السَّلامُ عليكم أيها الصَّحبُ:
لا جديد يُذكر، غير أن القديم يجب أن يُعاد!
كُلُّ شيءٍ يسيرُ وفقَ الخُطَّة، والخُطى مدروسة، والسِّجالُ على قدمٍ وسَاقٍ، والقوة الرَّمي! قذائف الهاون عند معبر كرم أبو سالم البارحة أخبرتنا أنَّ مقلاع داود عليه السلام ما زال بإمكانه أن يُصيب جالوتَ في مقتل، ذلك، وما رميتَ إذ رميتَ ولكنَّ الله رمى!
أيها الصَّحبُ:
إنَّ الزَّمان يستديرُ على النحو الذي تُحبُّون! فلا يغرَّنكم صوتُ الباطلِ إذ علا، إنَّ الطبلَ أعلى الآلات الموسيقية صوتاً لأنه أجوف، والحقُّ ليس أخرسَ البتَّة، ولكنه يهمسُ بقول ربكم: إن الله اشترى!
القصة القديمة تُعاد، أبو جهلٍ يرعِدُ ويزبدُ عند دار الندوة، يقرأ ما يمليه عليه الشيطان، أما النبيُّ ﷺ فيُرتّلُ في صوتٍ خافتٍ في دار الأرقم: سيُهزمُ الجَمعُ ويولون الدُّبر!
وانهزمَ الجمعُ، أبو جهل جيفة في قليب بدر، والنبيُّ ﷺ في سِدرة المُنتهى!
أيها الصَّحبُ:
إن شجرة الدُّباء تهيجُ بسرعة، وتبلغُ العنان في سنة، ولكن ساقها هزيل، وجذورها هشَّة، أما النخلة فتنبتُ على مهل، بساقٍ صلبٍ، وجذورٍ قاسية!
ثم إذا جاء الشتاء لم تتحمل شجرة الدُّباء جولة، ولكنَّ النخلة تبقى منتصبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء!
الاتجاه أهم من السُّرعة، فلا تعجلوا!
أيها الصَّحبُ:
لكم أن تتخيلوا أن النبيَّ ﷺ خرج متخفياً من مكة رفقة أبي بكر، ولكنه عاد ودخلها بجيشه في وضح النهار، ومن أبوابها الأربعة!
إن الله لا يعجل بعجلة أحدكم، ولكم أن تتخيلوا ذاك الصوتُ العذبُ يقعُ في أذن صاحبه: يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا!
ومن كان الله معه فسينجو ولو أطبقت السماء على الأرض!
أيها الصَّحبُ:
إنه الخندقُ مجدداً، المشركون والمنافقون واليهود، أجمعوا أمرهم ثم جاؤوا صفاً!
وحين بلغت قلوب المسلمين الحناجر نصرهم الله بالريح لا بالخندق!
النَّفق سبب ليس إلا وقد أبدعتم باتخاذ السبب، وقذيفة الياسين لا تصيب وحدها وإنما بتوفيق الله وقد اشتدَّ عود رميكم، والصاروخ أعمى وإن كانت إحداثياته بأيديكم، ولكننا نرمي باسم الله!
أيها الصَّحبُ:
للذي تشهدون هو الذي خرجتم من بيوتكم تطلبون، نصراً أو شهادة، وما اختاره الله لنا كان أحبّ إلينا!
هذه الدنيا دار مجاهدة ومجالدة، دم وأشلاء، إنفاق وتعب، خذلان ووحدة، وليس وحيداً من كان الله معه وإن تركه كل الناس!
تذكروا لحظة الإنفاق ربح البيع أبا يحيى!
وتذكروا لحظة النفير كُن أبا خيثمة!
وتذكروا لحظة وداع الرفاق مشهد مصعب بن عمير ولا كفن له يستره!
وتذكروا لحظة الجراح يد طلحة بن عبيد الله شلّاء وقد وقى بها النبيّ ﷺ
وتذكروا أن لا عُذر وعمرو بن الجموع وطأ بعرجته الجنة!
أيها الصّحبُ:
كما أقولُ لكم دوماً: هذه الدنيا تتغير بشكل سريع، وموازين القِوى تميلُ دفَّتُها نحونا بشكلٍ لم نكن نتوقعه، نحن أقوى مما يظنُّ هذا العالم، أقوى بكثير، أقوى بالله أولاً، وبكم ثانياً، وقد اقترب الوعد الحق، فلا تبرحوا أماكنكم!