من يعرف تاريخ الجهاد الفلسطيني يدرك خطورة دور الثورة الفلسطينية المسلحة الكبرى في ثلاثينيات القرن الماضي في مدافعة أعداء الأمة.
الآن وبعد حرب استنزاف تديرها المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني في غزة بكفاءة عسكرية احترافية وموجعة، وثبات فلسطيني شعبي مبهر ضد سياسة التهجير، وظهير مصري يرفض بحدة وصلابة التهجير الصهيوني للفلسطينيين ومحاولات تصفية القضية؛ في هذه الأثناء فتح العدو الصهيوني جبهة جديدة في الضفة الغربية، والساعات الأخيرة تشي بأن الاتجاه يسير نحو توسعة رقعة الاستهداف والتدمير في الضفة الغربية، وهو ما يحمل في طياته ضغط حربي صهيوني لتعديل مسار النزوح والتهجير الفلسطيني ليكون باتجاه الأردن، وهذا بدوره سيجعل الأردن في دائرة الضوء في الفترة المقبلة.
ودولة الأردن بمسؤولياتها الرسمية، وتعاطف شعبها، وحدودها الممتدة، وقبائلها المسلحة، وسكانها من الفلسطينيين المتحمسين للدفاع عن أهاليهم في الداخل الفلسطيني، وقطاعاتها المتدينة ببذلها واحتسابها، جميع هذه الأوراق تمثل مدافعة لن يقوى الكيان الصهيوني على مجابهة طوفانها إذا ما اشتعلت الساحة في الضفة الغربية، خاصة وأن أول ضربة أردنية ستكون قطع خطوط الإمداد البري الدولية والعابرة للصهاينة عبر الأراضي الأردنية.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو: هل يمكن للضفة أن تفجر ثورة فلسطينية مسلحة كبرى جديدة ضد العدو الصهيوني؟
أقول:
إن هناك العديد من المعززات التي ترجح إمكانية قيام تلك الثورة المسلحة المأمولة ومنها:
١- الضفة الغربية هي الأقرب للمستوطنات وللمناطق المحتلة الأهم وفي مقدمتها تل أبيب وإذا ما انتفضت الضفة الغربية فيمكنها ضرب وتدمير العديد من المواقع الاستراتيجية الصهيونية وإرباك كافة الأوراق العسكرية واللوجستية الصهيونية.
٢- إذا ما اعتمدت الضفة الغربية سياسة الاغتيالات فيمكنها بحسب موقعها الجغرافي وخبرات سكانها بعناوين القيادات العسكرية والسياسية الصهيونية من قنص تلك القيادات وتفخيخ مواقعهم وتفجيرها ومن ثم تغييب العديد من الوجوه الصهيونية عن المشهد.
٣- كافة الجنود الصهاينة في مرمى الاستهداف الفلسطيني في الضفة الغربية واصطيادهم بكافة الأسلحة المتاحة يمكن القيام به باحتراف تجيده الشخصية الفلسطينية، وهو ما سيقذف بالرعب في كافة أركان الكيان الصهيوني.
٤- مع تزايد الضغط الحربي الصهيوني على الضفة الغربية ستجد السلطة الفلسطينية وشرطتها المسلحة أمام «معرة تاريخية» إن لم توجه سلاحها صوب الصدر الصهيوني، وقيامها بتنفيذ عمليات اغتيالات نوعية في صفوف العدو الصهيوني تغير بها معادلة المواجهة الداخلية.
إن التصعيد الصهيوني الراهن في الضفة الغربية سيبعث للفلسطينيين برسالة أن الموت قادم لا محالة، وسيصل الفلسطيني إلى نتيجة مفادها:
إن كان الوضع كذلك فليكن الموت باحتساب وشرف كما قال المتنبي:
إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع فيما دون النجوم.. فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم.