هذان الرجلان يريدان استمرار الحرب وتوسعتها!
أبوبكر أبوالمجد| لسنا هنا لننفي عن المقاومة حقها الكامل في الدفاع عن كامل التراب الفلسطيني، ولا أن نساوي بين الجلاد والضحية؛ لكننا نتساءل وفق المعطيات عن من يريد أو من مصلحته استمرار هذه الحرب؛ بل واتساع رقعتها إلى حد دخول دول إقليمية وكبرى فيها؟!
يعلق الكاتب رياض قهوجي قائلًا: إن الروايات في الصحف الأمريكية والغربية تتركز على أن القوى الغربية تخشى من تبعات الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشدّدة التي ترفض إنهاء الحرب في غزة، وتحاول جرّ الولايات المتحدة إلى حرب مع إيران.
وكشف أن هذه التحاليل، تشير إلى أن رئيس حركة “حماس” يحيى السنوار يساهم في عرقلة المفاوضات، ويسعى إلى جرّ إيران إلى حرب مع أمريكا تعزز مكانته في القطاع. وتُجمع التحاليل في أمريكا والمنطقة على أن كلاً من طهران وواشنطن لا يريدان الدخول في حرب مباشرة.
وعند السؤال عن أسباب حشد أميركا قواتها البحريّة والجويّة في المنطقة، يأتي الجواب دائماً: “لردع إيران ومساعدة إسرائيل إذا تطورت الأمور واستدعت الحاجة”. لكن، ماذا لو في الأمر أكثر من ذلك، وما يتمّ التصريح به هو سحابة دخان؟
هنا لفت قهوجي إلى أن مصادر أمريكية مطّلعة أكدت أن رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو سمع رفضاً من الرئيس الأمريكي جو بايدن، ومرشحي الرئاسة دونالد ترامب، وكامالا هاريس، للاستمرار في حرب غزة وتوسيعها لتشمل الجبهة الشمالية.
وأضافت هذه المصادر، أن بايدن لم يمانع استهداف إسرائيل مواقع “حزب الله”، لكنه رفض بشدّة ضرب البنية التحتيّة في لبنان.
وأشارت هذه المصادر إلى أن بايدن أبلغ نتنياهو بأن القادة الأوروبيين يرفضون استهداف المنشآت الحيويّة والبنية التحتيّة في لبنان، لما لذلك من آثار كبيرة على بلد مُفلس، ويأوي أكثر من مليوني نازح سوري.
وأبلغ بايدن نتنياهو بأنه إذا أراد توجيه ضربة قويّة إلى “حزب الله”، وإضعاف قدراته، عليه أن يفعل ذلك من دون ضرب المنشآت المدنيّة الحيويّة كالمطار والمرفأ ومحطات توليد الطاقة والجسور وغيرها.
شعبية مرتفعة
فشلت المعارضة في الإطاحة بنتنياهو، ولا زالت عاجزة عن الإطاحة بحكومته، حيث ارتفعت شعبيته بعد اغتيال إسماعيل هنيّة وفؤاد شكر.
وثمة مصادر أكّدت، أن نتنياهو لم يُبلغ واشنطن باستهداف هنيّة في طهران، الأمر الذي أغضب بايدن ومسؤولي الإدارة الأمريكية بشدة، لإدراكهم أن هذا استفزاز كبير لإيران سيؤدي إلى ردّ عسكري مباشر منها.
استغراب
تستغرب بعض المصادر الأوروبية كلام المسؤولين الأمريكيين عن عجزهم عن وضع حدّ لسياسات نتنياهو وإسقاط حكومته. فأمريكا هي أكبر ممول لإسرائيل وأكبر مورّد سلاح لها، ولها القدرة في الضغط على أعضاء الكنيست بأشكال متعددة، ومنها فرض العقوبات لإجبارهم على إطاحة نتنياهو. حتى إن بعض المصادر الأمريكية تقرّ بأن واشنطن لم تلعب كافة أوراق الضغط على نتنياهو لأسباب قد تكون متعلقة بالانتخابات أو بغيرها.
وبحسب رياض قهوجي، فإن بعض المصادر قالت إن الإدارة الأمرسكية تعتقد أن نتنياهو، حتى لو وافق على اتفاق لوقف النار في غزة، فهو قد يُقدم على تنفيذ المرحلة الأولى، ثم يستأنف العمليات العسكرية متحججاً بخروقات من “حماس”، أو قد يوقف الحرب في غزة ضمن شروط تلائمه، ويستفيد من إطلاق الرهائن، لكنه يستمر بالحرب على الجبهة الشمالية، وربما يصعّدها لتحقيق مكاسب ميدانية يُترجمها سياسياً.
السنوار ونتنياهو
وبالعودة إلى موضوع تعنت نتنياهو والسنوار، لا بدّ من التوقف عند هذا الأمر وطرح سؤال مهم: هل يُعقل أن يجرّ شخصان كافة اللاعبين إلى حرب واسعة في المنطقة ولا يستطيع أحد أن يوقفهما؟ هذه احتمالية ممكنة، ويمكن الجدال في مدى قوتها. فهناك أمثلة عبر التاريخ لقادة جرّوا دولهم إلى حروب مدمّرة لغايات عقائديّة أو طموحات وأوهام شخصية.
وأوضح قهوجي أن هناك إمكانية أن يكون هذا الحشد العسكري والتجهيزات داخل إسرائيل لحرب هو تحضير لتوجيه ضربة قويّة لوكلاء إيران في المنطقة، خاصة “حزب الله”.
وبحسب مصادر أوروبية وأمريكية، هناك إجماع داخل واشنطن ودول حلف شمال الأطلسي على أن إيران ووكلاءها باتوا الخطر الأكبر لهم في الشرق الأوسط. فإن ما حدث منذ 7 أكتوبر كشف حجم وقوة ومدى انتشار وكلاء إيران، والخطر الذي يمثلونه اليوم على الملاحة المدنية في الخليج العربي والبحر الأحمر وشرق المتوسط.
وهناك مراجعة استراتيجية شاملة لهذه الجماعات وخطرها، من أجل وضع خطط جديدة للتعامل معها ومع إيران على مستويات عدة ومنها العسكرية.
قد يشكّل وجود شخصين منبوذين دولياً مثل نتنياهو والسنوار، ومتهمين بارتكاب جرائم حرب من محكمتي العدل والجنايات الدوليتين، فرصة لأي جهة أو قوى دولية اليوم تريد توسيع الحرب ضدّ وكلاء إيران، من دون أن تتحمّل هي المسؤولية.
فكلاهما يسهل التضحيّة بهما ولومهما على ما جرى وما قد يحدث في المواجهات العسكرية المقبلة. فمن غير المتوقع أن يتهيأ مناخ داعم للحرب في إسرائيل ضدّ “حزب الله” وربما إيران – في حال ردّت بشكل مباشر على إسرائيل – كما هو الحال اليوم.