تعرف علي التداعيات السياسية والأمنية لقرار الإيكواس بطرد مالي

في خطوة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية وأمنية عميقة، أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) أن مالي ستصبح خارج المنظمة رسميًا اعتبارًا من 29 يناير 2025.

و جاء هذا الإعلان بعد مرور عام على انسحاب مالي، إلى جانب النيجر وبوركينا فاسو، من المنظمة في إطار تحالف إقليمي جديد أطلق عليه “تحالف دول الساحل”. هذا التطور يثير تساؤلات حول دلالاته، مآلاته، وانعكاساته على دول الجوار، خصوصًا موريتانيا، التي كانت أول دولة تنسحب من الإيكواس عام 2000.

الدلالات السياسية للقرار

وقد رصد سلطان البان المحلل السياسي الموريتاني المتخصص في الشئون الإفريقية الانسحاب المالي من الإيكواس الدلالات السياسية للقرار الذي  يعكس أزمة ثقة متزايدة بين المنظمة ودول الساحل.

فمنذ الانقلابات العسكرية التي شهدتها مالي، النيجر، وبوركينا فاسو، تبنت الإيكواس موقفًا صارمًا، شمل فرض عقوبات اقتصادية وسياسية.

إلا أن هذه الإجراءات لم تؤدِّ إلى إعادة الأنظمة المدنية، بل دفعت الدول الثلاث إلى بناء تحالف جديد بعيدًا عن الإيكواس، في تحدٍ واضح للنظام الإقليمي التقليدي في غرب إفريقيا.

منظمة ايكواس

ويبرز هذا التحول وفق تغريدة البان علي منصة أكس  رغبة دول الساحل في صياغة سياسات أكثر استقلالية، بعيدًا عن النفوذ التقليدي للإيكواس والقوى الغربية التي تدعمها.

كما يعكس تراجعًا في قدرة المنظمة على التعامل مع الأزمات الداخلية، ما قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات الإقليمية.

الأبعاد الاقتصادية للقرار

وقدتأسست الإيكواس لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول غرب إفريقيا، ويُعد انسحاب مالي، وهي دولة غير ساحلية تعتمد على التجارة مع جيرانها، تحديًا اقتصاديًا مزدوجًا:

. فعلي صعيد مالي المتضررة من القرار  قد تواجه باماكو تحديات لوجستية واقتصادية، خصوصًا في ظل احتمالية تقييد حركة التجارة عبر دول الإيكواس.

فيما يتعلق  بالإيكواس فإن خروج مالي يُضعف جهود التكامل الاقتصادي ويثير تساؤلات حول مستقبل المنظمة في ظل تصاعد النزاعات السياسية.

انعكاسات القرار تمتد كذلك إلي موريتانيا، التي انسحبت من الإيكواس عام 2000 لأسباب مشابهة تتعلق بالسيادة والسياسات الاقتصادية، تجد نفسها اليوم في موقع استراتيجي يمكن أن يتأثر مباشرة بهذه التطورات.

ومن المهم هنا الإشارة إلي أن موريتانيا ليست عضوًا في الإيكواس، لكنها تربطها علاقات تجارية قوية مع دول المنظمة، خاصة مالي والسنغال. خروج مالي قد يُعيد رسم خريطة التبادلات الاقتصادية في المنطقة، حيث:

وقد تلعب موريتانيا دورًا أكبر كحلقة وصل بين مالي ودول الساحل الأخرى، خصوصًا عبر موانئها، مثل ميناء نواكشوط.

وكذلك قد  تستفيد موريتانيا من تعزيز العلاقات الاقتصادية مع تحالف دول الساحل الجديد، ما قد يفتح أسواقًا وفرصًا استثمارية جديدة.

وتقاسم موريتانيا حدودًا طويلة مع مالي يجعلها شريكًا رئيسيًا في أي ترتيبات أمنية إقليمية. انسحاب مالي من الإيكواس قد يؤدي إلى:

وحول تعزيز التعاون الأمني الثنائي فقد تضطر موريتانيا إلى تعزيز التنسيق الأمني مع مالي لمواجهة التهديدات المشتركة، مثل الإرهاب والجريمة المنظمة.

فيما قد يسهم  الانقسام الإقليمي في إطعاف  التعاون متعدد الأطراف في مكافحة الإرهاب، ما قد يزيد من المخاطر الأمنية على الحدود الموريتانية.

الغزواني وتراوي

وفي هذا السياق قد تجد موريتانيا، التي تبنت سياسة الحياد تجاه أزمات الإيكواس، نفسها أمام فرصة لتعزيز دورها كوسيط إقليمي  فانسحاب مالي يُتيح لنواكشوط فرصة لعب دور محوري في تقريب وجهات النظر بين دول الساحل والإيكواس، مستفيدة من خبرتها في التعامل مع التكتلات الإقليمية.

من التداعيات المهمة لهذه الخطوة أنها قد تؤدي لإضعاف الإيكواس: فانسحاب مالي يُظهر تراجع قدرة الإيكواس على الحفاظ على وحدة أعضائها، ما قد يُشجع دولًا أخرى على التفكير في خيارات مشابهة.

فيما قد تعززهذه الخطوة  تحالف دول الساحل فالتحالف الجديد قد يُعيد تشكيل التوازنات الإقليمية، خاصة إذا تمكن من جذب دول أخرى أو بناء شراكات دولية قوية.

طرد مالي وروسيا والصين

في المقابل قد يؤدي ذلك لتصاعد النفوذ الدولي فانسحاب مالي قد يُتيح المجال لقوى دولية، مثل روسيا والصين، لتعزيز حضورها في المنطقة، وهو ما قد يُغير موازين القوى التقليدية.

يبدو وفق للباحث سلطان البان إن قرار الإيكواس بخروج مالي يعكس تحولًا عميقًا في بنية النظام الإقليمي بغرب إفريقيا، وهو تحول يحمل في طياته تحديات وفرصًا لدول الجوار، بما فيها موريتانيا.

بينما تواجه المنطقة خطر الانقسام والتشرذم، تبرز الحاجة إلى مبادرات إقليمية جديدة تُعيد صياغة التعاون بما يخدم مصالح الشعوب بعيدًا عن الصراعات السياسية. موريتانيا، بحكم موقعها وتجربتها، قد تكون في موقع مثالي للعب دور فاعل في هذه المرحلة المفصلية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights