تتعرض إيران في الوقت الراهن الى “خطر تدمير الحضارة” الذي يضعها أمام مفترق طرق بين البقاء والزوال، وهذا الواقع الذي تعيشه هو نتيجة حتمية لـ 44 عاماً من حكم نظام الملالي، وقد ازدادت الأوضاع سوءً إلى درجة أنه حتى وسائل الإعلام الحكومية خرجت عن صمتها، ويقرّ مقال نشرته صحيفة (اعتماد) بشكل صريح بجانب بسيط من هذا الخطر.
تتضمن القضايا الأساسية التي تم التركيز عليها في هذا المقال البيع المضاربي للموارد الطبيعية، وبناء السدود الجامحة التي تعيث فسادًا في البيئة، وإزالة الغابات، والتدهور الثقافي، لكن كاتب المقال یُقزم ” الخطر الذي يواجه الحضارة”.
رغم ذلك، هذا ليس التحذير الأول من نوعه، إذ حددت أكاديمية العلوم، في بيان موجه إلى برلمان النظام، عدة عوامل تساهم في ” تراجع الحضارة الإيرانية “. وتشمل هذه العوامل: تغير المناخ، الجفاف، الغبار، التخسف، أزمة المياه، النفايات، وتلوث الهواء. وحثت الحكومة على إعطاء الأولوية لهذه المخاوف في برنامج التنمية السابعة، مشيرة إلى المخاوف بشأن ” تناقص المرونة الإقليمية ” و “خطر زعزعة استقرار الأمن القومي”.
وتؤكد بعض القضايا التي أثيرت في هذا البيان خطورة الأزمة والمخاطر التي تهدد الحضارة الإيرانية.
ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة
ووفقا لأكاديمية العلوم “وفقا لإحصائيات عام 2019، تتصدر إيران منطقة الشرق الأوسط وتحتل المرتبة الثامنة عالميا في انبعاثات الغازات الدفيئة، وخاصة ثاني أكسيد الكربون، ويعزى ذلك في المقام الأول إلى الممارسات الصناعية التي عفا عليها الزمن، وانخفاض الإنتاجية، والإنتاج والاستهلاك غير الفعالين للمنتجات الهيدروكربونية، وعدم كفاية تطوير الطاقات النظيفة والمتجددة في إيران”.
إزالة الغابات
ويشير البيان إلى أنه “على مدى العقود الستة الماضية، فقدت إيران ملايين الهكتارات من أراضي الغابات. وإذا استمر هذا الاتجاه، فسوف تختفي غابات إيران بالكامل في غضون 75 عاماً”.
تآكل التربة وأزمة المياه الجوفية
ووفقاً للبيانات المقدمة في البيان، في حين تمتلك إيران 50 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، فإن ” أقل من الخُمسين (18 مليون هكتار) فقط يستخدم للزراعة، مع ندرة المياه مما يجعل الباقي غير صالح للاستخدام “. وبالتالي فإن ” معدل التآكل في إيران يتجاوز المتوسط العالمي بثماني مرات، وهو ما يمثل واحداً من أعلى الأرقام وأكثرها إثارة للقلق في العالم”.
أزمة هبوط الأراضي
ويشكل هبوط الأراضي أزمة كبيرة، حيث يعاني ما يقدر بنحو 66% من سهول إيران (حوالي 12 مليون هكتار) من الهبوط، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الإفراط في استخراج المياه الجوفية.
ميانكاله للبتروكيماويات وخطر تلوث بحر قزوين (كاسبين)
ويعد مشروع ميانكاله للبتروكيماويات، مدفوعًا بدوافع الربح، مساهمًا رئيسيًا في التلوث في بحر قزوين. المصدر الرئيسي للتلوث في بحر قزوين هو نهر الفولغا، الذي تغمره النفايات الصناعية والحضرية. يتدفق حوالي 130 نهرًا إلى بحر قزوين، حاملاً معه الملوثات، التي تتفاقم بسبب استخراج الرمال ومياه الصرف الصحي المنزلية والحضرية والصناعية، ويشكل إنشاء البتروكيماويات في منطقة ميانكاله المحمية في جنوب شرق بحر قزوين مصدر قلق بالغ في إيران.
البناء العشوائي للسدود
يبرز البناء العشوائي للسدود في إيران كسبب رئيسي لجفاف الأراضي الرطبة والأنهار في جميع أنحاء البلاد. وفي الوقت الحالي، تعاني الأراضي الرطبة مثل أورميه، وبختكان، وكاوخوني، وبريشان من ضائقة شديدة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى إهمال حقوقها.
الأزمة والمخاطر التي تهدد الحضارة الإيرانية.. خاتمة
إن ما يتناوله الإعلام الرسمي وأكاديمية العلوم التابعة للنظام لا يشمل هذه الكارثة برمتها، إذ يفشل في الخوض في مسؤولية مسؤولي النظام وأفراده.
وباختصار، إن ما يهدد بتدمير الحضارة الإيرانية حالياً هو بيع المواد الخام، وإزالة الغابات، وبناء السدود غير الخاضعة للرقابة، وتحولات النظام البيئي، وأزمات هبوط الأراضي، وتصاعد انبعاثات الغازات الدفيئة، وتوليد النفايات، وتلوث الهواء الناجم عن جفاف الأراضي الرطبة، والتدهور الثقافي، وهجرة الأدمغة، ونقص المساكن، ويمكن القول أن الخطر الوشيك على الحضارة الإيرانية ينبع جميعاً من الحكم الذي يعرض أجيال المستقبل في إيران للجشع الذي لا يشبع، ولكشف النقاب عن كل العوامل التي تؤدي إلى تآكل الحضارة الإيرانية، فلابد وأن نرجعها إلى الولي الفقيه وحرس النظام!