مقالات

يسري الخطيب يكتب: النكسة وتوابعها

1- يقول «محمد حسنين هيكل» في كتابه «الانفجار»: (استوقفني عبد الناصر وأنا أقرأ له مشروع خطاب التنحّي عند الجملة التي ورد فيها تعبير (النكسة) لأول مرة، وهي «لا نستطيع أن نخفي على أنفسنا أننا واجهنا نكسة خطيرة خلال الأيام الأخيرة»، وسألني: لماذا اخترت تعبير نكسة؟ وأضاف أنه «مستريح مع الكلمة» لكنه يريد أن يكون واثقًا من سلامة اختيارها. رد هيكل عليه قائلًا: «توقفتُ كثيرًا قبل أن أستقر عليها، كان أمامي أن أختار بينها وبين (صدمة) ووجدتها أقل من اللازم، و(هزيمة) ووجدتها أسوأ من اللازم، ثم (نكسة) وقد أحسستُ مثلك بأني مستريح معها)

2- قال «جمال عبد الناصر» في خطاب التنحّي الذي كتبه هيكل: (أقول لكم بصدق، وبرغم أية عوامل قد أكون بنيتُ عليها موقفي في الأزمة، فإنني على استعداد لتحمّل المسؤولية كلها، ولقد اتخذتُ قرارًا أريدكم جميعًا أن تساعدوني عليه: لقد قرّرتُ أن أتنحّى تمامًا ونهائيًا عن أي منصبٍ رسمي، وأي دَورٍ سياسي، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدي واجبي معها كأي مواطنٍ آخر)

3- «التاريخ سيجد من يكتب عن مسرحية 9 يونيو التي شاهدتها بنفسي، وشاركني في مشاهدتها كل من: حسن إبراهيم، وعبد اللطيف البغدادي، ولكنه الشعب الطيب، الشعب الساذج».. هكذا قال صراحةً د. رشوان فهمي، نقيب أطباء مصر وأستاذ طب العيون (سامي جوهر، ص218)

4- يروي حسن إبراهيم، عضو مجلس قيادة الثورة، شهادته قائلًا: «حقيقة كانت مسرحية، كنتُ جالسًا في حديقة المنزل برفقة فهمي والبغدادي ننتظر سماع بيان عبد الناصر، وأمامنا جهاز التليفزيون، وبينما نحن جالسين وصلت إلى أسماعنا أصوات جماهير تتحرك وتهتف: «عبد الناصر»، ولم يكن البيان قد أُذيع بعد، أرسلت السائق لاستطلاع الأمر فأبلغنا أن (لوريات) تحمل المئات من الشباب تنزلهم في فناء مدرسة مصر الجديدة الثانوية، على مسافة مائتي متر من منزلي، وبدأ عبد الناصر يذيع بيانه، وعندما جاءت فقرة قراراه بالتنحي، فوجئنا بأصوات الهتافات والمئات الذين كانوا مجتمعين في فناء المدرسة يخرجون راكضين متجهين ناحية منشية البكري حيث منزل الرئيس». (سامي جوهر، ص219)

5- من بين هؤلاء الذين يرون أن مشهد 9 يونيو لا يعدو كونه مسرحية مدبّرة أيضًا، عبد اللطيف البغدادي، أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة، فيقول في مذكراته: «بعد انتهاء خطاب عبد الناصر مباشرةً سمعنا الهتافات، ورأينا تحركات شباب الاتحاد الاشتراكي في الأوتوبيسات واللواري، وهو ما يعني أن الأمر كان مدبّـرًا من قبل». (مذكرات البغدادي، ص301)

6- صدرت الأوامر لعمال مصانع الحديد بحلوان وغزل المحلة، قبل خطاب تنحّي عبد الناصر، للاستعداد والتجمّع.

(عبد الناصر المُفتَرَى عليه والمُفْترِي علينا – أنيس منصور)

(تاريخ بلا وثائق – د. إبراهيم عبده)

7- من (5 يونيو – 10 يونيو 1967م).. انتهت بهزيمة العرب، واحتلال إسرائيل للقدس الشرقية، وهضبة الجولان السورية، وشبه جزيرة سيناء المصرية.

– عبد الناصر هو الذي أضاع القدس بسبب (عنتريته) الفاشلة، و(حنجُوريته) المتغطرِسة، وأوهامه المريضة، في 1967م، ولذا إعادة القدس (دَين) في رقبة الجميع، وأولهم مصر، وليس أهل فلسطين وحدهم، فلا تَلُم بعض العرب والفلسطينيين عندما (يَعشمُون) في مصر.

(لولا عبد الناصر وهزيمة يونيو 1967م، ما ضاعت القدس.. مَن أتلف شيئا فعليه إصلاحه، ومَن أضاع شيئا فعليه استرداده بكل السُّبُل)

8- تبقى أكاذيب الإعلام المصري وثائق تاريخية تفضح تلك المؤسسات ومَن يديرها.

ويظل مذيع النكسة، أحمد سعيد (1925م – 2018م) مؤسس ورئيس إذاعة صوت العرب منذ انطلاقها في 1953م، حتى نكسة 1967م، (14سنة) هو المنافس الأول لـ«هيكل» المصري، و«جوبلز» الألماني، في الضلال والتضليل، وهو يصرخ عبر ميكرفون إذاعة صوت العرب: قواتنا الآن أسقطت من طائرات العدو كذا وكذا، وأننا أصبحنا على مشارف تل أبيب، وقد أوشكنا أن نلقي إسرائيل في البحر.

– تم إبعاد المذيع أحمد سعيد، بعد انتهاء دوره الحنجوري، ولكن مدرسته باقية تتمدّد، وتلاميذه يسيطرون على نوافذ الإعلام للآن.

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى