الأزمات الاقتصادية تعصف بإيران وسط تصاعد الغضب الشعبي
في تحذير صارخ نشرته صحيفة “آرمان ملي” الحكومية في 12 فبراير، تواجه إيران انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق، حيث ترتفع معدلات التضخم بشكل جنوني، ويتهاوى سعر العملة المحلية.
في حين تتفاقم معاناة المواطنين بسبب تدني الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة إلى مستويات لا تطاق.
ويحذر الخبراء من أن الأزمة الاقتصادية في إيران تخرج عن نطاق السيطرة، مما يزيد من موجات السخط الشعبي.
الخبير الاقتصادي حميد حاجي إسماعيلي حذر من تفاقم الأوضاع، قائلاً: “على مدى العقدين الماضيين، وبسبب الضغوط الاقتصادية المستمرة والعقوبات، تدهورت الأوضاع المعيشية للإيرانيين بشكل مستمر. لم يقتصر التأثير على الاقتصاد الوطني فحسب، بل زادت أوجه القصور البنيوية في توزيع الموارد من تفاقم الأزمة.”
تدهور سعر الريال الإيراني ليقترب من 1000,000 مقابل الدولار الأمريكي، في حين أن التضخم المستمر أفرغ دخول المواطنين من قيمتها، مما جعل أجورهم غير كافية حتى لتغطية الاحتياجات الأساسية.
ويجد الإيرانيون من الطبقات الدنيا أنفسهم عاجزين عن توفير الضروريات اليومية، بينما فشلت محاولات الحكومة في تخفيف الأعباء المالية عبر المساعدات النقدية وحزم السلع المدعومة.
ووجه إسماعيلي انتقادات حادة لسياسة الحكومة القائمة على تقديم الإعانات النقدية، مشيرًا إلى أنها لم تحقق أي نتائج ملموسة.
وقال: “على مدى قرابة عقدين، اعتمدت الحكومة بشكل رئيسي على الإعانات النقدية لدعم المواطنين، لكن مع ارتفاع التضخم وتصاعد الأسعار بشكل جنوني، فقدت هذه المدفوعات فعاليتها، مما أدى إلى زيادة أعداد الفقراء.“
الوضع يزداد سوءًا بالنسبة للطبقة العاملة، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى تزايد أعداد المحتاجين إلى الدعم الحكومي.
وأوضح إسماعيلي أن بيانات مؤسسة خميني للإغاثة ومنظمة الرفاه الاجتماعي تكشف عن تضاعف عدد المتقدمين للحصول على مساعدات مالية بمعدل سبعة إلى ثمانية أضعاف خلال السنوات الثماني الماضية.
وأضاف: “في الوقت الذي يتلقى فيه ثلاثة ملايين شخص مساعدات مالية مباشرة، هناك ما لا يقل عن ثمانية ملايين آخرين يعيشون في ظروف مماثلة لكنهم لا يحصلون على أي دعم.”
ويشهد سوق العمل الإيراني أزمة خانقة، حيث لا تكفي الأجور المتدنية لسد احتياجات الملايين من الإيرانيين. واعتبر إسماعيلي أن آلية تحديد الأجور في إيران تعاني من خلل جذري، داعيًا إلى إصلاح شامل لهذا النظام.
وأكد أن زيادة الأجور بنسبة 20% سنويًا، وهو النهج التقليدي للحكومة، لم يعد كافيًا لمواجهة التضخم المتسارع. وأضاف: “هذه السياسات القديمة والتكرارية لم تعد تتماشى مع الواقع المعيشي للناس.”
ومع وصول نسبة الإيرانيين الذين يحتاجون للمساعدات المالية إلى قرابة نصف السكان، شدد إسماعيلي على أن الحلول الجزئية، مثل تقديم الإعانات بين الحين والآخر، “غير كافية إطلاقًا أمام عمق الأزمة الاقتصادية.”
ومن بين أكبر الأعباء الاقتصادية التي تثقل كاهل الأسر الإيرانية تكاليف السكن، لا سيما بالنسبة للمستأجرين.
وأوضح إسماعيلي أن الحكومة بحاجة إلى إجراءات داعمة تتجاوز مجرد رفع الأجور، مثل تقديم دعم مباشر للمستأجرين ومساعدات مالية للأسر الفقيرة لتخفيف الأعباء المعيشية.
وإلى جانب العقوبات الخارجية، فإن الفساد المستشري وسوء الإدارة الحكومية قد ألحقا أضرارًا جسيمة بالاقتصاد الإيراني. وأكد إسماعيلي أن “أحد الأسباب الرئيسية للأزمة الاقتصادية في إيران هو الإدارة السيئة للموارد.”
وأضاف: “تعاني إيران من فساد هيكلي عميق أدى إلى تركيز الثروة والفرص في أيدي قلة من المسؤولين وأصحاب النفوذ، بينما يواجه الملايين الفقر والمعاناة.” ودعا إلى إعادة هيكلة السياسات الاقتصادية بالكامل، لا سيما في توزيع الموارد العامة.
وأشار إلى أن العديد من المشكلات الاقتصادية في إيران ليست فقط بسبب العقوبات الخارجية، بل بسبب غياب الشفافية وتفشي ثقافة المحسوبية داخل أجهزة الدولة. وقال: “إذا كانت الحكومة تريد حقًا معالجة الأزمة الاقتصادية، فعليها أولًا إصلاح سياساتها الداخلية وإزالة العقبات التي تعرقل النمو الاقتصادي.”
ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، تتزايد الاضطرابات الاجتماعية في إيران. فقد أصبحت الاحتجاجات الجماهيرية ضد تدني الأجور وتدهور مستوى المعيشة أمرًا متكررًا في السنوات الأخيرة.
ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، تتزايد الاضطرابات الاجتماعية في إيران. فقد أصبحت الاحتجاجات الجماهيرية ضد تدني الأجور وتدهور مستوى المعيشة أمرًا متكررًا في السنوات الأخيرة.
وفي هذا السياق، شهدت العاصمة الفرنسية باريس هذا الأسبوع مظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف الإيرانيين الأحرار، حيث أعربوا عن رفضهم لسياسات النظام الإيراني، مؤكدين دعمهم للمقاومة الإيرانية وخطة مريم رجوي ذات العشر نقاط، التي تدعو إلى إقامة دولة ديمقراطية تفصل بين الدين والدولة وتكفل الحريات الأساسية لجميع المواطنين.
وحذر إسماعيلي من أن “عدم تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة سيؤدي إلى انفجار اجتماعي وسياسي في البلاد