د. أحمد شحروري يكتب: من المسؤول عن دمار غزة؟
أتذكرون ذلك «الشيخ» الذي صاح بأبي عبيدة: يا أبا عبيدة جاهد بالسنن؟ هو ذاته اليوم يخرج علينا ليدّعي أن القائد السنوار رحمه الله هو المسؤول عن الدمار الذي حلّ في أرض غزة! إنه نمط من “المشايخ” الذين واجهوا عمر المختار شيخ ثوار ليبيا وحاولوا أن يثنوه عن درب الج هاد لِعِلَل في قلوبهم قبل أن تكون عِلَلا على الأرض، وهو يمثل نمط المشايخ الذين يفسرون قول الله تعالى “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة” بغير ما نزلت لأجله بل بعكسه تماما فإنها جاءت في سياق الأمر بالج هاد بالمال والنفس وعقّبت على ترك الج هاد بالنهي عن إلقاء النفس بالتهلكة:
{ٱلشَّهۡرُ ٱلۡحَرَامُ بِٱلشَّهۡرِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡحُرُمَـٰتُ قِصَاصࣱۚ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡ فَٱعۡتَدُوا۟ عَلَیۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَیۡكُمۡۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِینَ. وَأَنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَا تُلۡقُوا۟ بِأَیۡدِیكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ وَأَحۡسِنُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ}
عبثا يحاول هؤلاء الموتورون أن يقنعوا العقلاء بأن الضحيّة هو الجاني لِعَمىً في بصائرهم ولو كانت لهم عيون تبصر «فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور».
إن الذي يدافع عن وجوده على تراب أرضه حرّا فيسعى لطرد الغزاة منها ليس هو الذي يدمّر أرضه، ولكنه يعلم أنْ لا حرية ولا خلاص من غير ثمن، وأن انتصار الثورات لا تفرضه المعجزات، لكن أتريد أيها الشيخ الشبيح أن أخبرك من الذين دمروا غزة بسواعد يهود الموتورة؟
دمرها تربيتكم للنشء على الخذلان، فقد شغلتم الجيل بأسئلة فرقت جمع العامة غير ذات الاختصاص بما تخالفون فيه خصومكم، شغلتموهم بالسؤال: أين الله تعالى؟
وكان ينبغي أن تسألوهم بعد ذلك: أين عدوّكم؟ وماذا فعلتم لِلَجمِ مخططاته ضدّكم؟ انشغلتم بكشف (ضلالات) الأشاعرة عن كشف مخططات الصهاينة ومن والاهم، صنعتم العداوات مع أبناء جلدتكم البسطاء ونسيتم عداوة من أنكروا الدّين كله وأرادوا أن يخترعوا دينا جديدا بغفلتكم وسذاجةٍ مستحكمة فيكم، أليس منكم من كفّر علماءَ ودعاةً انبروا لتخليص الأمة من أصنام البشر التي تنافحون عنها وتجعلون مجرد الإنكار على جرائمها محرّما؟
ودمّر غزة صمْت الأنظمة السياسية وتحريض بعضها على أهل غزة، ممن حاصروها عقدين من الزمان وأحاطوها بأسوار وجُدُر بنوها تحت الأرض تمنع اتصالها بالخارج من فوق الأرض ومن تحتها.
دمّر غزة حسابات مريضة تخلد إلى حياة مَهينة خشية الموت الشريف، فقعدت الأمة عن النفير وحَكَمَتْها حساباتُ حرصِها على مصالحها على حساب أرواح الأبرياء شيوخا وأطفالا ونساء يُسامون سوء العذاب، ونحن نصلي الجمعة والجماعة بمقاييس لا تتعدى حدودا تُغضِب منا عدوّنا.
إن الذي دمر غزة هو هوان الأمة التي سمعت زعماء الصهاينة يهدّدون دول الجوار كلها بالابتلاع والإحلال فلم يصدر عن مسؤول فيها استنكار لتصريحات ولا شكوى لمجتمع الدولي ولا حتى مقال لكاتب محسوب على نظام بلد مهدَّد بالزوال لمجرد نزوة صهيوني زنيم.
يا مشايخ السوء في هذا الوقت العصيب من عمرنا يسَعُكم أن تخرسوا.