إياد العطية يكتب: ضوابط النصر على اليهود
بما أن المرحلة تتسارع فيها الأحداث فلا يحتمل المقال الدخول بالمقدمات، لذا نبدأ بالملخص أولًا ثم ندخل للتفاصيل.
هنالك أربعة مسارات إستراتيجية لا بد أن يتم التركيز عليها في الحرب مع اليهود:
1- سحب العدو لميدان حرب الشوارع والالتحام معه وصولًا للمسافة صفر.
2- إطالة زخم المعارك وكسب الوقت.
3-. التكثيف الإعلامي وتحصيل تأييد الشعوب العالمية.
4- فتح الجبهة البحرية واستهداف البارجات والسفن.
أما ضوابط النصر في الحرب مع اليهود فتعتمد على محورين اثنين لا ثالث لهما تندرج تحتهما كل الاستراتيجيات والخطط والتكتيكات العسكرية.
المحور الأول:
حُسن التوكل على الله، يصاحبه يقين تام بنصر الله تعالى لعباده المؤمنين، وتحقيق وعده باستحلافهم في أرضه والتمكين لهم: ﴿وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا…﴾
وقي ذات السياق القرآني تأتي السنة النبوية لتحدد لنا بقعة الصراع المكاني المستمر، وشكل المعركة، وطبيعة المقاتلين فيها، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد قال النبي ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا وأين هم قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس»
وعلى ما تقدم فإن ملخص ما جاء في آيات الله تعالى وأحاديث نبيه ﷺ في هذا المحور ما يلي:
1- وعد من الله ﷻ لعباده المؤمنين بالنصر والاستخلاف في الأرض.
2- بين النبي ﷺ مكان المعارك التي سوف تدور رحاها حتى يتحقق نصر الله وهو بيت المقدس واكناف بيت المقدس، ولا شك أن غزة وعموم فلسطين تدخل في هذا المكان إن لم تكن في قلبه.
3- كما بين النبي ﷺ شكل الطائفة التي تقاتل هناك وبعض من صفاتها، وهي طائفة متمسكة بدينها، قاهرة لعدوها، لا يضرها من خالفا أو خذلها أو أعان عليها، وهي مستمرة في ثباتها، مواصلة لقتالها لليهود ومن حالفهم حتى يأتي أمر الله ويتحقق وعده بالنصر.
ووفق هذا التصور بوعد الله تعالى بالنصر والتمكين وما بينه النبي ﷺ عن صمود هذه الطائفة في هذا المكان الطاهر المقدس وما حوله تتشكل عقيدة المقاتل المسلم في هذه البقعة من الأرض، فقتاله إما نصر أو شهادة وفي كلاهما خير، قال أبو عبيدة: «وإنه لجهاد نصر أو استشهاد»، وهي من أهم العناصر الثابتة في المعارك، وعامل في غاية الأهمية لحسم النتيجة واستحصال النصر.
المحور الثاني:
لأخذ بالأسباب كاملة ومنها حُسن التخطيط للحرب وكيفية إدارتها في جانبيها العسكري والإعلامي واستثمار نجاح المسارين سياسيًا.
وهذا المحور مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمحور الأول، فإن من حُسن التوكل على الله هو الأخذ بالأسباب، وحُسن التخطيط والتدبير.
وحتى نحُسن التخطيط للحرب بشكل جيد ونضع تكتيكًا عسكريًا يناسب المعركة، لابد لنا من معرفة نفسية العدو وعقيدته بشكل تفصيلي ودقيق، حينها يسهُل علينا معرفة نقاط ضعفه وأين تكمن قوته، وقد أخبرنا الله تعالى عن اليهود ما يغنينا أن نبحث عنهم عند غيره، “ومن أصدق من الله حديثًا” وهنا نذكر بعض صفات اليهود التي ذكرها القرآن الكريم وعلى ضوئها ممكن وضع خطط الحرب التي تناسب نفسية العدو وطبيعة تركيبته وفق المسارات الأربعة التي ذكرناها:
1- الجبن والخور:
هذه الصفة متجذرة فيهم، ومتمكنة منهم في سلمهم وحربهم يعالجونها في الحروب بالتركيز الدائم على الهجمات السريعة والضربات الخاطفة، ويتجنبون المواجهة العسكرية على الأرض بسبب هذا الجبن الذي سيطر عليهم بعد أن ختم الله تعالى به على قلوبهم منذ أن خذلوا نبي الله موسى، وجحدوا نعم الله عليهم فقالوا له: ﴿قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون﴾
فأورثهم الله تعالى هذا الجبن الذي يمنعهم من مواجهة المؤمنين في ساحات القتال وجه لوجه ويحرصون على القتال عن بُعد، من خلال القصف المكثف بالطائرات والصواريخ وقد أخبرنا الله تعالى عن صفتهم هذه في القرآن فقال: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾
وهذه الصفة المترسخة فيهم يمكن استثمارها في خطط الحرب، بجعل تكتيك المعركة هو سحب العدو لحرب الشوارع وصولًا للالتحام والاشتباك معه بمسافة صفر ومقاتلته بالسلاح الأبيض، وهذا التكتيك لن يستطيع اليهود الصمود فيه بسبب جبنهم وخوفهم من المواجه، فقد اعتادوا على حروب التكنلوجيا وإطلاق الصواريخ من مسافات بعيدة، وهو ما ذكرناه في المسار الأول.
2- البخل وحب الدنيا:
وهي صفة لازمت اليهود قديمًا وحديثًا وقد ذمهم الله لهذه الصفة فقال عنهم: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾ وبقدر حرصهم على الدنيا وهروبهم من الموت وتخاذلهم وخوفهم من المواجهة العسكرية، تقابلها إقدام المجاهدين على الموت بعقيدة ويقين إما النصر أو الشهادة.
وهذه الصفة أيضًا ممكن استثمارها في التكتيك العسكري، وقد اشار إليها النبي في الحديث الذي اوردناه بقوله: “حتى يأتي أمر الله”، وهي إشارة إلى إدامة زخم المعارك واطالتها, وهو تكتيك تعجز إسرائيل عن الصمود فيه بما يلحقها من أضرار اقتصادية كبيرة، فقد اشارت بعض التقارير أن فاتورة معركة “طوفان الأقصى” بلغت أرقامًا مهولة جعلت إسرائيل تقترض أموالًا بفوائد عالية جدًا لتغطية كلفة الحرب مما انعكس سلبًا على اقتصادها، ومن المرجح أن كبار شركاتها ستعلن افلاسها بسبب هذه الحرب قريبًا بإذن الله، فكلما زادت كلفة الحرب من خلال إدامة زخم المعارك فيها كلما اقتربنا من ساعة النصر والحسم، وهو مضمون المسار الثاني الذي أشرنا إليه في صدر المقال.
3- التفرق والاختلاف: ﴿تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ﴾
وهذه الصفة أيضًا لا بد من استثمارها، فهم مشتتين مختلفين متنازعين تجمعهم عداوتهم للإسلام وأهله، فكلما كثفنا العمل الاعلامي، وفضحنا أفعالهم، وكشفنا إجرامهم زادت الفجوة والهوة بين القيادة وقواعدها، حتى يذب الله الخلاف بينهم، فيزيد تخبطهم، وتكثر اخطائهم، وتتعثر مسيرتهم.
في هذا المسار الثالث الذي رأينا تأثيره على العالم أجمع، قد أحييت غزة ضمائر شعوب العالم أجمع، وعرت الصهاينة وفضحت مشاريعهم، واظهرت الوجه القبيح للنظام الدولي ومعه بعض شياطين العرب وهم يدعمون بوقاحة هذا النظام الدموي، الذي لا يفرق في قصفه لغزة بين المقاتل المحارب وبين طفل رضيع أو شيخ عاجز أو امرأة ضعيفة.
هذا المسار سوف يقلب موازين الحكم في العالم، بعد أن يخلق تيارًا عريضًا عند الشعوب للإطاحة بأنظمتها المتعجرفة بعد بان نفاقها وكذبها الصريح على شعوبها بعد أن دعمت وأيدت هذا العدوان السافر ومصادرة حق شعب فلسطين في أرضه.
وفي المسار الرابع؛ لا بد من تنوع التكتيك وفتح الجبهة البحرية واستهداف السفن والبارجات، فهذا التكتيك سوف يقلب موازين الحرب ويحسم المعركة لصالح المسلمين، بخاصة وأن باستطاعة الأمة المشاركة فيه في أكثر من جهة فالبحر مطل على دول كثيرة ممكن النفوذ منها ومهاجمة البوارج والسفن.
وختامًا في هذا المقال نقلنا جانبًا من التكتيك الذي عمل عليه المجاهدون في غزة وعموم بيت المقدس، وهذا ما يعكسه تحركهم في الميدان ليطابق ما جاء في هذا المقال، وإلا فلن يجرأ أحدنا أن يُنظر لأهل الثغور وأسود الجهاد.