مقالات

أحمد هلال يكتب: تطوير خطة التهجير

لا تزال تبعات الضربة الإستباقية التي أعطت حماس اليد الطولى في ساحة المواجهة تلقي بظلالها على المشهد السياسي الإقليمي والدولي.

ولا تزال المقاومة تبدع في التفوق والنجاح وتتحكم في المعركة وتبعاتها؛ رغم القصف اللاإنساني الذي تتعرض له غزة بجميع قطاعاتها المدنية من مستشفيات ومدارس وبنايات سكنية مدنية،من دون تحقيق مكاسب عسكرية تعيد للجيش الإسرائيلي المنهزم شيئا من سمعته المهدورة!!

ارتفاع سقف التصريحات بالقضاء على حماس وحركات المقاومة أصبح غير مقنعا وكافيا للداخل الإسرائيلي،حيث أن التظاهرات تشتعل بالداخل تطلب وقف الحرب واستعادة الأسرى بأي ثمن حتى ولو أدى الأمر إلى استبدالهم مقابل رأس نتنياهو نفسه حسب ما جاء في التظاهرات.

على الصعيد الميداني حاولت مجموعة قتالية إسرائيلية القيام بعملية اقتحام بري مدعومة بقوات خاصة أمريكية لكنها قوبلت بمقاومة عنيفة وعنيدة من داخل غزة أوقفت تلك القوة التي هربت تاركة دبابة وجرافة؛ وأعيدت المحاولة مرة أخرى لكنها فشلت فشلا ذريعا!!

نتنياهو يتاجر بعساكره ويهرب إلى الأمام باستمرارية القصف الجوي لغزة ومحاولات حثيثة للضغط على أهل غزة وإحداث حالة من الفوضى والسخط ضد المقاومة ولجوء عدد كبير من سكان غزة للبحث عن بديل آمن نحو الحدود مع مصر وتفريغ غزة من سكانها والتخلص من صداع المقاومة.

وفي تطور متسارع وبعد عدم قناعة الجانب المصري بخطة التهجير ورفض المخابرات العسكرية لخطة التهجير؛تم تطوير العرض بتهجير سكان غزة داخل المدن المصرية ودمجهم في المجتمع المصري؛حيث

كشف معهد «مسغاف» الإسرائيلي لبحوث الأمن القومي للإستراتيجية الصهيونية، تفاصيل للخطة الإسرائيلية المرتقبة لتهجير كافة سكان قطاع غزة وتوطينهم داخل مصر وحتى في مدن بالقاهرة، مقابل مساعدات اقتصادية وصفت أنها غير مسبوقة، في ظل ما قالت إنه فرصة دولية وإقليمية مواتية.

ويقول صاحب الدراسة المحلل الإستراتيجي أمير ويتمان إن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر ستكون ورقة يمكن التعويل عليها لإقناعها بمخطط التهجير مقابل امتيازات مادية ضخمة.

ونشر المعهد الخطة عبر دراسة تحت عنوان «خطة التوطين والتأهيل النهائي في مصر لجميع سكان غزة: الجوانب الاقتصادية».

هناك حالياً فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بالكامل بالتعاون مع الحكومة المصرية. حيث أن هناك حاجة إلى خطة فورية وواقعية ومستدامة لإعادة التوطين وإعادة التأهيل الإنساني لجميع السكان العرب في قطاع غزة، والتي تتوافق بشكل جيد مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لإسرائيل ومصر والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

كما كشفت نفس الدراسة أن إسرائيل ستستغل أرض غزة بعد تفريغها من سكانها للاستثمار فيها من خلال بناء مستوطنات ومجمعات سكنية عالية الجودة للإسرائيليين ما سيعطي زخما هائلا للاستيطان في النقب.

وزعم أمير ويتمان في الدراسة أن السعودية ستكون مستفيدة من الخطة بإبعاد حليف لإيران، في إشارة إلى حركة حماس واستغلال سكان غزة كعمالة قائلا «عدد لا بأس به من سكان غزة سيغتنمون فرصة العيش في دولة غنية ومتقدمة مثل السعودية بدلاً من الاستمرار في العيش في ظل الفقر تحت حكم حماس».

ويتحدث ويتمان عن اتفاق قريب وممكن خلال أيام بين مصر وإسرائيل، قائلاً إن القاهرة يمكن أن تستقبل 2 مليون فلسطيني أي نحو 2 في المائة من إجمالي الشعب المصري.

ولم تكتفي الدراسة بالبعد النظري بل تعدى ذلك إلى معلومات بتحديد المدن المصرية التي يمكنها استقبال المهجرين وعدد الشقق المبنية والفارغة المملوكة للحكومة والقطاع الخاص والتكلفة الفعلية لتنفيذ الخطة البديلة.

حيث ذكرت انه في عام 2017، أشارت التقارير إلى أن هناك حوالي 10 ملايين وحدة سكنية خالية في مصر، نصفها تقريباً قيد الإنشاء والنصف الآخر تحت الإنشاء. على سبيل المثال، في أكبر مدينتين تابعتين للقاهرة، «السادس من أكتوبر» و«العاشر من رمضان»، هناك كمية هائلة من الشقق المبنية والفارغة المملوكة للحكومة والقطاع الخاص.

ومساحات البناء تكفي لإيواء حوالي 6 أشخاص في الوحدة السكنية الواحدة مما يعني أنها قد تكفي لمليون نسمة وهو نصف سكان غزة.

  • يبلغ متوسط تكلفة شقة مكونة من 3 غرف بمساحة 95 متراً مربعاً لأسرة غزية متوسطة مكونة من حوالي 5.14 فرداً في إحدى المدينتين المذكورتين أعلاه، حوالي 19 ألف دولار.

ومع الأخذ بعين الاعتبار العدد المعروف حالياً لمجموع السكان الذين يعيشون في قطاع غزة، والذي يتراوح بين 1.4 و2.2 مليون نسمة، يمكن تقدير إجمالي المبلغ الذي سيتوجب تحويله إلى مصر لتمويل المشروع، سيكون في حدود 5 إلى 8 مليارات دولار.

وتطرقت الخطة أيضا إلى إرضاء غرور وتطلعات السيسي عن طريق ضخ مالي مباشر لإنقاذ حالة التدهور الاقتصادية في مصر بمبلغ من 20 إلى 30 مليار دولار!!

ويبدو أن السيسي قد التقط الإشارة سريعا، حيث صرح اللواء شريف جودة قائد الجيش الثالث الميداني يقول أن قواته «اليوم في أعلى درجات الاستعداد القتالي وجاهزة لطي الأرض في نطاق مسؤوليتها أو في أي مكان آخر يتم تكليفها بالانطلاق إليه للحفاظ على أمن الوطن وضد كل من يحاول العبث بمقدرات الوطن».. فما هي وجهته القادمة ؟ومن المعلوم أن نطاق مهمة الجيش الثالث الميداني المصري تأمين نطاقات واسعة من المنطقة الشرقية وحتى الحدود مع فلسطين المحتلة.

ورغم ذلك لا يزال العرض غير مقنعا للسيسي من حيث العائد المادي رغم ان الخطة بعد تطويرها ربما تكون مقنعة للمخابرات العسكرية المصرية!!

  • وحيث أنني لا أثق في تصريحات السيسي ولا نواياه وفي نفس الوقت وحسب تصريحات السيسي فإنه متفق ضمنا علي القضاء على المقاومة وقد طرح خطط بديلة عبر تهجير إلى صحراء النقب وتأكيده انه القضاء على المقاومة سوف يستغرق سنوات طوال!!

– هل يعد هذا التصريح تلميحا لإمكانية القيام بمهام قتالية في قطاع غزة؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هي طبيعة المهمة التي يمكن أن يقوم بها، هل تكون في مواجهة الاحتلال أم في مواجهة المقاومة أم في إطار قوات دولية مشتركة؟

هل تم الاتفاق على تكرار سيناريو غزو العراق من جديد؟؟

– هل لهذا التصريح علاقة بتصريحات بايدن الأخيرة والتي أشار فيها لمعركة الموصل التي تمت من خلال قوات مشتركة واكتفت الولايات المتحدة بالحماية الجوية؟

الرئيس الأمريكي بايدن يصرح بأن الهجوم المطلوب على غزة ينبغي أن يكون أقرب لما حدث في الموصل عام 2016 م ، وليس الفلوجة 2004 م .. فماذا يقصد بهذا التصريح؟

هل تقود الولايات المتحدة الأمريكية قوات عربية للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية؟.

– الهجوم الأمريكي على الموصل عام 2016 م استهدف مواقع داعش بتحرك مشترك بين القوات الحكومية العراقية والميليشيات المتحالفة معها، وقوات كردستان العراق، وقوات برية أمريكية محدودة، ودعم جوي من الولايات المتحدة ودول التحالف.

– الهجوم الأمريكي على الفلوجة عام 2004 م كان محاولة فاشلة للجيش الأمريكي للمدينة بعد مقتل 4 جنود أمريكان وعلقت جثثهم على نهر الفرات ، وتكبدت الولايات المتحدة خسائر هائلة في المعركة.

 تصريح بايدن:

– يعطي الضوء الأخضر للتعاون مع جهات أخرى للتخلص من المقاومة في غزة دون أن يتورط الأمريكان وربما الكيان الصهيوني في معركة مواجهة مباشرة مع المقاومة.

المشهد السياسي الإقليمي والدولي أصبح بالغ التعثر والتعقيد حيث أن شرارة الحرب أصبحت تطال جميع القوى في المنطقة بل ربما تتطور إلى حرب إقليميًّة دولية اذا لم تتخذ كل دولة قراراها الصحيح في مواجهة موسعة لوقف تدهور الحالة الميدانية للمواجهة.

إنتهاء حركة المقاومة الإسلامية والقضاء عليها يعني بالتبعية الإنتقال للتخلص من محور المقاومة الذي يهدد وجود إسرائيل بما يعني تمكين إسرائيل وتثبيت أركانها كقوة عظمى في المنطقة يمكنها ابتلاع أجزاء كبيرة من الأردن ومصر ولبنان.

ومع التغير في الموقف التركي يدخل الصراع مرحلة جديدة يحددها أثر الضغط على قطاع غزة ومدى قدرة المقاومة على الاستمرار والتحكم في ساحة المعركة.

ولا يزال للمقاومة رأي آخر رغم كل الترتيبات والتجهيزات والتحضيرات.

وللقصة بقية

أحمد هلال

 حقوقي وكاتب مصري

أحمد هلال

حقوقي وكاتب مصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى