الأثنين أكتوبر 7, 2024
أقلام حرة

خالد حمدي يكتب: كلمات في حق الإخوان المسلمين

مشاركة:

على ذِكْر الإخوان المسلمين والحملة الشوهاء التي لا تكاد تتوقف ضدهم…

مسلسلات.. برامج.. مكتوبات..

أذكر بعض المواقف ثم أعود لأربطها بالإخوان، والحملة التي لا تنتهي عليهم…..

 منذ فترة أرسل إليّ أحد دعاة الإخوان المسلمين الذين جمعتني بهم رفقة الدعوة في بعض أيام الصبا.. ثم فرقتنا نوائب ما بعد الانقلاب.. والتي ذهب بعدها كل منا إلى المكان الذي كتبه الله له..

 صاحبي هذا أرسل إلي منذ فترة يدعوني لافتتاح جامع كبير ومدرسة في دولة غالبية أهلها من غير المسلمين.

هذه البلدة ذهب إليها كي يعمل للدين كما كان يعمل في مصر…بعيدا ضوضاء النقد، وملاحقات السياسة..

وشاء الله أن يهتدي على يديه، ومعه اثنان من إخوانه حوالي عشرة آلاف إنسان تقريبا، منذ خرجوا من مصر عام 2013 إلى اليوم…

أما الموقف الثاني فمن أغرب ما قد تقرؤه… وهو أنه ومنذ أيام قليلة أنهى أحد الإخوان المسلمين محكوميته الظالمة وحان موعد خروجه.. والذي غالبا ما يكون بعد مقابلته لضابط أمن الدولة يوم الإفراج عنه..

وبدوره قال له الضابط:

لا تستغرب مصر بعدما تخرج…

فقد أصابها من فساد الأخلاق، وانتشار الموبقات، وذيوع الإلحاد ما لا تتخيله!!

ظن صاحبنا أن الضابط يتهكم عليه، فنظر إليه متعجبا دون أن يتكلم… فأكمل الضابط قائلا:

ومع ذلك: لو أمرت أن أعتقلك من جديد لاعتقلتك!!

لكنها وفي لحظة صدق مع النفس أقولها:

(المجتمعات ساءت كثيرا في غيابكم!!)

ثم أمره بالانصراف!!

ذكرت هذين الموقفين لا لألمع صورة الإخوان، أو أجلب تعاطفا لهم من هنا أو هناك…

فالله حسيبهم في كل ما يفعلون..

إنما لأؤكد على خسارة كل مجتمع خلا من الإخوان ودعاتهم، ومربَح كل مجتمع فاز بداعية مخلص منهم!!

في مصر وفي غير مصر..

أما أمر الدعاية السوداء هنا أو هناك فلم تعد تنطلي على الشعوب، ولا ينبغي أن تفُتَّ في عضد أبناء الدعوة، لأنها مقصودة ومتعوب عليها حتى يقبحوهم في قلوب وعقول أجيال ولدت ولم تعرفهم، أو أجيال غيبوا عنها الإخوان طويلا..

في رمضان الماضي وبينما كنت في إحدى الفعاليات انتحى بي جانبا أحد الساسة القريبين من علية القوم في إحدى الدول، وكلمني بحفاوة علمت معها أنه يقرأ لي بعض ما أكتبه، وذكرني ببعض مقالاتي، وتكلم معي مطولا عن جماعة الإخوان المسلمين.

قال الرجل في لحظة صدق عجيبة:

أتدري ما أعجب ما صنعته الأنظمة في الإخوان المسلمين؟

لقد قبّحتهم في أعين الناس، وقللتهم في أعين أنفسهم رغم أنهم كانوا يستحقون ما هو أفضل من ذلك!!

ثم قال:

من الذي يوقِف العالم كله على قدم واحدة بهذه الملاحم العظيمة مثل هؤلاء الذين يقفون أمام الدنيا في غ….زة؟!!

من في تاريخنا الحديث من الزعماء والرؤساء تساوى عرشه عنده مع بُرشه، كمرسي؟!

بل من يتحمل معشار ما تحمله شباب الإخوان ومن معهم من الشباب المؤمن من عذابات لا تطيقها الجبال كما تحمل رجالهم، ولا يزالون؟!!

ثم تلفت حوله وقال:

يا هذا…. أخطر ما يصنعه بك عدوك أن يجعلك تنشغل بنفسك عنه… وأحسبهم قد نجحوا، ثم انصرف!!

هزتني الكلمات، وتدبرتها فوجدتها حقا..

لقد أريد لنا أن ننشغل عن إجرام المجرمين بالانكفاء على أنفسنا، والوقوف عند جراحنا دون اعتزاز بما جرحنا من أجله، ولا تفكير في تعديل الصفوف استعدادا لمعارك مقبلة، يراد لها ألا يكون فيها الإخوان المسلمون ولا غيرهم من المخلصين!!

نعم..لهم أخطاؤهم..لكن ليس عقوبتها القتل..

ولهم عطباتهم…لكن حلها الإصلاح لا الحرق!!

ودور المحبين عند الجروح المداواة ثم المعاتبة…لأن المحب يعتب للتدارك لا التحارُق..

ولو لم تكن الإخوان-على ما أصابها من سهام- شوكة في حلوق الأنظمة، ما حاربتها -بهذه القسوة- قناة العربية، ولا صرف العسكر كل هذه المليارات على مسلسلاتهم العدائية…

أما واجب القائمين على جماعة الإخوان فهو ألا يستمرئوا دور الضحية، وأن يعيدوا ترتيب صفوفهم، والسماع من إخوانهم، والتعلم من أخطائهم، وإلا قضت عليهم مشاريع أعدائهم وداست عليهم خيولها… لأن ضراوة الحرب لا تحتمل التلكؤ أو حتى التأوه!!

سيما وأن الإخوان ليسوا ملك أنفسهم، إنما ملك أمتهم، ورأس حربة أهل السنة الذين لا بواكي لهم في ظل نظام دولي لا يرحم الضعيف، ويتكاتف ضد القوي… سيما لو كان ضد مشاريعهم.

 أخيرا..

 ما المحمدة قصدت، ولا المفخرة عنيت…

بل أعلم أن جماعة الإخوان في أشد حالاتها جراحا، وأكثرها إثخانا …

لكنني أردت أن أقول للشانئ الكاره:

هذه قسوة هجماتكم على الإخوان حال الحصار والملاحقة، فكيف لو عادت لها قوتها…وسوف تعود بحول الله..

وأن أقول للمحب: ترفق بها…فوالله ما أرادت للأمة إلا الخير… لكن السهام تكاثرت حتى أرهقت وأثخنت..

والأحداث ومن وراءها لو كانت في غيرهم لأهلكتهم.

وأن أقول: لأبنائها: لو تعلمون كم تتوجع الدنيا لغيابكم وتأخركم ما طاب لكم منام، ولا طعام!!

منذ أسابيع أنهى لي جار نصراني بعض الإجراءات الحكومية في مصر، ولما سلمها لوالدي قال له:

إنما صنعت ما صنعت خوفا عليك من الأذى، وعلى أوراق ولدك من التأخر، وردا لجميل جار ما آذانا يوما، وقد كنا على غير ملته…فكيف بأهل ملته؟!

سيعود الإخوان إلى ميادين دعوتهم  التي يعرفونها وتعرفهم عن قريب -بإذن الله- فلم يجعل الله ابتلاء دائما أبدا..

وحتى يحدث ذلك عليهم أن يتعلموا الدروس مما أصابهم..

وعلى محبيهم من الأمة أن يبقوا ما في قلوب من وُدٍّ وحب نحوهم..

فوالله ما أعطوا الدنية يوما من دينهم، ولا من أمتهم، ولا من أنفسهم، ولن يعطوها بإذن الله.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *