“وداعا حادي الركب”.. شعر: ياسر إبراهيم
قيلت في رثاء الشيخ إبراهيم عزت (رحمه الله)، 2 يوليو 1983م:
يا حاديَ الركبِ مَن للركب يزجيه
نحو الجنانِ ويخـرجُه من التيــــــه
المسلمون حيارى لا إمامَ لهــم
مِن بعد فقدك مَن للركب يهديه
هذي القوافلُ ضلت سيرَها زمـنا
والليلُ من حولها اشتدت دياجيه
لا تهتدي لســــبيل الحق أو تدري
كيف المسيرُ إلى أفياءِ واديــــه!
حتى تهادت إلى الأســماع أغنيةٌ!
علويةُ اللحن تُشجِي مَن تُلاقيه
فأقبل الركبُ نحو الصوت في لهفٍ
علَّ الحـِــداءَ من الأوهام يُنجــيه
مزمارُ داوودَ كان الشـدوُ أم هزجٌ
من السماء يجيب الكونُ داعيه؟
غيثٌ تدفق بالإيمان يرشــــــــــدُنا
لعالم النور نرقَـــى في مجــــــــاليه!
فحلَّق الركبُ للآفاق مبتهجــــــا
وتحته الخُلف يهـــوِي في تدنيه!
كذلك الرشدُ يسمو عاليا أبــــدا
ويترك الغَــــيَّ للأقـدار تُفنيه!
يا أيها النجمُ هذا الأفق مكتئبٌ !!
يبكي ضياء له كم كنت تهديه!
حانَ الأفولُ فغام الكونُ واضطربت
قوافلُ الحق في البيداء والتيـــه!
أين الضياءُ أما بالأفق من قَبــس
يهدي الركاب ودربَ الحق يُبديه؟
وأرهف الركبُ أسماعا كم امتلأتْ
بصوتك العَذب يحـــــدُوه ويرويه!
هل غاب صوتُك مَن يحدُو قوافلَنا
وغارَ ضوءُك مَن للركب يهديه؟
نبكي فراقَك أم نأسَى لأنفســنِا؟
وقد تُركنا بقفـرٍ لا هـدىً فيه!
سبحانَ ربك كم في الموت من عِبرٍ
تلك الكرامةُ.. فضلُ الله يؤتيه!!
الفلكُ تجري لبيتِ الله مُشــرعة
تطوي البحارَ لأمرٍ شاءَ قاضيه!
ومالت الشمسُ في مهلٍ لمغربــها
لم تَدرْ أيَّ نهارٍ سوف تطويه!
“الله ُأكبرُ”.. صاح الكونُ في فَــرحٍ
ورددَ الشيخُ والأنوارُ تُشجيه!
هــزَّ الدعاءُ شراعَ الفُلك وانهمرتْ
مدامعُ الشوقِ للرحمــــن تُـــزجيه!
يا قابلَ التَـوْبِ هذي توبتي فاغفـر
ذنوبَ عبدٍ أتَى والعفـوُ حاديه!
هل فاضتْ الروحُ أم طارت إلى ملأٍ
رأته يدعـــــــــوها همَّـــت تُـلبيه!
أجل أناختْ بدار الخُلد راحــــــلة ٌ
كم حثَّها الشوقُ فاتبَعتْ أغانيه!
في “ليلة القدر” والأبوابُ قد فتحت
تستقبل الضيفَ في فرحٍ تُـحييه!
طُوبَى لعبدٍ أتانا بعدَ مخمَصـــــــــةٍ
فليطلبْ اليومَ ما شاءت أمانيه!
هذا المصيرُ لحادي الركبِ نحسَـبُه
لسنا على الله إجلالا نُزكيه!
فقــرَّ عينا بدار الخلد ولترضَــى
أما الركابُ فإنَّ اللهَ حـــــــاميه
سيبعثُ اللهُ نجما في مشارقنا
يَهدِي القوافلَ.. يُنجيها من التيه!!