الثاني هو الأصل الذي ينبغي تدعيمه وتقويته وتصليبه، الأمر الذي يوجب علينا جميعا ضبطَ أقوالنا وخطابنا وأفعالنا في الاتجاه الصّواب المستحضر دوما لمركزية الدولة ووجوب المحافظة عليها باعتبارها «سر التمكين».
وكما يجب علينا الانتباه لمفردة الدولة والمحافظة عليها، فإن الواجب علينا وعلى الرئيس وعلى الدولة أن تحفظ المكوّن العلمائي وأطره باعتباره سر استقامة الشعوب وسر المحافظة على الدولة نفسها، وتقويتها في مواجهة التحديات الخارجية كما الداخلية، تلك التحديات القائمة والقادمة لا محالة بأشكال ووسائلَ متعدّدة لا تطيقها الدولة دون انسجام وتأييد وتحشيد خلفها من قبل الشعب، الأمر الذي لا يتحقق بشكله المناسب والفاعل في تحقيق النصر إلا من خلال دور العلماء، فأيّما إضعاف للعلماء، وتفكيك لأطرهم السوية والمعبرة عن النسيج القائم، يعتبر خطوة أولى في تفكيك الدولة، وتراجع مستوى السوية عند الشعوب، وفشل التجربة، وخسارة الفرصة، وضياع الجوهرة.