سير وشخصيات

أحمد سحنون داعية جزائري عاش لأمّتهِ ولم يعش لنفسهِ

علجية عيش

الحديث عن شخصية إسلامية في وزن الشيخ أحمد سحنون منظر حركة الصحوة في الجزائر حديث ذو شجون، بالنظر لعطاءاته في حق الدعوة وهو يوجه الشباب لعربي المسلم نحو الصلاح ويغرس فيه حب الدين والوطن، والحديث هن هو هدين عن الداعية الإسلامي وماهي الصفات التي ينبغي أن يتصف بها، والرسالة التي يؤديها في حياته، هي رسالة ربانية وجب على كل داعية إسلامي أو إمام أو خطيب أن يلتزم بها مرضاة لله، والشيخ أحمد سحنون حسب الذين عايشوه وكانوا يداومون على حضور دروسه وسماع خطبه الدينية في مسجد الأرقم وقفوا على أن هذا الرجل لم يعش لنفسه كما عاش لأمته وهو يخوض طريق الدعوة والشيخ أحمد سحنون داعي إسلامي مؤسسة رابطة الدعوة الإسلامية وهو صحفي وشاعر وخطيب يتسم بفكر معتدل وصفات عديدة منها الصدق في القول والعمل، التواضع والتسامح والانفتاح على الآخر، رحل الفقيد ولم يملك في حياته ولا حتى سكنا اجتماعيا.​

وُلد أحمد سحنون سنة 1907 ببلدة ليشانة قرب مدينة بسكرة، توفيت أمه وهو رضيع، وتولى والده الذي كان معلما للقرآن الكريم تربيته، فحفظ كتاب الله وعمره 12 سنة كما تعلم مبادئ اللغة العربية والشريعة الإسلامية على يد مجموعة من المشايخ والعلماء أبرزهم الشيخ محمد خير الدين والشيخ محمد الدراجي والشيخ عبد الله بن مبروك. ومنذ نعومته أظافره كان مولعا بكتب الأدب، فدرس وطالع منها الكثير قديمها وحديثها.

 

هي شهادات قدمها تلامذته تحدثوا فيها عن مسيرته في حقل الدعوة وهذا في ندوة علمية حملت عنوان: «الشيخ أحمد سحنون من الإصلاح إلى التحرير إلى الصحوة» وهذا خلال إحياء ذكرى وفاته نظمتها الجمعية الجزائرية للتواصل العلمي والثقافي احتضنها المركز الثقافي الإسلامي تحت إشراف رئيس الجمعية الأستاذ نسيم بعداشي، قدم فيها تلامذة الفقيد وإطارات الجمعية جوانب مضيئة من حياة الشيخ أحمد سحنون ورسالته الربانية في تهذيب النشء، وغرس فيه القيم الإسلامية والإنسانية والاعتزاز بالهوية ،في مقدمتهم الدكتور محمد دراجي، الأستاذ يحي صاري إمام من مسجد الأرقم وهو المسجد الذي كان الشيخ أحمد سحنون يقدم في الدروس، كذلك الأستاذ عبد المقتدر إمام سابق بذات المسجد، ويهم ممّا جاء في مداخلاتهم أن الشيخ أحمد سحنون يمكن وصفه بالظاهرة بالنظر لما قدمه من نضالات في حقل الدعوة، مدافعا عن الهوية و اللغة العربية.

فهو يعد من أبرز أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ميدان الدعوة بعد الاستقلال، حيث احتل موقعا محوريا، فضلا عن أنه من أعلام الجزائر رابط على الحفاظ على هوية الأمّة بحكمته وتعقله، فكان من الأئمة الرساليين الربانيين الكبار ومرجع الأمة ودليلها في المهمات في وقت الأزمات الشديدة، هو ما أشار إليه رئيس الجمعية نسيم بعداشي الذي قال في مداخلته أن الشيخ أحمد سحنون تميز بجرأته في إبداء الرأي وتعزيز الهوية الحضارية للمجتمع ملقيا نظرة ناقدة على واقع المجتمع و الوضع الثقافي الذي اتسمت به الساحة ما يطرح تساؤلات عديدة حول العديد من القضايا المتعلقة بالهوية واللغة والشخصية الجزائرية، فالشيخ أحمد سحنون كان من أكبر لمدافعين عن اللغة العربية ومحاربة ثقافة التغريب والفرنسة وهذا يستوجب حسبه المساهمة في حركية التجديد لاسيما في لقل الثقافي ، لأنه محور الاستمرار وهو كما قال عمل متجذر في البنية الاجتماعية والثقافية ، إذ يرى أن معالجة المسألة الثقافية تقع بالدرجة الأولى على عاق المثقفين لتحليل الواقع الثقافي الجزائري.

كما تطرق تلامذة الشيح أحمد سحنون إلى ما يتميز به هذا الداعية من صفات، ربما لا تتوفر في شخصيات أخرى كانفتاح الذهن والتسامح والعدل والتواضع والثبات على الموقف، فقد كان الرجل يجمع بين الهدوء والقوة والانفتاح الفكري، جعلته هذه الصفات امتدادا لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ولا شك أن هذه الشهادات الحيّة تحتاج إلى الوقوف عليها وقفة تأمل وتدبر، كونها تتعلق برجل دعوة، حافظ على هوية الجزائر الإسلامية وواجه ورفاقه من العلماء ثقافة التغريب والفرنسة، خاصة ايام الاستعمار، فلا يمكن لأيّ إنسان كان، كما قال أحدهم أن يناضل من أجل قضية إلا إذا كان مؤمنا بها، والشيخ أحمد سحنون من الرجال الذي عاشوا من أجل أمتهم و لم يعيشوا لأنفسهم، السؤال الذي تم طرحه خلال هذه الندوة هو: كيف نفهم الإسلام؟ وكيف نعمل له؟

فالحركات الإسلامية كما قال منشط الندوة منذ القرن الثامن عشر و إلى اليوم لا تزال تطرح هذا السؤال، وقد أجابت عليه جمعية العلماء المسلمين، فكانت مدرسة لتخريج الدعاة، ومنهم الفقيد الذي كان يمثل القيادة الدينية على وجهها الصحيح، هي مسؤولية تقع على تلامذته الذي تخرجوا على يديه في حقل الدعوة والأكاديميين لتسليط الضوء أكثر على علة مسيرة هذا الرجل، فالكثير لا يعرفه لاسيما الشباب منهم وحتى لكبار، ونذكر هنا ما قاله الشيخ الفضيل الورتلاني في كتابه «الجزائر الثائرة» قال: لولا جريدة البصائر لما تعرفت على الشيخ أحمد سحنون، ومن هذه الجريدة اصبح الشيخ الفضيل الورتلاني يتابع مقالات الشيخ أحمد سحنون، وقد بعث له ذات مرة رسالة قال له فيها: «طر في هذا الفضاء يا سحنون»، ويقصد بالفضاء الدعوة الإسلامية، فإذا كان الشيخ الورترلاني يعتبر بانه لم يكن يعرف من هو أحمد سحنون فكيف بالشباب اليوم وهو يعيش عصر التكنولوجية ويقضي جل وقته في مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يستثمر في هذه الفضاءات لما يتبعه؟، تجدر الإشارة أن الجمعية الجزائرية للتواصل العلمي والثقافي هي جمعية وطنية علمية ثقافية من أهدافها: إحياء التراث الثقافي الأصيل بكل أبعاده، تعزيز مفهوم انتماء الفرد الجزائري لوطنه بما يفرض عليه ذلك من واجبات وما يمنحه له من حقوق، رفع المستوى العلمي والثقافي لفئات لمجتمع، تدعيم التقارب الثقافي المغاربي، تشجيع التبادل الثقافي بين الشعوب و غير ها من الأهداف التي تصب في هذا الجانب لإصلاح النفوس في شتى نواحيها والاقتداء بالشيخ احمد سحنون وحمل رايته لوضع أسس أخلاقية لحياة المسلم.

علجية عيش

صحفية جزائرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى