البدري عبد الرحمن يكتب: لباس التقوى.. وقناع التقوى
قال ابن جرير رحمه الله: «وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلك خير﴾ [الأعراف: 26] استشعار النفوس تقوى الله، في الانتهاء عمَّا نهى الله عنه من معاصيه، والعمل بما أمر به من طاعته، وذلك يجمع الإيمان، والعمل الصالح، والحياء، وخشية الله».
ولنا إضافة فنقول: إن التوجيه الرباني في الآية الكريمة هو خبر في معرض الطلب، أي الواجب علينا تقوى الله والعمل الصالح، والقرب من الله والعمل مع الصالحين في ثورتنا هذه، والبعد كل البعد عن معصية الله وعن أهل المعاصي والفتن وأصحاب الدعوات العلمانية السافرة، أو المستترة بلبوس الديمقراطية والدولة المدنية.
ولنا وقفة فنقول: ينبغي على أهل ثورتنا الكرام التمييز بين لبوس التقوى الظاهر في الأعمال والأقوال، وما يتبعه من السمت الحسن والسلوك المستقيم، وبين قناع التقوى من أصحاب النفوس المريضة الذين يتمظهرون برداء الدين، وتعرفهم بلحن القول وشذوذ الطريق، قبلتهم في الصلاة الكعبة، وحجهم إلى البيت الحرام، وقبلتهم في العمل السياسي المصلحة، وحجهم إلى جنيف وفيينا وواشنطن وموسكو.
فالحذر الحذر يا أهل الشام ممن يتقمص شخصية التقي الورع على أن له سابقة وتاريخا في العمل الإسلامي، ويتصدر في المجالس التي صنعت على عين أمريكا لقيادة الثورة من ائتلاف ولجان وحكومات، ويدعي الحرص على الثورة وينسج أحلام الحرية والعدالة والديمقراطية، ويغلفونها بغلالة الوطنية، ولا يجرؤون على التصريح بالإسلام أو الدعوة إلى تحكيم الشريعة؛ بل يصرحون بعلمانية الدولة دون خجل أو حياء، بعضهم قال: «الوطن فريك ماله شريك»، وبعضهم قال: «الوطنية والديمقراطية من الإسلام»، وبعضهم صرح: «الإسلام دين علماني بطبيعته» متعكزاً على قول الرسول الكريم: «أنتم أعلم بأمور دنياكم».
أما الذين جاؤوا لنصرة أهل الشام بقناع الجهاد والتضحية والفداء، فبعد أن ضحوا بزهرة شباب الثورة من أصحاب الالتزام والحب لدين الله، انقلبوا حراساً للاتفاقيات، أعداء لحملة الدعوة الشرفاء؛ لنكتشف في هذه الأيام أن تحت هذا الرداء أو هذا القناع جواسيس التحالف، وعملاء إيران والنظام، وما يندى له الجبين من أن أدعياء التقوى والمشروع القويم ليسوا إلا حفنة طغاة ظلمة، وقتلة مأجورين. مشروعهم المصالح الشخصية، والمكاسب الدنيئة، والأهداف الخسيسة، الذي ينتهي بتسليم المحرر لنظام الحقد والإجرام.
والخلاصة يا أهل الثورة، إن انكشاف الصورة الحقيقة لهؤلاء الأدعياء لم يكن عفو الخاطر، ولا محض صدفة، ولا صيرورة أحداث؛ بل هو مشهد مرسوم مدبر من صانع الألعاب الغربي لضرب اليأس على قلوب أهل الشام، ولتنفير الحاضنة الثورية من مشروع الإسلام العظيم الذي تمكن في وعي أهل الشام خصوصاً، وعامة أهل الإسلام، فجاء هذا المخطط الخبيث؛ لضرب الثقة بمشروع الإسلام وحملة الدعوة المخلصين الداعين إلى إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام، ولكن هيهات هيهات… فأهل ثورتنا الذين حرقوا مراكبهم من أول يوم في هذه الثورة، فنادوا: «لن نركع إلا لله»، سيحرقون كل أوراق اللعب الغربية والشرقية، فلقد ضرب اليأس على قلوبهم من هداية هؤلاء العلمانيين المتأسلمين، فليحتفظوا بكراسيهم في الائتلاف وفي المجالس والحكومات الكرتونية، فإنها إلى زوال… وضرب اليأس على قلوب أهل الثورة من قادة الفصائل المرتبطين بالداعم والضامن والدولار، فلن يحركوا جبهة، ولن يحرروا شبرا، ولن يسقطوا النظام؛ لكن الأمل كل الأمل معقود بناصية حراك ثوري صادق شجاع، يتبنى الإسلام بحق ووضوح، ويعلن دعوته إلى إقامة الخلافة الإسلامية الراشدة بعد إسقاط النظام…
الأمل كل الأمل برجال سياسة واعين على مخططات الأعداء، أعلنوا مواقفهم الصادقة من كل الدول المتلاعبة، ورفضهم القاطع لكل القرارات الدولية الخائنة، ونفضوا أيديهم من كل دكاكين السمسرة والبيع والشراء، ورفضوا التدخل الأجنبي في هذا الثورة اليتيمة. والأمل كل الأمل برجال الثورة الذين لا ينامون على ضيم، ولا يرضون بانتهاك حرمات، ولا ترويع الآمنين من الضعفاء والنساء والأطفال. وقبل هذا ومعه الثقة كل الثقة بالاعتصام بحبل والله، والعمل بأوامر الله، والابتعاد عن المعاصي والعصاة، ففي ذلك الفوز والفلاح، ﴿وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾.
البدري عبد الرحمن/ ناشط سياسي – ثوار الغوطة الشرقية.