هل نصرَ مخرجُ فيلمَيْ: “الرسالة وعمر المختار” الإسلامَ بالفن؟!

د. مصطفى العقاد (1 يوليو 1930م – 11 نوفمبر 2005م)

– وُلد في حلب بسوريا، ثم غادرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعمره 19 عاما، لدراسة الإخراج والإنتاج السينمائي في جامعة كاليفورنيا بـ لوس أنجلوس، وأقام فيها حتى أواخر مراحل حياته.

– كان والده يعمل معلّما للغة العربية والتربية الدينية في سوريا، ورفض في البداية دخول ابنه مجال الفن، ومع إصرار الابن الذي وعدَ والده أنه لن يغضب اللهَ أبدًا، وسينصر الإسلام بالفن؛ رضخ الأب، وقـدّم له مبلغ 200 دولار، والقرآن الكريم ليكون مؤنسا له في وحدته وغربته.. ولذا ظل مصطفى العقاد طيلة حياته يردد في كل مقابلاته الصحفية والتليفزيونية: (ذهبتُ إلى هوليود ولم أكن أملك إلا مصحفي و 200 دولار)

– التحق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس لدراسة الفنون المسرحية، ثم نال الدكتوراه من جامعة جنوب كالفورنيا،

– عمل مساعدًا للمخرج الشهير (ألفرد هيتشكوك) ثم عمل في شبكة NBC التليفزيونية وأعد بعض البرامج التي تتحدث عن المواطنين الأمريكيين ذوي الأصول المختلفة.

هوليود

– اخترق العقاد أبواب هوليود بطاقته الإبداعية الكبيرة محافظًا على انتمائه العربي والإسلامي، وعندما سُئِل: لماذا لم تغيّر اسمك لتجد فُرصًا أفضل؟ قال: كيف أغيّره وأنا قد ورثته عن والدي.

– لم ينس العقاد وعده لوالده، وأنه سينصر الإسلام بالفن، وعندما سألوه: “لماذا لم تأت ببطل مسلم ليجسّد دور عمر المختار، وأتيت بالنجم (أنتوني كوين) ؟ قال لهم: (لكي يقتنع الغربيون بقضيتنا، وبالظلم الذي لحق بنا.. لا بُد من تقديم قضيتنا من خلال وجوه يعرفونها ويحبونها، فلا أحدٌ في الغرب سيشاهد فيلمًا عن العرب يقوم به العرب، ولكن بهذه الطريقة نقوم بلفت نظرهم وحثهم على مشاهدة ما نقدمه، وبالتالي تُـفهم حقيقتنا وتُعرف قضايانا)

فيلم الرسالة الشيعي

– في عام 1976م، صنع مصطفى العقاد أول أفلامه المميزة وهو فيلم (الرسالة) حيث أنتجه وأخرجه، إلا أن علماء المملكة السعودية رفضوا الفيلم، ومارسوا ضغوطا هائلة لوقف الفيلم في بلاد العالم، رغم أن سيناريو الفيلم نال موافقة الأزهر قبل التصوير، وتم تغيير اسم الفيلم من (محمد رسول الله) إلى (الرسالة) ولكن علماء الأزهر تراجعوا بعد مشاهدتهم للفيلم، واعتبروه إهانة للإسلام.. بسبب مداهنة المخرج للشيعة الذين شاركوا في إنتاج الفيلم كما يقال، وأصبح الفيلم: (الرسالة الشيعية)..كما تعمّد الفيلم إخفاء بعض الشخصيات الإسلامية التاريخية التي يعاديها الشيعة، ولم يشر لدور الكبيرين أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) في الإسلام،

– جعل الفيلم الشهيد حمزة بن عبد المطلب (رضي الله عنه) بطل الإسلام الأوحد، وقائد الجيش، وقائد معركة بدر، وقائد المسلمين، والصحابي المتحكم في كل شيء، وهذا عكس الحقيقة، وخطأ تاريخي للفيلم لا يُغتَفر في تناسيه وتهميشه للصحابة الكبار الذين يسبقون حمزة: أبو بكر وعمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، وعبيدة بن الجراح……وغيرهم

– كان التركيز على آل النبي (صلى الله عليه وسلم) فقط، وهو الفكر الشيعي المعروف.. وتلك كانت الطامة الكبرى في فيلم الرسالة..

وتم منع الفيلم في مصر والسعودية والكويت.

– رغم كل ما سبق، اعتنق الإسلام بعد مشاهدة فيلم (الرسالة) ما يزيد عن 20 ألف شخص داخل الولايات المتحدة فقط..

فيلم عمر المختار

– في 1981م، ظهر فيلم (أسد الصحراء.. عمر المختار) الذي يحكي قصة شيخ المجاهدين، وأسطورة الجهاد العربي والإسلامي “عمر المختار”.. ونجح العقاد في أن تعرف الدنيا كلها قصة المختار والجهاد الليبي.

– للعقاد حوالي 10 أفلام، لكن يظل “الرسالة” و”عمر المختار” هما أشهر أعماله.

مقتل العقاد

– في 9 نوفمبر 2005م، قُتل العقاد مع ابنته ضمن ضحايا الانفجار الذي حدث في فندق جراند حياة – عمان (الأردن).. وكانا قد قدما إلى عمان لحضور حفل زفاف أحد الأصدقاء، نتج الانفجار عن عملية انتحارية لحظة وجود العقاد في بهو الفندق لاستقبال ابنته القادمة للتوّ من السفر.. توفّيت ابنته في الحال، بينما مات هو بعد العملية بيومين (11 نوفمبر) متأثرا بجراحه، قبل أن يكمل فيلمه الذي رُصدت له ميزانية غير مسبوقة في تاريخ السينما العالمية، عن البطل (صلاح الدين الأيوبي) وفيلم آخر عن تاريخ الإسلام في الأندلس، وما قدّمه المسلمون للعالم عندما حكموا الدنيا من الأندلس..

وتبقى كلمة:

– فشلت السينما المصرية التي سبقت مولد العقاد، بعقود من الزمن، في تجاوز حدود الخريطة العربية، بسبب التسطيح والسخافات والمبالغة، والاهتمام بالغرائز فقط… حتى إن مسلسل الشيخ الشعراوي الذي أنتجته مدينة الإنتاج الإعلامي، جعلوا للشيخ امرأة يعرفها ويحكي لها همومه!!! فهذه هي عقدة وهَـوَس الوسط الفني المصري..(الحريم والغرائز).. وكما قال لي صديق عربي من سنوات: لو مخرج فيلم عمر المختار كان مصريا، لجعل للمجاهد عمر المختار عشيقة وتحوّل الفيلم لمسخرة، مثل كل الأفلام المصرية…

ولهذا سقطت السينما المصرية.. وسقطت الدراما المصرية أمام المسلسلات التاريخية التركية، والإبداع السوري، ورغم كل مصائب وكوارث سوريا، وما يحدث فيها؛ لكنها تتصدر قائمة الفن العربي المحترم الآن، وباقتدار

————-

يسري الخطيب

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights