يتواصل التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل للأسبوع الثاني على التوالي، وسط ضربات متبادلة طالت منشآت حيوية، بينها منشأة نووية إيرانية، بينما تتجه الأنظار نحو جنيف حيث تدور محاولات أوروبية لإحياء المسار الدبلوماسي المتعثر، في ظل تشدد مواقف الجانبين.
وفي تطور ميداني خطير، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، السبت، مقتل سعيد إيزادي، قائد فرع فلسطين في “فيلق القدس”، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، وذلك خلال غارة جوية استهدفت شقة سكنية بمدينة قم الإيرانية.
وقال كاتس في بيان رسمي إن إيزادي كان مسؤولًا عن تمويل وتسليح حركة “حماس” قبل هجوم 7 أكتوبر 2023، الذي فجّر الحرب الدامية على غزة، واصفًا العملية بـ”الإنجاز الكبير للمخابرات الإسرائيلية وسلاح الجو”.
وفي الوقت نفسه، أكدت وسائل إعلام إيرانية مقتل خمسة من عناصر الحرس الثوري الإيراني خلال غارات إسرائيلية على مدينة خُرم آباد، جنوب غرب إيران، في حين لم يصدر تأكيد رسمي بشأن مقتل إيزادي، رغم تقارير أولية عن استهداف مبنى في مدينة قم أسفر عن مقتل فتى يبلغ من العمر 16 عامًا وإصابة اثنين آخرين.
جنيف: مفاوضات متعثرة
في موازاة التصعيد العسكري، انعقدت الجمعة في جنيف جولة دبلوماسية ضمت وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ونظراءه من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، سعيًا لبحث إمكانية وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات النووية.
لكن طهران أبدت تشككها في الطرح الأوروبي، إذ وصف مسؤول إيراني رفيع، في تصريحات لوكالة رويترز السبت، المقترحات بأنها “غير واقعية”، مشيرًا إلى أنها لن تسهم في تقريب وجهات النظر أو تحقيق تقدم.
وأكد المسؤول أن إيران سترُاجع المقترحات في طهران وتقدم ردها خلال الجولة المقبلة، لكنه شدد على أن رفض التخصيب الكامل يمثل “طريقًا مسدودًا”، مضيفًا أن القدرات الدفاعية الإيرانية “ليست محل تفاوض”.
نزاع نووي بواجهة عسكرية
بدأت الضربات الإسرائيلية المكثفة في 13 يونيو الجاري، بعد مزاعم بأن إيران على وشك إنتاج أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران بشدة، مؤكدة أن برنامجها مخصص للأغراض السلمية فقط. ويُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية، رغم سياسة “الغموض النووي” التي تتبعها منذ عقود.
وبينما تدرس الولايات المتحدة تقديم دعم عسكري محدود لإسرائيل، تدعو قوى عالمية أخرى، بينها الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.
قراءة في المشهد
يتضح من التطورات أن المسار العسكري بات يتسيد المشهد على حساب الدبلوماسية، في وقت تتعثر فيه المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتتسارع الضربات التي تستهدف قيادات عسكرية مؤثرة في الداخل الإيراني، ما قد يفتح بابًا أوسع لمواجهة مفتوحة، سواء مباشرة أو بالوكالة، تشمل أطرافًا إقليمية ودولية.