يمتدّ تاريخ الأدب العربي في ليبيا جذوره إلى عصور بعيدة، حيث كانت الصحراء الليبية وواحاتها وموانئها شاهدة على ميلاد نصوص شعرية شفهية حفظها الرواة، ثم تطوّرت لاحقًا مع دخول الإسلام إلى أشكال أدبية مكتوبة تركت أثرًا في الثقافة العربية.
وفي القرن العشرين، ومع تحوّلات الاستعمار والاستقلال، شهدت ليبيا بروز أصوات أدبية مميزة في الشعر، والقصة، والرواية، والفكر، أسهمت في رسم ملامح الهوية الثقافية الوطنية.
الشعر الليبي: صدى الصحراء وصوت الأمة
ظل الشعر أحد أعمدة الأدب الليبي، سواء في شكله الفصيح أو الشعبي (النبطي). وقد اشتهرت ليبيا عبر العصور بشعرائها الذين جمعوا بين الحس الوطني والبعد القومي، ومن أبرزهم:
رجب بوحويش وراشد الزبير السنوسي، في مرحلة مقاومة الاستعمار الإيطالي.
علي الفزاني، الذي يُعد من رواد الشعر الحر في ليبيا، وامتزج شعره بين التجريب والهمّ الوطني.
أحمد رفيق المهدوي، الملقّب بـ”شاعر الوطن”، وقد نظم شعرًا وطنيًا قويًا إبان الاحتلال الإيطالي.
خالد زغبية وصالح قادربوه، من الأصوات الشعرية الحديثة ذات النزعة التجديدية.
القصة والرواية: سرد التحوّلات والمجتمع
برز كتّاب القصة والرواية في ليبيا منذ منتصف القرن العشرين، مع تطوّر التعليم وتوسّع الصحافة. ومن أبرز الأسماء:
أحمد إبراهيم الفقيه، من أبرز الروائيين الليبيين، وله ثلاثية شهيرة “سيرة مدينة”، تُعد من علامات السرد العربي.
إبراهيم الكوني، ابن الصحراء، الذي نقل الأدب الليبي إلى العالمية، وكتب عن الصحراء والوجود والإنسان بلغة أسطورية فريدة.
محمد الأصفر، الكاتب الذي مزج بين الواقع والفانتازيا الاجتماعية.
نجوى بن شتوان، التي وصلت إلى القوائم القصيرة في الجوائز العالمية، وتناولت في أعمالها التاريخ والمجتمع من منظور نسوي نقدي.
المفكرون والمثقفون: العقل الليبي في قلب قضايا الأمة
إلى جانب الإبداع الأدبي، برز في ليبيا عدد من المفكرين والباحثين الذين أثّروا في الفكر العربي والإسلامي، من أبرزهم:
الدكتور علي الصلابي، الذي عُرف بأعماله التاريخية والفكرية عن التاريخ الإسلامي والخلفاء والنهضة، وله حضور واسع في الساحة العربية.
الشيخ عمر المختار، رغم أنه لم يكن كاتبًا، فإن أثره في الوعي الأدبي والسياسي حاضر في عدد كبير من الأعمال الأدبية الليبية.
الصادق النيهوم، المفكر والكاتب الفلسفي الذي تناول قضايا الدين والمجتمع والحرية بأسلوب جريء وكتابات مثيرة للجدل.
فرج نجم وعوض البرعصي، من الباحثين والكتّاب الذين اهتموا بتاريخ الفكر والسياسة في ليبيا.
رغم ما مرّت به ليبيا من صراعات وظروف سياسية قاسية، فقد حافظ الأدب الليبي على حضوره، واستمر في التعبير عن تطلعات الشعب، وهمومه، وآماله. وما تزال المكتبات الليبية والعربية تزخر بأسماء كتّاب ليبيين يتطلعون إلى مستقبل ثقافي يعكس ثراء هذا البلد وأصالته.