أقلام حرة

حشاني زغيدي يكتب: الخيانة في قاموس اللئام

ليس هناك شيء يهز كيان المرء، بل يرديه جثة هامدة مثل الخيانة، فالخيانة لفظ ترفضه قواميس اللغة، شعور فاقد لمعنى الحياة، هو نبض يكسر الكيان ويهدمه.

لعل من جرب خيانة اللئام يعرف مدلولها الحقيقي، يعرف مدلولها من عاش ويلات الأيام الغادرة، من اكتوى بلهيب محرقته، يظل طول أيامه مفجوع بآلام آثار جرحه الغائر، جرح لا تبريه الأيام.

فالخيانة سلوك غادر، يصيب المقتل، حين تنزل النفس وتنحط؛ فتبيع الغالي بالرخيص، حين يطعن ظهر عزيز استأمن أحبابه حمايته فخانوه.

سلوا الشعوب الثائرة فقد كانت تخشى الخيانة، ولا تخاف البندقية، فرصاصة عندهم تقتل شخصا، لكن الخيانة تسقط أمّة، وتهدم حضارة، تصنع هزيمة؛ لذلك الشعوب المقاومة لا يخيفها غدر الأعداء، ولا قهر العدو، ولكنّ يقتلها خيانة الأصدقاء.

وقد تظهر الخيانة في أشكال متعددة، قد تكون بإفشاء سر المجالس، وقد تكون بخيانة الجسد بين الأزواج، وقد تكون خيانة في البيع والشراء والمعاملات، وقد ترتقي خطورتها لخيانة الدين والأوطان وكل تلك الصور مرفوضة مستهجنة.

ويرتكب هذا الفعل الشنيع حين يضعف الولاء، ويضعف الوازع الأخلاقي، فيقع الآدمي في شراك حبالها، ملطخ بقذارتها، منبوذ بين المجتمع، معزول بين أهله وأقربائه وأحبابه، الجميع لا يقر له بالصلة والمودة.

وقد حفظنا من دروس أمثال الحكماء هذه الأقوال العاصمة في حق من وقع في الخيانة، يقول المثل:

(مثل الذي خان وطنه وباع بلاده، مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه).

وفي الختام يكفي العبد هذا الوعيد من الله تعالى في حق الخائن.

يقول الله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} (يوسف: 52)

حشاني زغيدي

مدير مدرسة متقاعد، مهتم بالشأن التربوي والدعوي، الجزائر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights