أكد موسى أفشار عضو لجنة الشئون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ،أن علي خامنئي فقد بمقتل إبراهيم رئيسي، الدعامة الوحيدة التي يمكنه الاعتماد عليها، مشيرا إلي أن الأخير كان الاكثر ولاء للمرشد من أي رئيس إيراني سابقا ،رغم تحوله لكارت محروق بفضل قضايا الفساد المالي والقضائي التي تورط فيها في السابق.
وقال افشار في حوار له مع «جريدة الأمة الإليكترونية» إن مقتل رئيسي سيشعل معركة خلافة خامنئي داخل العديد من مؤسسات الدولة ،وفي مقدمتها مجلس الخبراء ، أن تكون عملية مقتله جزءا من صراع أجنحة ومؤسسات متناقضة داخل الهيكل السياسي والأمني للنظام .
وشدد علي أن أكثر ما يقلق خامنئي ليس مقتل رئيسي فحسب بل الانتفاضة الشعبية التي ضربت أركان النظام خلال العام الماضي ،حيث يخشي من تفجرها في أي وقت، مرجحا أن يلتزم النظام الصمت تجاه اكتشاف أي دور خارجي في مقتل رئيسي ،أو ان يقتصر رده فعل علي ضربة متفق عليه كما جري مع إسرائيل أخير، بشكل يكشف ضعف النظام وخواء أركانه.
تسوية القضية الفلسطينية سيفرغ دور نظام الملالي في التدخل في شئون المنطقة من مضمونه |
واعتبر أن موقف النظام الإيراني من القضية الفلسطينية، والحرب علي غزة موقف براجماتي بحت، لا تحكمه أي مواقف مبدائية، معتبرا أن أية تسوية تفضي إلي حصول الشعب الفلسطيني علي حقوقه المشروعة، ستضعف بشدة من أي دور إيراني في شئون المنطقة وتقطع الباب علي تداخلاته، وهو ما يعارضه بشده بشكل بدا واضحا في تصريحات وزير الخارجية القتيل عبداللهيان، حين أوضح أن ما يجمع تل أبيب وطهران فقط، هو العداء لحل الدولتين .
الحوار مع عضو لجنة الشئون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تطرق لقضايا عديدة سنعرضها بالتفصيل في السطور القادمة .
• كيف تري تداعيات مقتل ابراهيم رئيسي وعدد من المسئولين الايرانيين وهل له علاقات بالصراع المحسوب المستمر بين نظام الملالي وكل من واشنطن وتل أبيب؟
•• لا شك أن الفقدان المفاجئ لهذا العنصر الاستراتيجي المخلص لخامنئي، سيؤدي إلى تفعيل سلسلة من الأزمات، وأهمها قضية تحديد خلافة خامنئي، والتي كان بإمكانه عندما كان رئيسي موجوداً أن يتنافس وجهاً لوجه في مجلس الخبراء برئاسة رئيسي حسب رغبة خامنئي، لكن المشهد تغير..
خامنئي فقد بغياب رئيسي دعامة أساسية والرئيس الأكثر ولاء له في تاريخ الجمهورية |
كما أن انتخاب رئيس جديد خلال 50 يوما يعد أمرا حساسا وحاسما للغاية في بلد لم تتجاوز نسبة المشاركة في عدة انتخابات خلال السنوات الأخيرة 8% أو أقل ،وفقد الكثير من الاحترام وماء الوجه بسبب ذلك، و في ظل ما تعانيه البلاد من مشاكل وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية كثيرة ،تتفاقم بشكل خانق..
وفي غضون ذلك، لا ينبغي أن ننسى أن خامنئي كان يبدأ المفاوضات مع أمريكا في عمان من قبل حكومة رئيسي وهذه المفاوضات التي شملت بالتأكيد محور الأسلحة النووية، وأمن البحر الأحمر الذي تهدده القوات التابعة للنظام الإيراني، وكذلك الحرب في غزة..
