تُعد كولومبيا من أكبر دول أمريكا اللاتينية من حيث عدد السكان، ويشكّل المسلمون فيها أقلية صغيرة لكنها في حالة تطور تدريجي. يعود الوجود الإسلامي في كولومبيا إلى موجات هجرة محدودة في القرن العشرين، غير أن الجهود الدعوية المنظمة بدأت تتبلور بوضوح خلال العقود الأخيرة، تزامناً مع الاهتمام المتزايد من بعض الكولومبيين بالإسلام.
جهود الدعوة الإسلامية
المؤسسات والمراكز الإسلامية:
تنتشر بعض المراكز الإسلامية في مدن مثل بوغوتا، ميديلين، وبارانكيا، ومن أبرزها “المركز الإسلامي في كولومبيا” و”مسجد الأبرار” في بوغوتا.
تقدم هذه المراكز خدمات دعوية وتعليمية تشمل إقامة الصلوات، وتنظيم دروس تعريفية بالإسلام، إلى جانب معارض ثقافية.
الدعوة الرقمية:
تستثمر الجمعيات الإسلامية في كولومبيا وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية لنشر المحتوى الإسلامي المترجم إلى اللغة الإسبانية.
ظهرت كذلك مبادرات فردية عبر اليوتيوب والبودكاست تشرح تعاليم الإسلام بلغة مفهومة للجمهور المحلي، ما ساعد في الوصول إلى شريحة الشباب.
الأنشطة الاجتماعية:
تبادر بعض الجمعيات بأعمال خيرية، كـتوزيع المساعدات الغذائية على الفقراء، لا سيما في المناطق المهمشة.
كما تسهم هذه الأنشطة في تحسين صورة المسلمين وتعزيز الاندماج المجتمعي، رغم محدودية المشاركة في الحوارات الدينية.
التحول إلى الإسلام:
تشير تقارير إلى تزايد بطيء لكنه مستمر في عدد الكولومبيين الذين يعتنقون الإسلام، خصوصاً من فئة الشباب في المدن الكبرى.
يبرز اهتمام خاص بين بعض الأفراد بالتصوف والفكر الإسلامي كبديل روحي عن السائد.
قبول المجتمع الكولومبي للإسلام
ما زال الإسلام يواجه تحديات مرتبطة بالصورة النمطية السلبية التي يعكسها الإعلام الغربي، خاصة فيما يتعلق بالإرهاب.
لكن المجتمع الكولومبي في المدن الكبرى يتمتع بقدر من الانفتاح والتقبل للثقافات والأديان الأخرى، على عكس المناطق الريفية التي تتسم بالمحافظة.
يُلاحظ كذلك تنامي الاهتمام بالفكر الإسلامي، وخصوصاً التصوف، بوصفه بُعداً روحياً عميقاً لا توفره بعض المؤسسات الدينية التقليدية.
التحديات التي تواجه الدعوة
التحديات الحكومية:
لا توجد قوانين تمنع الدعوة الإسلامية، ولكن هناك صعوبات بيروقراطية في تسجيل المؤسسات الإسلامية أو الحصول على تصاريح رسمية.
كما تتعامل بعض الجهات الأمنية بحساسية مفرطة مع النشاط الديني غير المسيحي، مما يفرض بعض القيود غير المباشرة.
التحديات المجتمعية:
تسيطر الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الإنجيلية على المشهد الديني في البلاد، مما يجعل من الصعب تقديم الإسلام كخيار بديل دون مقاومة ثقافية.
من أكبر العوائق كذلك قلة الدعاة المتقنين للغة الإسبانية، وضعف المحتوى الدعوي المترجم بشكل محترف.
التحديات المالية:
تعاني المؤسسات الإسلامية من ضعف الموارد المالية، إذ تعتمد بشكل شبه كلي على تبرعات المغتربين.
ويُعد غياب الدعم المحلي عقبة أمام تنفيذ مشاريع دعوية وتنموية أكثر تأثيراً.
التوقعات المستقبلية
يُتوقّع أن يستمر النمو التدريجي لعدد المسلمين في كولومبيا، لا سيما في المدن الجامعية الكبرى مثل بوغوتا وميديلين.
قد تسهم النماذج الإيجابية للمسلمين المنخرطين في المجتمع في تحسين الصورة العامة للإسلام.
مع ذلك، فإن تسريع وتيرة هذا النمو مرهون بتوفير دعم مؤسسي منظم، وتمويل مستدام، واستراتيجيات فعالة في الترجمة والتواصل الثقافي.