ذكر البلاذريُّ أن (عبد مناف بن قصي)، الجد الثالث للنبي ﷺ، كان يقال له: «القمر»، لحُسنه وجماله، وأنَّ ابنيْه (هاشمًا) و(المطلبَ) كان يقال لهما: «البدران»، لحسنهما.
وذكر ابنُ إسحاقَ أن (عبدَ المطلب بن هاشم) كان أوْسَمَ الناسِ وأجمَلَهم وأعظَمَهم.
وكان بنو عبد المطلب جميعا موصوفين بالحسن الباهر والجمال الفائق، حتى (أبو لهب)، الذي ربما يخطر لبعض الناس أنه كان دميما قبيح الوجه، بل إن تسميتَه أبا لهبٍ كانت لأن خدَّيه كانا يتوقدان حمرة من شدة بياضه!
وكان سيدنا ونبينا «محمدٌ» صلوات الله وسلامه عليه: واسطةَ عقد هذا الجمال المتسلسل، وتاجَه المرصَّعَ بجواهر الحُسن الأكمل والبهاء الأتمِّ، بل إن من العلماء من يرى أنه ﷺ أحسن الأنبياء وجهًا وخلْقًا.
…
وكان من أشباه النبي ﷺ من قريش، عدةٌ من أهل بيته، هم:
(الحسن بن علي بن أبي طالب)، وهو أشبه الناس برسول الله ﷺ.
و(أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب)، وهو ابن عمه وأخوه من الرضاعة.
و(جعفر بن أبي طالب)، وقد فرح حين وصفه النبي ﷺ بأنه شبيه به في الخلق والخُلق.
و(قثم بن العباس بن عبد المطلب)، وكان أبوه العباس يرقِّصه ويقول:
حِبِّي قثَم
شبيهُ ذي الأنفِ الأشَمْ
يعني أنه يشبه النبي ﷺ-.
و(محمد بن جعفر بن أبي طالب).
و(عبدُ الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب).
و(مسلم بن معتِّب بن أبي لهب).
و(السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف)، وهو أحد أجداد الإمام الشافعي، وهو وأبوه وابنُه شافع صحابة.
وفي بني هاشمٍ غيرُ هؤلاء ممن يشبَّه بالنبي ﷺ، إلا أنه كلما تباعد الناسُ عن زمان النبوة، احترزوا في تشبيه أحدٍ برسول الله ﷺ.
…
وقال عبد الله بن عمر: ثلاثة من قريش أصبَحُ الناس وجوهًا، وأحسنها أخلاقا، وأثبَتُها حياءً، إن حدَّثوك لم يَكْذِبوك، وإن حدَّثتَهم لم يُكذِّبوك:
(أبو بكر الصديق)، و(عثمان بن عفان)، و(أبو عبيدة بن الجراح).
وكان (أبو بكر الصديق) يسمى: عتيقًا، ويذكرون في معاني هذا الاسم: أنه سُمِّي به لعتاقة وجهه وحُسنه.
وكان (عثمان بن عفان) من أحسن الناس وجها، وفي بعض الآثار: “إنَّا نشبِّهُ عثمان بأبينا إبراهيم”، ومما يُذكر في كتب السير أنهم كانوا يرتجزون بقولهم:
أحسنُ زوجين رأى إنسانُ
رقيةٌ وزوجها عثمانُ!
وهي: (رقية بنت الحبيب) صلوات الله عليهم وسلامه.
وقال عبد الله بن حزم: رأيتُ عثمان، فما رأيتُ ذكرًا ولا أنثى أحسنَ وجهًا منه!
وأما (أبو عبيدة)، فقد ذُكِرَ أنه انتزَعَ حلقتين من حديدٍ علِقَتَا بوَجنَتَيْ رسول الله ﷺ بأسنانه فوَقَعَتْ ثنيَّتاه -السنَّان الأماميان-، فصار أهتَمَ، وقالوا: إنه كان أحسنَ الناس هتمًا، فكأنه ما زاده وقوع أسنانه إلا حسنا!
