أعلنت فرنسا أمس الخميس تسليم أولى طائراتها المقاتلة من طراز “ميراج 2000-5” المقاتلة لأوكرانيا “لمساعدتها” في الدفاع عن مجالها الجوي ضد روسيا.
وتسلمت أوكرانيا أولى المقاتلات، بحسب وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو، مما يمنح كييف نوعها الثاني من الطائرات الغربية إلى جانب مقاتلات “إف-16” التي سلمها الحلفاء الغربيون العام الماضي.
وقد أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن امتنانه لتسلم طائرات ميراج من فرنسا، قائلا في منشور على حسابه في إكس “وصلت أولى طائرات “ميراج 2000-5″ من فرنسا، مما أضاف إلى قدراتنا الدفاعية الجوية”.
وأضاف زيلينسكي “أشكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على قيادته ودعمه”، معتبرًا أن هذه خطوة أخرى لتعزيز أمن أوكرانيا.
ومن المقرر نقل 6 مقاتلات ميراج من أصل 26 يملكها سلاح الجو الفرنسي إلى أوكرانيا، وفق تقرير الميزانية الفرنسية الصادر عن الجمعية الوطنية في وقت سابق، دون تأكيد وزارة الجيوش الفرنسية.
ترمب يولي ظهره لأوروبا
وينتهج الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سياسة معادية للحماية الأمريكية لدول أوروبا بدون مقابل، فضلا عن تهديده بوقف الدعم عن دول الناتو، حيث قال ترمب في مناسبات عدة، إن “أوروبا عليها أن تدفع حصة عادلة من أجل حمايتها العسكرية.
وأضاف ترمب: “الاتحاد الأوروبي استغلنا لسنوات طويلة على صعيد التجارة، وبعدها لا يقدمون التزاماتهم العسكرية عبر الناتو (حلف شمال الأطلسي)، الأمور يجب أن تتغير سريعا”.
وفي تغريدة سابقة، خلال ولايته الأولى قال ترامب إن “الاحتجاجات الفرنسية الكبيرة والعنيفة لا تأخذ في حسبانها كيف كان التعامل سيئا مع الولايات المتحدة من قبل الاتحاد الأوروبي بالنسبة للتجارة والثمن المعقول للحماية العسكرية العظيمة التي نوفرها، هذان الموضوعان يجب معالجتهما قريبا”.
فض شراكة أم عداء خرج للعلن؟
تقول الكاتبة ومحررة عمود صحيفة لوموند الفرنسية سيلفي كوفمان إن مجيء دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية يطرح تحديات كبرى أمام أوروبا، التي بات الكثير من قادتها يتساءلون هل يمكنهم اعتبار حليفهم الكبير خصما من الآن فصاعدا؟.
وذكرت كوفمان أن الإعلامي الأميركي فريد زكريا لخّص الأمر بوضوح عندما تحدث في مؤتمر دافوس الشهر الماضي عن “الغرور الأميركي واليأس الأوروبي”، وشددت على أن أوروبا ملزمة حاليا بالخروج من حالة الأرنب المذعور أمام أضواء السيارة، فهي قد دخلت إلى عالم جديد ولابد لها أن تتحرك.
وتابعت أن لقاء القادة الأوروبيين بداية الشهر الجاري ناقش انزعاجهم من حليفهم الأميركي الذي بدأ يكسر كل القواعد، حيث تحدثوا مثلا عن مستقبل حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي يفترض أن يحمي الأعضاء وليس مهاجمتهم في وقت تواجه فيه أوروبا حربا مدمرة في أطرافها تقودها روسيا.
ونقلت كوفمان عن الأستاذ في مركز دراسات الحرب في جامعة بالدانمارك أوليفييه شميت تساؤله “هل تحول حلف الناتو إلى حلف وارسو؟ وذلك بالنظر إلى أن القوة الرئيسية داخل الحلف بدأت تغير طبيعتها وتحرص على إظهار تصنيف توازن القوى لتدفع الكثيرين للتساؤل: هل بات من الضروري التعامل مع الولايات المتحدة باعتبارها خصمها لا حليفا؟.
وزادت أن من تحرروا من حلف وارسو هم من بدؤوا يطرحون أسئلة حول المسار الجديد داخل الناتو، حيث اعترف -مثلا- رئيس وزراء بولندا دونالد توسك أن مجيء ترامب هو الاختبار الأول لتضامن أعضاء حلف الأطلسي، فهذه المرة الأولى التي يواجه فيها الأعضاء مثل هذا التحدي، مبرزا أنه في لحظات التأزم يشكل الصراع بين الحلفاء مفارقة قاسية.
حفظ ماء الوجه
وأوضحت كوفمان أن قادة أوروبا يحاولون أن يحفظوا ماء وجوههم من خلال الظهور وكأنهم يوحدون صفوفهم ويلتزمون بزيادة جهودهم الدفاعية واستكشاف عالم تجاري أكبر من الولايات المتحدة، وهم الآن يتواصلون مع المملكة المتحدة، إذ بات واضحا لديهم الأثر السلبي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وأكدت أن ما قاله دونالد توسك صحيح تماما، إذ إن ترامب هو اختبار حقيقي للتضامن بين أعضاء حلف الأطلسي، وسيكون المصير الذي ينتظر أوكرانيا مفصليا وربما أشد سوءا.
وضربت أمثلة أخرى بما ينتظر أوروبا مع ترامب، وتحدثت عن رغبته في السيطرة على غرينلاند، وحديثه العاصف مع رئيسة الوزراء الدانماركية مته فريدريكس، وكذلك حديثه الصريح عن استعادة السيطرة على قناة بنما.
هل تهز قادة أوروبا ذيولها عند أٌدام ترمب؟
فيما أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن ثقته في أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سيقوم بإعادة ترتيب النظام لدى النخب الأوروبية، مشيرا إلى أن هذه النخب سوف “تقف عند أقدام سيدها وتهز ذيولها” في القريب العاجل، حسب تعبيره.
وقال بوتين في مقابلة مع الصحافي الروسي بافيل زاروبين: “سيقوم ترامب، بشخصيته وإصراره، بإعادة ترتيب النظام بسرعة كبيرة… وسوف يقف الجميع (الغرب) عند أقدام سيدهم، ويهزون ذيولهم بهدوء”.
وأشار بوتين إلى أن الأوروبيين حاربوا ترامب، وتدخلوا في الحياة السياسية والعملية الانتخابية في الولايات المتحدة، لأنهم “فضلوا” الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.
وأضاف الرئيس الروسي: “لدى ترامب وجهة نظر مختلفة حول ما هو جيد وما هو سيئ، بما في ذلك فيما يتعلق بالسياسة في المجال الاجتماعي وبعض القضايا الأخرى”.
وعقب تنصيب ترامب رئيسا لأميركا، شرع في التدخل لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
والجمعة، أعلن ترامب أن إدارته أجرت بالفعل مناقشات “جدية للغاية” مع روسيا بشأن حربها في أوكرانيا، وأنه هو ونظيره الروسي بوتين يمكن أن يقوما قريباً بعمل “مهم” نحو إنهاء الصراع.
وصرح للصحافيين في المكتب البيضاوي: “سنتحدث، وأعتقد أننا ربما نفعل شيئاً سيكون مهماً… نريد إنهاء تلك الحرب. لم تكن هذه الحرب لتبدأ إذا كنت رئيساً”.
غير أنه لم يكشف من الذي أجرى اتصالات من إدارته مع الروس، لكنه أصر على أن الجانبين “يجريان محادثات بالفعل”، وفق أسوشييتد برس.
أوروبا تعتمد على نفسها
ويبدو أن أوروبا باتت أكثر تصالحا مع النفس بأن ترمب لن يكون حليفا لها وعليها أن تعتمد على نفسها، حيث مثلت منح فرنسا لأوكرانيا ست طائرات من أصل 26 طائرة ميراج 2000-5 ، خطوة على طريق الاعتماد على الذات.
وذكرت صحف فرنسية أن أول دفعة من الطائرات التي ستسلم إلى أوكرانيا مكونة من 3 طائرات مسلحة بصواريخ جو-جو من طراز ميكا وصواريخ “كروز سكالب” بالإضافة إلى قنابل موجهة، إلى جانب أن الطائرة مجهزة بمدفعين عيار 30 ملم.
وقال ليكورنو إن الطائرة “ميراج 2000-5” هي نسخة من الطائرة ذات التفوق الجوي، وإن الطائرات المخصصة لأوكرانيا يجري تحديثها بمعدات جديدة للقتال جو-أرض، أما الطائرة “ميراج 2000 دي” التي تستخدمها القوات الجوية الفرنسية فهي نسخة للهجوم الأرضي.
وقد حلقت طائرة “ميراج 2000-5” أول مرة في عام 1978، ودخلت نسخة دفاع جوي للخدمة في القوات الفرنسية عام 1984.
وتقول شركة داسو للطيران إنها أنتجت 600 طائرة، وتم تصدير ما يقرب من نصفها إلى 8 دول منها البرازيل والإمارات العربية المتحدة واليونان وتايوان.
وتبلغ كتلة الطائرة القتالية 9.5 أطنان، ويبلغ أقصى وزن للإقلاع 17.5 طنا، وبسرعة قصوى تزيد على 2.2 ماخ، ويمكنها البقاء في محطتها ساعتين و40 دقيقة على مسافة 150 ميلا بحريا من قاعدة انطلاقها، بحسب شركة داسو للطيران، وفق ما أورده موقع “ديفنس نيوز”.
وتجري فرنسا استبدالا تدريجيا لأسطول ميراج بطائرات رافال، وتخطط البلاد لإخراج “ميراج 2000-5″ من الخدمة بحلول عام 2029، و”ميراج 2000 دي” بحلول عام 2035.
ووفقًا لتقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي، فإن تكلفة تشغيل طائرة “ميراج 2000-5” تُقدّر بحوالي 17 ألف يورو لكل ساعة طيران، بينما وجد تقرير لمكتب المحاسبة الحكومي الأميركي لعام 2022 أن تكلفة تشغيل طائرة “إف-16” بلغت 26 ألفا و927 دولارًا لكل ساعة طيران في عام 2020.