أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنفيذ ضربات جوية “ناجحة للغاية” ضد ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، هي فوردو ونطنز وأصفهان. وفي منشور له على منصة “تروث سوشيال”، أكد ترامب أن قاذفات أمريكية من طراز B-2 ألقت حمولة كاملة من القنابل الثقيلة على منشأة فوردو النووية شديدة التحصين، وأن جميع الطائرات عادت بسلام إلى قواعدها بعد تنفيذ المهمة. وصف ترامب العملية بأنها “إنجاز عسكري تاريخي” لم يكن باستطاعة أي جيش آخر في العالم تحقيقه، مضيفًا: “الآن هو وقت السلام”.
الهجوم الأميركي يمثل أول استهداف مباشر من واشنطن لمنشآت نووية داخل إيران، ويأتي بعد أيام من تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل، مما ينذر بتوسيع خطير في دائرة الصراع الإقليمي. ورغم تأكيد ترامب أن الضربة لا تعني التوجه نحو حرب شاملة، إلا أنها وضعت الولايات المتحدة فعليًا في قلب النزاع.
في الداخل الأمريكي، أثار الهجوم انقسامًا سياسيًا حادًا، حيث انتقد النائب الجمهوري توماس ماسي العملية واعتبرها غير دستورية لعدم الحصول على تفويض من الكونغرس، مشيرًا إلى أنه سيطرح مشروع قرار يمنع إدارة ترامب من الانضمام للحرب بين إسرائيل وإيران دون تصويت رسمي. على الجانب الآخر، أيد عدد من أعضاء الحزب الجمهوري مثل السيناتور ليندسي غراهام القرار، معتبرين أن توجيه ضربة قوية إلى منشآت إيران النووية كان ضروريًا لوقف تهديدها.
ردود الفعل الدولية جاءت حادة أيضًا، إذ أدانت الصين الضربات ووصفتها بانتهاك صارخ للسيادة الإيرانية، محذرة من تداعياتها على الأمن والاستقرار في المنطقة. ودعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى ضبط النفس، مشددًا على أن استخدام القوة لن يحقق السلام، وأعرب عن استعداد بكين للقيام بدور دبلوماسي لتخفيف التوتر. في السياق ذاته، نددت روسيا بالهجمات ووصفتها بأنها خطوة خطيرة قد تقود إلى “كارثة نووية”، محذرة واشنطن من مغبة التورط في نزاع مفتوح مع إيران. وأعلنت موسكو استعدادها للعب دور الوسيط بين طهران وتل أبيب لتفادي مزيد من التصعيد، فيما تحدثت تقارير عن محادثات مباشرة بين بوتين وترامب بهذا الخصوص.
الهجوم الأمريكي على المواقع النووية الإيرانية يمثل تحولًا مفصليًا في الصراع الإقليمي. فبينما تؤكد إدارة ترامب أن العملية تهدف لردع طهران وتعطيل برنامجها النووي، فإن تعقيدات المشهد السياسي والأمني تشير إلى احتمالات انفجار أوسع. وتشير التحليلات إلى أن نجاح الضربة العسكرية لا يضمن بالضرورة انتقالًا سلسًا نحو السلام، بل يفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة تشمل توسيع رقعة المواجهة لتشمل أطرافًا إقليمية أخرى، أو دخول المنطقة في دوامة من الفوضى الممتدة. كما أن غياب الغطاء القانوني الداخلي للعملية يثير تساؤلات داخل واشنطن بشأن صلاحيات الرئيس في شن عمليات عسكرية واسعة دون الرجوع إلى الكونغرس، في وقت يشهد فيه النظام السياسي الأمريكي انقسامات متصاعدة.
في ظل هذه المعطيات، يُنظر إلى موقف الصين وروسيا بوصفه مؤشرًا على بداية تحرك دولي للجم التصعيد ومحاولة إعادة الأطراف إلى طاولة التفاوض. لكن يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن لأي جهود دبلوماسية أن تُعيد توازنًا هشًا بعد قصف منشآت نووية؟ وهل ستقبل إيران ومعها حلفاؤها بالجلوس على طاولة الحوار بعد ضربة استهدفت قلب برنامجها النووي؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
