أقلام حرة

المفتي محمد قاسم القاسمي يكتب: واجبنا تجاه مأساة أهل غزة

تصوّر أن أخاك أو ولدك أو أحدا من أحبائك تعرّض لوضع مأساوي، ماذا يكون رد فعلك؟ ونقرأ في الحديث: المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو اشتكى له سائر الجسد بالسهر والحمى. فسائر الأعضاء الصحيحة من الجسد يصاب بالقلق والسهر بسبب ما أصاب العضو المصاب وانطلاقا من هذا الحديث إن أوّل ما يجب علينا تجاه ما أصاب أهل غزة هو التعاطف والإحساس بعمق المأساة التي حلّت بهم وهذا الاحساس معيار للحكم على إيماننا بالله وعلى أساس مستوى الإيمان تشعر قلوبنا بذلك وهذا الشعور هو الذي يحفّزنا للعمل في الميدان.

 النكتة الثانية: مما يجب علينا في هذه الوضعية هو الإنابة إلى الله يجب على اهل الإيمان عربا وعجما الرجوع الى الله والتوبة اليه يجب أن توقظنا هذه الحادثة من السبات وتدفعنا إلى أداء الحقوق؛ حقوق الله وحقوق العباد والاحتراز عن الاعمال التي تحول بين الدعاء والاجابة كأكل الحرام والظلم على الناس. ربما نقع في قائمة الظالمين لما نمارس من انتهاك حرمات الله وهو ظلم وتعدّ في حقه تعالى يجب علينا الالتزام بالتوبة وترغيب الناس إليها. يجب ان نجرب التغيير في سلوكنا وأساليبنا في العيش وفي عباداتنا وصلاتنا ودعائنا وفي قراءتنا للكتب، نتغير ونتحول الى أحسن مما كنا في السابق. يجب ان تتوثق صلتنا بكتاب الله وقراءته والعمل بأحكامه والتدبر في معانيه والقيام بخدمته وكذلك السنة والسيرة تتطلبان منا العناية الخاصة.

يجب أن توقظنا الحوادث؛

قام الهندوس بهدم المسجد البابري في الهند وبعدها بأعوام أتانا شاب من الهند وذكر أنّه كان طالبا جامعيّا آنذاك وحادثة هدم المسجد حفّزته لحفظ القرآن فحفظ القرآن وشهدت حياته تحوّلا إثر ذلك. ظلّ تفرّج المشاهد المؤلمة مما يجري على المسلمين أمرا روتينا لنا ولا يصدر عنّا سوى إبداء التأسف والتحسّر هل يكفي ذلك؟ أقلّ ما يجب علينا أن نحمل في قلوبنا العزم للجهاد والحنين إلى الشهادة. وإذا لم تسمح لنا الظروف أن نشهد ميادين المعركة بأنفسنا نجبر هذا التقصير بإيصال المساعدات المالية إلى المجاهدين وإلى المتضررين من ويلات الحرب وندافع عن قضية فلسطين وتحرير المسجد الاقصى بكتاباتنا وعلى ساحات التواصل والقيام بتغطية ما يجري على أهل غزة إعلاميا والحضور في المظاهرات السلمية دفاعا عن المظلومين هناك.

 

وعلى مستوى الأعمال الشخصية نكثر من قراءه حسبنا الله ونعم الوكيل من 500 او 1000 مرة او أي عدد يتيسر لنا يوميا. يقول الشيخ محمد شفيع رحمه الله في تفسير اية «الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل» من تجربة الصالحين أن من قرا «حسبنا الله ونعم الوكيل» ألف مرة أو أكثر من قلب واع ودعا ربه متضرعا، فرج الله كربته.

 

يذكر الإمام أحمد السرهندي قصة عوف بن مالك التي ورد في الحديث في بيان سبب نزول آية «ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب» «وذلك أن المشركين أسروا ابنا له، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكى إليه الفاقة، وقال: إن العدو أسر ابني وجزعت الأم، فما تأمرني؟ فقال النبي – صلى الله عليه وسلم: «اتق الله واصبر، وآمرك وإياها أن تستكثرا من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله»، فعاد إلى بيته وقال لامرأته: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني وإياك أن نستكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالت: نعم ما أمرنا به، فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه، فساق غنمهم وجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة. فنزلت هذه الآية. وأوصى الامام احمد السرهندي المعروف بمجدد الالف الثاني بعد نقل هذا الحديث: من قرأ لا حول ولا قوه إلا بالله 500 مرة وقرأ 100 صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبلها و100صلاة بعدها موقنا بربه وفي حالة من التضرع والتدبر ثم دعا ربه فرج الله عنه.

 

يقول الإمام الجزري رحمه الله تعالى في مقدمة كتاب الحصن الحصين:

ولما أكملت ترتيبه وتهذيبه -يقصد الحصن الحصين- طلبني عدو، ولا يمكن أن يدفعه إلا الله تعالى، فهربت عنه متخفيا، وتحصنت بهذا الحصن، فرأيت سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وأنا جالس على يساره، وكأنه صلى الله عليه و سلم يقول: ماذا تريد؟ فقلت: يا رسول الله! ادع الله لي وللمسلمين، فرفع صلى الله عليه وسلم يديه الكريمتين وأنا أنظر إليهما، فدعا، ثم مسح بهما وجهه الكريم، وكان ذلك ليلة الخميس، فهرب العدو ليلة الأحد، وفرج عني وعن المسلمين ببركة ما في هذا الكتاب.

وروى البيهقي من حديث علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال، ثم جئت مسرعاً لأنظر إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما فعل، قال: فجئت فإذا هو ساجد يقول: “يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم” لا يزيد عليها، فرجعت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، ثم ذهبت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، فلم يزل يقول ذلك حتى فتح الله عليه. للدعاء أثر بالغ وينفع في كل حال. إخوتي وأخواتي ويا شباب الأمة! أكثروا من ذكر «يا حيّ يا قيوم أغثنا» في السجدة في ساعة من كل ليلة وإنه اسم الله الاعظم واستنصروا بالصلاة وأكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تصحو جميع شرائح الامة. لو لم توقظنا هذه الكارثة من الغفلة لا نأمن فتنة أخرى تتلو هذه «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة» وعليكم بالصيام يوم الإثنين والخميس.

 

 نرجو الله أن يحدث تغييرا في حال المسلمين عربا وعجما والنكتة الأخيرة التي تهمّ الشباب وسائر شرائح الأمة أن يهتمّوا بمطالعة تاريخ اليهود وأهدافها وخططها لأن معرفة العدو والاطلاع عن أهدافها من أهمّ الواجبات علينا.

نقله إلى العربية: عبد الرحمن جمعة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights