وقّع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي ونظيره البريطاني كير ستارمر اتفاقية تجارة حرة تاريخية تمثل نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين البلدين. تأتي هذه الاتفاقية بعد مفاوضات مكثفة استمرت لسنوات، بدأت عقب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست) عام 2020، بهدف تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة. تشير التقديرات إلى أن الاتفاقية ستزيد حجم التجارة الثنائية بنحو 25.5 مليار جنيه إسترليني (حوالي 34 مليار دولار) بحلول عام 2040، مما يعزز الشراكة الاقتصادية ويدعم النمو المستدام في كلا البلدين.
السياق التاريخي تتمتع الهند والمملكة المتحدة بعلاقات اقتصادية وثقافية طويلة الأمد، ترجع جذورها إلى الفترة الاستعمارية. بعد الاستقلال الهندي عام 1947، تطورت العلاقات إلى شراكة تجارية حديثة. قبل الاتفاقية، كان حجم التجارة الثنائية يقدر بحوالي 20 مليار دولار سنويًا، حيث تصدر الهند النسيج، المجوهرات، والأدوية، بينما تصدر بريطانيا السيارات، المشروبات الكحولية، والخدمات المالية. ومع ذلك، شكلت الرسوم الجمركية العالية والحواجز التنظيمية عائقًا أمام التوسع التجاري. جاءت الاتفاقية لتذليل هذه العقبات، مستفيدة من استقلال بريطانيا التجاري بعد بريكست لإبرام صفقات تجارية جديدة.
تفاصيل الاتفاقية تشمل الاتفاقية عدة محاور رئيسية تهدف إلى تحسين التجارة والتعاون:
خفض الرسوم الجمركية: سيتم إلغاء الرسوم تدريجيًا على 90% من السلع خلال عقد، بما في ذلك السيارات البريطانية، الويسكي الإسكتلندي، والمنتجات الزراعية الهندية مثل الأرز والتوابل.
الضمان الاجتماعي: ترتيبات لتجنب الازدواج الضريبي للعمال المؤقتين، مما يسهل تنقل المواهب بين البلدين.
التعاون القطاعي: تعزيز الاستثمارات في التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، مع دعم خاص للشركات الصغيرة والمتوسطة.
الوصول إلى الأسواق: فتح السوق الهندية للخدمات البريطانية مثل التأمين، وتسهيل دخول المنتجات الهندية إلى السوق البريطانية.
الأثر الاقتصادي المتوقع تُظهر التوقعات أن الاتفاقية ستحقق فوائد اقتصادية كبيرة:
زيادة الصادرات: ستشهد الهند ارتفاعًا في صادرات النسيج، المجوهرات، والأدوية، بينما ستعزز بريطانيا صادراتها من السيارات والمشروبات الكحولية.
خلق فرص العمل: من المتوقع خلق آلاف الوظائف في قطاعات التصنيع والخدمات في كلا البلدين.
النمو الاقتصادي: ستدعم الاتفاقية النمو في ظل التحديات العالمية مثل التضخم وتذبذب أسعار الطاقة.
تعزيز الابتكار: التعاون في التكنولوجيا والطاقة النظيفة سيسهم في تطوير حلول مستدامة.
التحديات المستقبلية تواجه الاتفاقية تحديات تحتاج إلى معالجة:
الاختلافات التنظيمية: مواءمة المعايير في مجالات مثل سلامة المنتجات والملكية الفكرية أمر ضروري.
البنية التحتية: تتطلب زيادة التجارة استثمارات في الموانئ، النقل اللوجستي، وسلاسل التوريد.
الاستدامة: يجب أن تلتزم الاتفاقية بالمعايير البيئية لدعم أهداف التنمية المستدامة.
المنافسة العالمية: يتعين على البلدين مواجهة المنافسة من اقتصادات أخرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي.
تُعد اتفاقية التجارة الحرة بين الهند والمملكة المتحدة إنجازًا بارزًا يعزز الشراكة الاقتصادية بين البلدين. من خلال خفض الحواجز التجارية وتعزيز التعاون في القطاعات الحيوية، تُمهد الاتفاقية الطريق لنمو اقتصادي مستدام، زيادة الصادرات، وخلق فرص عمل. ومع ذلك، يتطلب النجاح التعامل مع التحديات التنظيمية والبنية التحتية، مع ضمان الالتزام بالمعايير البيئية. يُوصى بمراقبة تنفيذ الاتفاقية وتقييم تأثيرها بشكل دوري لضمان تحقيق الأهداف المنشودة.