ويعترف كل من الطرفين “النظام الإيراني وأميركا” بأن هذه المفاوضات مستمرة، ،وهي مفاوضات اختفى فيها فجأة رئيس ديبلوماسية الجانب الإيراني ورؤساؤه من المشهد.
• في هذا السياق ما التحدي الأكبر الذي يواجه نظام خامنئي؟
•• التحدي الأهم من ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الانتفاضة التي زعزعت النظام العام الماضي ،لا تزال ناراً تحت الرماد، وأن خوف خامنئي الرئيسي في جميع المجالات هو الانتفاضة أولاً وقبل كل شيء ولا شيء غير ذلك.
• ثارت تكهنات حول دوافع عملية اسفاط طائرة رئيسي بين فرضية وجود دور خارجي وراء العملية وبين الطابع الداخلي لها الي اي السيناريوهين تميل؟
•• بغض النظر عن التكهنات، هناك دلائل واضحة على عدم اتباع بروتوكولات السلامة لمثل هذه الرحلة الخطيرة في حين كانت هذه المهمة إحدى المسئوليات الأساسية للحرس الثوري “فيلق المهدي”، وتظهر السجلات أن هاتين المؤسستين متأثرتان بالفصائل المتصارعة داخل النظام، ويمكن القول إن هناك عددًا أقل من الحالات التي يمكن شراؤها من قبل الحكومات والاستخبارات الأجنبية. وأن النظام نجح في بعض الأحيان في اعتقالهم وإعدامهم كل شيء ممكن في نظام القرون الوسطى هذا، الذي يعاني من أزمات عديدة ويواجه فجوة في كل شيء.
صراع الاجنحة داخل النظام يقف وراء مقتل رئيسي والدور الخارجي مستبعد |
• حال اكتشاف دور خارجي وراء عملية الاغتيال هل سيكون الرد الايراني تكرار لما جري من سيناريو “مظاهرة المسيرات” التي اطلقت علي العدو الصهيوني؟
•• الرد على الهجوم الإسرائيلي، أظهر النظام أنه رغم كل الضجيج والدخان، ضعيف جداً وغير قادر على أي رد فعل جدي، والآن مع الضربة الاستراتيجية التي تلقاها، فقد خامنئي، بصفته مرشد النظام بأكمله، دعامته الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها، وأصبح الوضع أسوأ بكثير بالنسبة له.
ولا ينبغي أن ننسى أن النظام في مثل هذا الوضع لن يرحب بحرب شاملة حتى في الحالات التي يحتاج فيها بشدة إلى بادرة انتقامية.
• هل اختلف تعامل رئيسي مع قضايا الداخل الايراني مع من سبقوه مثل خاتمي ونجاد وروحاني ام انه استمرار لنفس النهج فيما يظل خامنئي هو صانع القرار؟
•• بموجب اتفاق داخلي، تتم إدارة وزارتي الاستخبارات والخارجية وجميع القوات المسلحة والقوات العسكرية وجميع أجهزة الدعاية الإذاعية والتلفزيونية الرسمية بشكل مباشر من قبل خامنئي ومسئولي بيت خامنئي وخارج هذه المنطقة، تعمل حكومات مختلفة في مواجهة الصراعات وحروب العقارب والفصائل الداخلية الحاكمة.
جميع ملفات السياسية الخارجية تدار بوساطة المرشد ولا تغييرات ملموسة في الملفات الجوهرية |
وفي السنوات الأخيرة، أصبح اختيار مؤسسات الهيئة الحاكمة موحداً ومتجانساً على يد ما يسمى بحكومة حزب الله بقيادة رئيسي، وهو المنتج الأول لهذه السياسة في كرسي الرئاسة، فقد كان الرئيس الأكثر طاعة والأكثر ولاءً للمرشد خامنئي.
• ما صحة ما يتردد عن ان رئيسي كان يجهز لدور لخلافة خامنئي في حكم البلاد وما هي طبيعة دوره في المشهد السياسي الايراني طوال السنوات الماضية
•• لا شك أنه كانت هناك مثل هذه الرغبات وحتى الجهود، لكن الطريق كان طويلاً ، لأنه أولاً وقبل كل شيء، هو أحد أكثر الأشخاص الذين فقدوا مصداقيتهم في التسلسل الهرمي الديني، وكان قد حصل على لقب آية الله عندما وصل إلى السلطة. ثانياً، تورطه في كافة أنواع الاختلاس والسرقة سواء عندما كان في الجهاز القضائي أو عندما كان مسؤولاً عن إدارة مؤسسة قدس رضوي كمؤسسة مالية كبيرة.
وكذلك واجه رئيسي اتهامات واسعة النطاق بالاختلاس خلال فترة رئاسته، مثل قضية شاي دبش، ونقاط الضعف والاحتيال المذكورة أعلاه، والأهم من ذلك، إشرافه على إعدام عشرات الآلاف من السجناء السياسيين الأبرياء لمجرد أنهم كانوا من أنصار مجاهدي خلق، ولم يتراجعوا عن ثوابتهم وعقائدهم النضالية.
لهذه الأسباب لا يفضل النظام الإيراني اندلاع حرب شاملة في المنطقة ورفضه لحل الدولتين وقاحة مفضوحة |
وكان لقب آية الله إعدام هو لقب شعبي أطلق على رئيسي في المجتمع الإيراني. وسبق أن حذره آية الله منتظري نائب مرشد النظام الخميني من أن اسمه سيدرج في قائمة أكبر المجرمين في التاريخ لمشاركته في مذبحة السجناء عام 1988.
• كأن رئيسي قد تحول خلال السنوات الأخيرة لكارت محروق ؟
•• من المفهوم أنه حتى لو أدت الارتباطات المختلفة للنظام إلى تعيين مثل هذا الشخص، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى تقصير عمر هذا النظام. وأن المرشحين المحتملين الآخرين الذين قد يأتون إلى الساحة مع وفاة رئيسي لن تكون لديهم فرصة أفضل، لأنهم لن يكون لديهم القدرة على النأي بأنفسهم وإدانة الجرائم الضخمة والمسجلة باسم نظام الخميني والملالي.
هذه النقاط تعبر عن جزء من مضمون خطاب السيدة مريم رجوي التي قالت إنه بوفاة رئيسي فقد النظام بيدقا استراتيجيا..
• كيف تري سبل تعاطي النظام الايراني مع القضية الفلسطينية، حيث دأب النظام علي توظيف جميع احداثها لخدمة مصالحه وليس كموقف مبدئي داعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟
•• لن يستطيع خامنئي وأي شخص آخر سيكون على رأس نظام ملالي إيران لعب دور مهم في شئون المنطقة ، ما دامت الحقوق المقبولة للفلسطينيين في أن تكون لهم دولة داخل حدود 1967 وعاصمة القدس الشرقية، وهو ما يتطلب القبول بحق الوجود القانوني لإسرائيل داخل حدودها، لأنه، ولأسباب واضحة، لا يملك القدرة على التنحي جانباً والتزام الصمت، وسيؤدي ذلك إلى تأجيج كافة أنواع الانقسامات العربية والإقليمية، وخاصة الفلسطينية، حتى لا تسقط عن الملالي ورقة التوت كمدافع عن الفلسطينيين.
الرئيس المقتول تحول لكارث محروق لتورطه في قضايا الفساد وخلافته لخامنئي لم تكن مضمونة |
• كيف قرأت تصريحات وزير الخارجية الراحل عبداللهيان بأنه لا شيء يجمع طهران وتل ابيب إلا رفض حل الدولتين؟
•• من المناسب أيضاً أن نذكر هنا التصريحات الوقحة لوزير الخارجية المقتول ورئيسي، وهو بالطبع موقف خامنئي والنظام برمته، والذي قال أن الشيء الوحيد الذي يجمعنا بإسرائيل هو رفضنا لحل الدولتين بشكل يؤكد أن أي تسوية لأزمة الشعب الفلسطيني ستفرغ التدخل الإيراني في شئون المنطقة من أي مضمون وستسقط ورقة التوت عن هذا النظام . .