ياسر عبده يكتب: لم تقولون ما لا تفعلون
![](https://alomah.net/wp-content/uploads/2024/12/8888.jpg)
ما قيمة الكلمات تَنفع بها غيرك ولا تنتفع بها؟!
ما جدوى الدواء الذي تُطبّب به غيرك وتصرخ أنت من الألم؟!
ما قيمة الكلمات تبُثّها؛ فيقطع بها غيرك المسافات إلى الله وتضلّ عن الطريق!
كثيرًا ما أتمثل بهذه الأبيات مع كل مردودٍ حَسَنٍ لكلمة أُحرّرها، أو شفهًا أذكرها؛ فيَعيَها غيري ويعمل بمقتضاها أكثر مني، وفي النفس من ذلك أنّاتٌ وأنات!
فيُنطقني التَحَسُّرُ بها:
أخَذْتَ بِأَعْضَادِهِمْ إِذْ وَنُوا.. وَخَلَّفَكَ الْجُهْدُ إِذْ أَسْرَعُوا
وَأَصْبَحْتَ تَهْدِي وَلاَ تَهْتَدِي.. وتُسْمِعُ وَعْظًا وَلاَ تَسْمَعُ
فَيَا حَجَرَ الشَّحْذِ حَتَّى مَتَى.. تَسُنُّ الْحَدِيدَ وَلاَ تَقْطَعُ
هذه رسالة أُخَوِّفُ بها نفسي وكل حبيبٍ تَصدَّر لنُصح الناس، والدَّلالة على الخير، وتعبيد الناس لرب الناس.. ثم هو يخالف قوله فعله!
ومَنْ أبطأ عن رَكْبِ الإيمان بعدما زودهم بالزاد!
أدرك نفسك يا أخا فِعْلي قبل أن يطول في أرض الحسرات مُقامك، ولا تكن ممن قيل فيه:
وَغَيْرُ تَقِيٍّ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالتُّقَى.. طَبِيبٌ يُدَاوِي وَالطَّبِيبُ عَليلُ
ولله درُّ الناصح:
يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ.. هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا.. كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا… أَبَداً وَأَنتَ مِن الرَّشادِ عَديمُ
فابدأ بِنَفسِكَ فانهَها عَن غَيِّها… فَإِذا اِنتَهَت عَنهُ فأنتَ حَكيمُ
فَهُناكَ يُقبَلُ ما تَقولُ وَيَهتَدي.. بِالقَولِ منك وَينفَعُ التعليمُ
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتأتيَ مِثلَهُ.. عارٌ عَلَيكَ إِذا فعلتَ عَظيمُ
ستقول لي:
لئن لم يعظِ العاصينَ من هو مذنِبٌ.. فمن يَعِظُ العاصينَ بعد محمدِ
وأقول لك: صدقت؛ ولكن هذا معنى لم أَعْنِه، فذاك شيء لا بد منه،
إنما أعنِكَ أنت يا مُعلّم الناس الخير،
أين تذهب من عتاب الله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ).