سلايدرقالوا وقلنا

«يسري جبر»: الشريعة الإسلامية مطبقة في مصر!

جاء في مقطع للمدعو «يسري جبر». وفيه يدَّعي أن الشريعة الإسلامية مطبقة في مصر، وأنه لا يَدَّعي أنها غير مطبقة إلا الإخوانُ والوهابيةُ.. ثم يزعم أن عدم تطبيق الحدود إنما هو بسبب فساد الزمان وعدم الاطمئنان إلى شهادة الشهود، فلذلك تُعتبر القوانين الوضعية نوعاً من العقوبات التعزيرية، انتقلنا إليها بسبب عدم إمكانية الحكم بالعقوبات الشرعية المحددة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ويقول د. عبد الآخر حماد، عضو رابطة علماء المسلمين

هذا كلام في غاية الخطورة، وفيه اتهام لشريعة الله الكاملة بأنها قد انتهت صلاحيتها، فلم تعُد تناسب عصرنا وأحوالنا. وقد سبق لنا مناقشة هذه الدعوى، حينما صرح بمثلها المفتي الدكتور شوقي علام؛ حيث استدللنا بمثل ما ذكره الشيخان أبو زهرة والغزالي رحمهما الله من أن شريعة الله حاكمة فوق كل عرف وفوق كل قانون، وأن المصلحة الحقة هي في إقامة شريعة الله لا في تنحيتها واستبدال غيرها بها .

ثم نقول: إن التعزير كما تعرِّفه كتب الفقه هو التأديب على الجرائم التي لم تشرع فيها الحدود (أي لم يَرِد في عقوبتها نص شرعي). وهذا التعزير يُترَك تقديره للقاضي. ونحن حين نتكلم عن وجوب تحكيم شريعة الله تعالى، لا نتكلم عن مهمة القاضي الذي يُترك له تقدير التعزيرات فيما لا نص فيه . إنما كلامنا عن النص التشريعي الذي يجب أن يكون موافقاً لشريعة الله كما نزلت على سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك ينظر القاضي المؤهل شرعاً،في مسألة ثبوت التهمة من عدمه، كما ينظر في كون هذه الجريمة من جرائم الحدود،أو من جرائم التعزيرات، أو غير ذلك .

وفضيلة المفتي نفسه كثيراً ما يُصدِّق على أحكامٍ بالإعدام، ويذكر في حيثياته أن ذلك الحكم هو من باب القصاص، أو من باب حد الحرابة والإفساد في الأرض، فلِمَ لا يرفض التصديق على تلك الأحكام، مادام يرى أنه لا يُوثَق بشهادة الشهود، وأنه يجب الانتقال إلى التعزيرات؟.

ثم إنه إنْ صح أن يقال مثلُ هذا الكلام في شأن القوانين التي تُعاقب على بعض الجرائم بعقوبات مخالفة لما حددته الشريعة الغراء، فماذا أنتم قائلون في الأمور التي جرَّمها الشرع الحنيف، وأمر بالعقوبة عليها،ومع ذلك لا يعتبرها القانون الوضعي جريمة أصلاً؟.

فشرب الخمر مثلاً لا يعتبر في نظر القانون جريمةً إلا إذا ترتب عليه السُّكْر في مكان عام.

ومعنى ذلك أن من شرب الخمر ولم يسكر فلا عقوبة عليه. وكذا من سكر في بيته وليس في مكان عام لا عقوبة عليه، وذلك لأننا نعلم أن القاعدة عند أهل القانون أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فهذا حد شرعي لا أنتم أقمتموه،ولا أنتم  استبدلتم به شيئاً مما تسمونه تعزيرات .

وكذلك الحال في جريمة الزنا فإن قانون العقوبات المصري يخلو من نص يجرِّم الزنا إذا وقع بين غير متزوجَيْن،وكان برضا المزني بها،وقد جاوزت الثامنة عشرة.

وعليه فلا يعتبر ذلك جريمة، ولا عقوبة فيه لا بحد ولا بتعزير، مع أنه في حكم الشرع جريمة فيها حد شرعي.

وكذا إذا وقع الزنا من الزوج في غير منزل الزوجية فإنه ليس بجريمة ولا عقوبة عليه في قانون العقوبات المصري. كما أن الزنا إذا وقع من الزوجة برضا زوجها فإنه لا يعد جريمة يعاقَب عليها لأن المادة الثالثة والسبعين بعد المئتين من قانون العقوبات تنص على أنه : (لا تجوز محاكمة الزانية إلا بناء على دعوى زوجها…) . فأين التعزيرات يا أصحاب دعوى التعزيرات؟!.

د. عبد الآخر حماد

عضو رابطة علماء المسلمين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى