بقلم: محمد العنبري
لم أكن يوماً ممن يهتم بكلام الناس ولا بآرائهم، ولم يكن في يوم من الأيام رأي الآخرين مرجعًا لي في قراراتي أو مسار حياتي لقد وُلدت بفطرة تدرك أن رضا الجميع غاية لا تُدرك، وأن محاولة استرضاء الآخرين ليست سوى دربٍ من دروب الخسارة الحتمية عندما أقرر شيئًا أو أنوي القيام بأمرٍ ما، غالبًا ما يكون أول ما أسمعه هو “ماذا سيقول الناس؟”، أو “كيف سيفكر الناس؟”، أو “كيف سيرانا الناس؟”.
لكن الحقيقة البسيطة هي أن هذه الأسئلة لم تكن يومًا جزءًا من قراراتي، ولم تكن تُشكل معيارًا لحياتي لقد تعلمت منذ نعومة أظافري أن أكون مخلصًا لنفسي، أن أفكر فيما يحقق لي الراحة والسكينة، دون أن أسمح لرأي الناس أن يعكر صفو حياتي فالأمر الوحيد الذي يهمني هو كيف ستسير حياتي؟ كيف سأستفيد مما أفعله؟ كيف أُسعد نفسي ومن حولي دون أن أؤذي أحدًا؟ وكيف يرى الله أفعالي وأين يجدني في ميزان ما يحبه؟
إن الاستماع إلى كلام الناس والتركيز على آرائهم كثيرًا ما يعيق تقدمنا في الحياة ويجعلنا نتردد في اتخاذ الخطوات التي نعتقد أنها الأفضل لنا إذا كان كلام الناس لا يقدم لنا فائدة حقيقية، فما الجدوى من الاستماع إليه؟ بل إن التركيز على كلام الناس يبطئنا كثيرًا ويحول دون تحقيق ما نصبو إليه.
الناس في جميع الأحوال ستتحدث سواء كنت تقوم بما يعجبهم أم لا سيظل هناك من ينتقد، سواء فعلت الصواب أم ارتكبت خطأ وسيظل الناس قساة، سواء سعيت لإرضائهم أم تجاهلت رغباتهم في النهاية الناس لا تعرف ظروفك، لم تعش تجاربك وحياتك، ولم تشعر بمعاناتك لم تكن معك في وقت حزنك وألمك، ولم تساندك في لحظات ضعفك وحاجتك وعندما تقف على قدميك مجددًا معتمدًا على الله وحده، لن تكون الناس هي من ساعدتك على النهوض.
لذلك من المهم أن يكون وجود الناس في حياتك ضمن حدود معقولة يجب أن تكون قادرًا على الفصل بين تأثيرهم على حياتك وبين حياتك نفسها لا تسمح لهم بأن يتحكموا بك أو يمروا من خلالك إلى عمق ذاتك اجعل مرور الناس بجانبك جزءًا من رحلتك، لكن لا تدعهم يسيطرون على اتجاهها.
في النهاية من الحكمة أن تتذكر قول الشاعر
مالي ومالُ النَّاسِ إن مالوا وإن عَدِلوا..
ديني لنفسي ودينُ النَّاس للنَّاسَ..
هذه الكلمات تختزل في معانيها عِبرًا كثيرة، تجعلنا ندرك أن الدين سواء كان دينًا بالمعنى الروحي أو بمعنى الطريقة والأسلوب في الحياة هو شأن شخصي بحت الناس لها دينها ولها طريقتها في الحياة، لكن ما يهم حقًا هو دينك أنت، طريقتك في الحياة، وما يرضي ضميرك قبل كل شيء.
عش حياتك وفقًا لما يحقق لك السلام الداخلي ولا تجعل آراء الناس تتحكم في قراراتك أو تؤثر على سعادتك في نهاية المطاف، رضا الله عنك ورضاك عن نفسك هما المعياران الأسمى، وهما ما سيظل عالقًا في ذاكرتك عندما تستعرض حياتك وتقييم إنجازاتك.