توافد ملايين الحجاج منذ الساعات الأولى من اليوم الخميس -يوم عرفة- إلى جبل عرفات لأداء الركن الأعظم من مناسك الحج، في مشهد مهيب تهفو له قلوب المسلمين من كل أنحاء العالم.
ويقف الحجاج على صعيد عرفات منذ زوال الشمس وحتى غروبها، ملبين ومبتهلين ومتضرعين إلى الله، في أجواء روحانية نادرة، وسط إجراءات تتظيمية ضخمة وغير مسبوقة من قبل السلطات السعودية.
ويُعد الوقوف بعرفة الركن الأعظم من أركان الحج، فمن فاته الوقوف فقد فاته الحج كما جاء في الحديث النبوي الشريف: “الحج عرفة”.
ويعد يوم عرفة من أعظم الأيام عند الله، حيث يباهي بهم الملائكة ويغفر فيه الذنوب ويُعتف الرقاب من النار، كما ورد في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم : (ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة).
وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)”.
بدورها وفّرت المملكة العربية السعودية، جميع الإمكانيات والخدمات لضمان أداء المناسك في أجواء مريحة وآمنة، بدءًا من الإسعاف والطوارئ، ومرورًا بخدمات النقل والتفويج، وصولًا إلى البنية التحتية الذكية التي تتابع تحركات الحجاج وتنظم الحشود بكفاءة غير مسبوقة.
وتُعد هذه النسخة من الحج 2025 من أكبر نسخ الحج تنظيمًا وتكنولوجيا، حيث تم إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة لمراقبة حركة الحشود، والتأكد من سلاسة الأداء وضمان السلامة العامة.
وعندما يقف الحجيج في عرفات ينتصب أمامهم مسجدة “نمرة”، وبه جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصرًا وجمعًا “جمع تقديم”، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة.
وفي أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري بني مسجدَا في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد نمرة، توالت بعدها توسعاته على مر التاريخ وصولاً للوقت الحالي فأصبحت مساحته (124) ألف متر مربع مؤلف من طابقين مجهزين بنظام للتبريد والمرافق الصحية حيث يتسع لأكثر من (300) ألف مصل”.