مهدي عقبائي يكتب: مخطط خامنئي للحكومة المقبلة
في الاضطرابات السياسية التي أعقبت حادث تحطم المروحية الذي أودى بحياة كبار المسؤولين الإيرانيين، تكشف جميع المؤشرات أن الأولوية القصوى للولي الفقيه علي خامنئي هي إظهار الاستقرار وتخفيف المخاوف المتزايدة بين القوى الداخلية والحلفاء الأجانب. وقبل يوم واحد من إعلان طهران مقتل رئيسها إبراهيم رئيسي والعديد من كبار المسؤولين، طمأن خامنئي، حتى قبل العثور على جثة رئيسي، الأمة قائلا: “لا ينبغي للشعب الإيراني أن يقلق. لن يكون هناك أي اضطراب في شؤون البلاد”.
وعلى الرغم من انحراف مشروعه الذي استمر عقدا من الزمن، امتنع خامنئي عن الحداد على نعوش كبار المسؤولين. أدى بكاؤه على قاسم سليماني على التلفزيون الحكومي في عام 2020 إلى سخريته وإسقاط ضعفه. هذه المرة، حاول الحفاظ على رباطة جأشه وأمر بالتحضير السريع للانتخابات الرئاسية المقبلة.
تعيين الرئيس الإيراني المقبل
وفقا للمادة 131 من دستور النظام، “في حالة وفاة الرئيس أو إقالته أو استقالته أو غيابه أو مرضه لأكثر من شهرين، أو إذا انتهت ولاية الرئيس ولم يتم انتخاب رئيس جديد، يتولى النائب الأول، بموافقة القائد، مهام الرئيس ومسؤولياته”.
وفي يوم الاثنين 20 أيار/مايو، أعلن خامنئي في رسالة أن نائب إبراهيم رئيسي، يعني محمد مخبر سيتولى السلطة التنفيذية بموجب المادة 131 وأمر بإجراء الانتخابات الرئاسية في غضون 50 يوما.
في حين أن الحكومات ومراكز الفكر في جميع أنحاء العالم تتكهن بالفعل وتضع مخططات حول الرئيس الإيراني المقبل، فقد وضع خامنئي خارطة طريقه. على مر السنين، أقصى الولي الفقیة تدريجيا جميع “العناصر غير المرغوب فيها” عن الساحة من خلال وسائل الإعلام التابعة للدولة أو المؤثرين الذين يفضحون وثائق الفساد، ويرفعون دعاوى قانونية ضدهم أو ضد أقاربهم، وفي نهاية المطاف يحرمهم من الأهلية من خلال “مجلس صيانة الدستور” أو وزارة الداخلية.
في 21 مايو 2024، ذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن هادي طحان نظيف، المتحدث باسم “مجلس صيانة الدستور”، صرح بأن الرئيس الجديد سيخدم فترة ولاية كاملة مدتها 4 سنوات، وليس فقط ما تبقى من ولاية رئيسي.
استراتيجية خامنئي المقبلة
وقد أظهر المشروع الذي استمر عشر سنوات مع رئيسي أن خامنئي لا يرى سوى طريق واحد للمضي قدما وسط أزمات داخلية وخارجية لا نهاية لها: تعزيز السلطة. يواجه النظام تحديات داخلية كبيرة في أعقاب انتفاضات 2017 و2019 و2022، إلى جانب الإضرابات العمالية المستمرة للمعلمين والمتقاعدين والعمال، إلى جانب ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة. على الصعيد الدولي، يتعامل النظام مع قضايا حساسة مثل الأزمة النووية، والتوترات في الشرق الأوسط، مما يتطلب استراتيجية لإدارة التوترات مع الولايات المتحدة والسيطرة عليها، خاصة مع الانتخابات المقبلة في واشنطن.
علاوة على ذلك، تنظر طهران إلى دعمها لروسيا في حرب أوكرانيا، ومساعداتها لميليشيات الشرق الأوسط، ودعم الإرهاب الدولي كآليات للبقاء. إن خسارة أي من هذه الأمور تعني حربا دفاعية ومواجهة نقاط ضعفها المتأصلة.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه النظام حركة مقاومة منظمة ووحدات مقاومة مجاهدي خلق، التي تتحدى جهاز القمع للنظام يوميا وتبقي شعلة الأمل في الانتفاضة والإطاحة بالنظام حيا في المجتمع. تعمل هذه المقاومة أيضا على المستوى الدولي لعزل النظام وتستهدف الحرس الإيراني باعتباره الذراع الرئيسي للقمع والإرهاب في طهران.
ومع ذلك، فإن المعيار الرئيسي الذي يعتبره خامنئي هو حالة قواته. ومع كل خطوة نحو توطيد سلطته، أصبح نظامه أصغر حجما وقاعدته المحلية أضعف. كل قائد يقتل وكل عقوبة إضافية تحبط معنويات قواته. وبالتالي، فإن أي تنازل أو تراجع يكون قاتلا لقوات خامنئي، مما يجعل المسار الذي بدأه مع رئيسي وأمير عبد اللهيان الخيار الوحيد القابل للتطبيق للبقاء. وقد وضع هذا حتما النظام على مسار تصادمي مع كل من الشعب الإيراني والمجتمع الدولي، مع سقوط لا مفر منه على ما يبدو في نهاية هذا المسار.