يسري الخطيب يكتب: «الأندلس.. بين الخلافة وأُمّة التيه»
اليوم 2 يناير 2023م، مَـرّت 532 سنة على خروج المسلمين من الأندلس..
إنه السقوط الكبير، وبداية (خيط التريكوه).. فقد تتابعت الكوارث، وتوالت الهزائم، وتهاوت عواصمنا، وترجّل الفرسان.. وأصبحنا أمّة “التيه” …
– سيطر المسلمون على الأندلس: (أسبانيا – البرتغال) وليس أسبانيا فقط كما هو شائع للأسف، وكانت تُسمّى شبه جزيرة أيبيريا، لمدة 8 قرون، من سنة 711م حتَّى سنة 1492م ..
– لقد شبع التاريخ الإنساني وارتوَى.. شبع حتى التخمة، وارتوى حتى الثمالة، من المآسي والغرائب والعجائب.. والتاريخ هو ظل الإنسان على الأرض، والأرض هي المسرح الذي لا يألو جهدًا في تبديل الأدوار والمجاميع والأبطال..
ولكنهما: الأرض والتاريخ.. لا يستطيعان أبدًا تغيير الأحداث، وتلوين الظل.
– ويظل عام 1492م، هو العام الفاصل في تاريخ البشرية.. تغيّر فيه وجه العالم كما لم يحدث من قبل..
غربت فيه حضارة الأندلس التي قامت على التسامح والسلام..
وبدأ فيه عصر جديد لحضارة قاسية لا تعرف الرحمة..
أمريكا والأندلس..
بداية ونهاية
شروق وغروب..
ولكن هيهات هيهات.
– في أكتوبر 1492م، أبحر “كريستوفر كولمبس” على ظهر السفينة “سانتا ماريا” وبصحبته سفينتان أصغر حجما هما: «اليذنا» و«البيذتا» وبرفقته 120 رجلا إلى المحيط المجهول..
وكانت تلك هي البداية المعروفة لاكتشاف أمريكا وتدمير حضارة الهنود الحُمر.. اكتشاف الدمار وتدمير المُكتشف!! .
(المكتشف الحقيقي والأول لأمريكا هو القبطان والبحّار، وراسم الخرائط التركي: أحمد محيي الدين بيري، وشهرته: الريّس بيري.. وقد عاش معظم عمره في مصر، وتُوُفيَ في القاهرة، اكتشف الريّس بيري أمريكا قبل كولومبس، بحوالي 27 سنة.. أي في عام 1465م، وقام أيضا برسم خريطة لهذه القارة بدقة عالية، والخريطة موجودة في متحف إسطنبول.. وقّعَ عليها “بيري ريّس” شخصيًا..
لم يقتل الريّس بيري سكان أمريكا الأصليين كما فعل كولومبس وأحفاده، بل نشر الإسلام، وغادرها، فجاء كولومبس ورجاله فحرثوها وقتلوا سكانها، ومحوا تاريخها.. وهذا موضوع آخر سنتحدث فيه لاحقا إن شاء الله)
لقد حكم العرب بلاد الأندلس من 711م حتى 1492م.
(781 سنة).. وليس 5 قرون كما هو شائع..
– كانت الأندلس (أسبانيا + البرتغال) هي القوة العظمى على وجه الأرض، والقطب الأوحد الذي يسيطر على الدنيا، والشمس التي تشع عدلاً وعلمًا ورحمة..
حتى كان الأفول المشؤوم، والاستثناء الوحيد من القاعدة التاريخية التي تقول:
(إن الإسلام إذا بلغ أرضا استقر فيها إلى الأبد).. ولكن الأندلس كانت الاستثناء الوحيد في تاريخ الإسلام..
– وعندما تسلّمت الملكة الكاثوليكية المتعصبة “إيزابيلا دي كاستيلا” آخر مفاتيح الأندلس، وَقّعَت على معاهدة احترام الأديان، ولكنها سرعان ما نقضتها وقتلت كل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله، على أرض الأندلس..
ليخرج الإسلام من هذه الأرض حتى حين.. ولكنه يعود كعادته دائما يزلزل من ظنوه انتهى..
– فقد تزايدت أعداد المسلمين في إسبانيا في السنوات الأخيرة بصورة أزعجت المراقبين الحاقدين، ودكت حصون الكارهين للإسلام في عُقر دارهم..
وتلك هي عبقرية الإسلام..
– أما الملكة “إيزابيلا” فقد فضحها التاريخ بعد أن خرجت الدراسات من أسبانيا وبريطانيا وإيطاليا.. وأعلنت الحقيقة المؤلمة وكشفت السر العظيم..
لقد سقطت الأندلس وقامت أمريكا في نفس العام لأن الملكة “إيزابيلا” استولت على كل أموال المسلمين وممتلكاتهم في الأندلس بعد وقوعها. وموّلَت بها رحلة “كولمبس” لاكتشاف أمريكا..
– أموالنا هي التي اكتشفت أمريكا..
حتى لا ننسى.. نحن الذين دفعنا أجور “كولمبس” ومن معه..
قامت أمريكا على دمائنا وما زالت.. لأنه دورها المرسوم..
ولذا كان لا بد أن تختفي حضارة الإسلام في الأندلس؛ لتظهر حضارة “الكاوبوي” والهمج في أمريكا..
وتستمر اللعبة..