وكان (عبد الله بن عامر بن كريز) من أحسن الناس وجها، وكان ابنَ خال عثمانَ، وجدة عثمان لأمه وعامرٍ لأبيه: (البيضاء بنت عبد المطلب)، توأمة عبد الله والد النبي ﷺ.
…
وكان (مصعب بن عمير) جميلا وسيما، قُتل في معركة أُحد، فظنَّ قاتلوه أنهم قتلوا النبي ﷺ!
وقدم مكةَ في الجاهلية شمَّاسٌ نصرانيٌّ، فتعجَّب الناس من جماله، فقال شيبة بن ربيعة: أنا آتيكم بشماسٍ أحسن منه، فجاء بابن أخته (عثمان بن عثمان) المخزومي، فسمي عثمان (شماسًا) من يومئذ، وصار يقال له: (شماس بن عثمان)، وقد استشهد في غزوة أحد، وقال النبي ﷺ عنه: “ما تلفَّتُّ ناحية إلا رأيته يقاتل دوني”.
وكان (علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب) أجمل قرشيٍّ على وجه الأرض في زمانه، وكان أبوه (عبد الله) من أجمل الناس وأتمهم خلقة، وكان (العباس) كذلك، وكان كل واحد منهم يصل طوله إلى منكب أبيه.
وكان (معاوية بن أبي سفيان) من الموصوفين بالجمال أيضا.
وكان (مصعب بن الزبير) من أجمل الناس، قال فيه الشاعر:
إنما مصعَبٌ شهابٌ مِن اللهِ
تجَلَّتْ عن وجهِه الظلماءُ
وكان مصعبُ هذا يحسد الحسَنَ البصريَّ على جماله!، لأن الحَسَن كان “كاملَ الجمال” كما وصفه الذهبي، وكانت عند مصعبِ بن الزبير: (سكينةُ بنت الحسين بن علي)، و(عائشة بنت طلحة بن عبيد الله)، وهُما مِن أحسن نساء زمانهما.
…
وكان (الحسن بن الحسن بن علي) جميلا أيضا، وكانت زوجته (فاطمة بنت الحسين بن علي)، وهي من أحسن نساء زمانها، وذكروا أنَّ أمَّ فاطمةَ: (أمُّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله)، والصحيحُ غير ذلك.
وقالوا: إن أمَّ إسحاق هذه كانت من أحسن الناس وجها، ووالدةُ أمِّ إسحاقَ: (الجرباء بنت قسامة الطائية)، ذكروا أنه سُميت الجرباءَ لأنها كانت مِن حسنها تتحاشى النساءُ الوقوفَ إلى جانبها، كيلا يظهر حسنُها على حسنهن، فكأنها جرباء!
فكان للحسن بن الحسن وفاطمة بنت الحسين من الولد: (الحسن المثلث)، و(محمد الديباج)، و(إبراهيم المطرف)، وسميا بذلك لجمالهما.
ثم تزوجت فاطمةُ بعد موت الحسن: (عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان (، فولدت له (محمدا)، وكان يسمى الديباج أيضا لحسنه!
وكان (كابسُ بن ربيعةَ القرشي) أحد بني سامة بن لؤي بن غالب، رجلًا من أهل البصرة يشبه النبي ﷺ، قال من رآه من الصحابة: إلا أن رسولَ الله ﷺ كان أرَقَّ حُسْنًا.. ففُتن بهذا الرجلِ أهلُ البصرة، وكتب واليهم إلى معاوية بأمره، فطلب معاويةُ حضورَه فأتاه كابس، فلما رآه معاوية، قام إليه والتزمه وقبَّل بين عينيه، وأقطَعَه أرضا.
وكان أنس بن مالك إذا رأى كابسًا هذا بكى، إذ كان يذكره بالنبي ﷺ!
وهذه متفرقات في الجمال ليس لها ترتيب ولا يراد منها الحصر، بل هي عفو الخاطر، ولا يجمع بينها سوى أنها في قريش خاصة.
صلى الله وسلم على سيدنا وحبيبنا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومَن تبعهم إلى يوم القيامة.