في الوقت الذي يرفع فيه المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان صوته عاليًا دفاعًا عن المدنيين في غزة، تشهد القارة الأوروبية موجة متصاعدة من جرائم الكراهية ضد المسلمين. هذا التناقض يكشف عن ازدواجية معايير واضحة، حيث يبدو أن حقوق الإنسان تُمنح للمسلم فقط إذا كان خارج حدود الاتحاد الأوروبي، بينما يُعامل كتهديد داخلها.
موقف المجلس الأوروبي من الحرب في غزة: جدد المجلس دعوته لإنهاء العنف في غزة، مؤكدًا التزامه بحماية المدنيين، بما فيهم المسلمون، وضرورة ضبط خطاب الكراهية. لكنه اكتفى ببيانات عامة دون تحديد طبيعة الخطاب أو مرتكبيه.
تصاعد الكراهية ضد المسلمين في أوروبا: وفقًا لتقرير وكالة الحقوق الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي (FRA) في مايو 2025، فإن 47% من المسلمين في أوروبا يشعرون بأنهم مستهدفون من الشرطة بسبب هويتهم الدينية، وأفاد واحد من كل ثلاثة بتعرضه لمضايقات لفظية أو جسدية خلال السنوات الثلاث الماضية. في فرنسا، ارتفعت البلاغات المرتبطة بالإسلاموفوبيا بنسبة 38% منذ أكتوبر 2023، وفقًا للمرصد الوطني لمناهضة الكراهية.
يدين المجلس الأوروبي العنف ضد المسلمين في غزة، لكنه يتجاهل أو يقلل من أهمية حماية المسلمين داخل أوروبا من حملات التحريض الإعلامي، مداهمات المساجد، والمضايقات في العمل والمدارس. هذا التناقض يعكس فجوة بين الخطاب الحقوقي المعلن والممارسات الفعلية، مما يقوض مصداقية المؤسسات الأوروبية.
لاحظ نشطاء حقوق الإنسان أن تصاعد القصف الإسرائيلي على غزة ترافق مع زيادة في التعليقات العنصرية على منصات التواصل الاجتماعي، وارتفاع في البلاغات ضد المسلمين في مدن أوروبية كبرى مثل باريس وبرلين. رصد “مركز رصد الإسلاموفوبيا الأوروبي” ارتفاعًا بثلاثة أضعاف في البلاغات ضد المسلمين خلال أسبوعين من بدء العدوان على غزة، مما يشير إلى أن الحرب الخارجية تُستخدم كذريعة لتأجيج الكراهية الداخلية.
يروي أفراد مثل رنا، طالبة قانون في بروكسل، شعورهم بالتهميش: “في كل مرة أخرج بالحجاب، أشعر أن عليّ أن أُثبت أني إنسانة طبيعية. القانون لا يحميني، والمجتمع يتعامل مع هويتي كقضية يجب تبريرها.” هذا الشعور بالتمييز يعزز انعدام الثقة في المؤسسات الأوروبية، حيث يُنظر إلى المسلم كتهديد في بروكسل بينما يُعامل كضحية في غزة.
كيف يمكن لمؤسسة كالمجلس الأوروبي أن تطالب بحماية مسلمي غزة من الاحتلال، بينما تسكت عن شرطي يوقف مسلمًا في هامبورغ لأنه “ذو لحية”؟ هل حقوق الإنسان تُفصّل على مقاس الموقع الجغرافي أم حسب المصلحة السياسية؟ هذا التناقض يضع الخطاب الحقوقي الأوروبي في مأزق، حيث يُستخدم كديكور أخلاقي عند الحديث عن الشرق الأوسط، دون تطبيقه داخليًا.
إن كان للمسلمين حق في الحياة بغزة، فلهم حق في الكرامة في أمستردام. إذا كانت أوروبا جادة في خطابها الحقوقي، فعليها أن تبدأ بحماية مواطنيها المسلمين من الكراهية والتمييز، لا أن تستخدم هذا الخطاب كواجهة أخلاقية للعرض الخارجي. حتى تُثبت أوروبا العكس، سيبقى خطابها الحقوقي فارغًا، مليئًا بالتناقضات، وفاقدًا للمصداقية.