د. حاكم المطيري يكتب: أيها السوريون.. ﴿خذوا حذركم﴾
كانت بريطانيا الاستعمارية تبدأ في كل منطقة تريد السيطرة عليها بحصارها ومنع توريد السلاح لها قبل غزوها ثم تقوم بتجريد سكانها منه بعد دخول قواتها إليها واحتلالها كما فعلت ذلك في الهند سنة ١٨٥٦م وفي مصر ١٨٨٢م وفي الخليج ١٩٠٠م والعراق ١٩١٨م وعلى خطاها سارت فرنسا ثم أمريكا وروسيا في العالم العربي والإسلامي حتى فقدت شعوبه القدرة على دفع عدوان المحتل الخارجي وتحرير أرضها!
وصارت هذه سياسة تفرضها الدول الأوربية الاستعمارية على حكومات المنطقة الوظيفية التي تخضع لها في مناطق نفوذها فانتهى ذلك بتجريد كل دول العالم الإسلامي التي احتلتها الحملات الصليبية من سلاحها إلا بما يسمح لها بضبط الأمن الداخلي فقط لخدمة المحتل الخارجي!
وأصبحت شعوبه بعد ذلك طيعة للمحتل الأجنبي عاجزة عن منع الطغيان السياسي أو الاحتلال الخارجي لطول عهدها بترك السلاح إلا الشعوب التي ظلت تحتفظ بسلاحها الشخصي كالشعب الأفغاني واليمني وهما الاستثناء الوحيد!
وهذا ما تبدى اليوم بأوضح صوره في عجز 500 مليون عربي في 22 دولة عن فك الحصار عن غزة وأهلها وإغاثة نسائهم وأطفالهم أو وقف العدوان عليهم وهم يقتلون على مرأى ومسمع من العالم كله!
وقد أدركت الثورة الأمريكية هذه الحقيقة مبكرة وجعلت من ضمانات الحفاظ على حرية الشعب الأمريكي حقه في الاحتفاظ بسلاحه للدفاع عن حريته!
المحتل الدولي
وقد صار المحتل الدولي اليوم عبر مجلس الأمن ومبعوثي الأمم المتحدة يشترط على كل حركة تحرير في العالم العربي والإسلامي للاعتراف بها وبحكومتها نزع السلاح من شعبها وتجريده منه وحصره بالدولة التي لم تستكمل بعد عناصر سيادتها كما جرى في ليبيا بعد الربيع العربي!
وهو ما فعله تماما تنظيم الدولة في مناطق الثورة التي سيطر عليها من حلب والرقة إلى الموصل سنة ٢٠١٤ الذي جاء في سياق الثورة المضادة حيث جرد العشائر وفصائل الثورة من سلاحها ليمهد الطريق بعد ذلك لسقوطها ولعودة نظام الأسد إليها وميليشيات إيران!
ولعل أشد ما ستواجهه حكومة سوريا اليوم الضغط عليها من النظام العربي الوظيفي والنظام الدولي ودعوتها إلى تجريد شعبها من سلاحه للاعتراف بها في الوقت الذي لم تتحرر سوريا بعد من الوجود الروسي والأمريكي ولم تستقر أوضاعها وما زال العدوان الصهيوني عليها مستمرا وخطرا يهدد أمنها ووحدتها واستقرارها مما يجعل تسليح الشعب كله ضرورة لحماية شعبها!
ثورة مضادة مسلحة
ولا توجد ضمانة من عدم حدوث ثورة مضادة مسلحة مدعومة من الخارج كما جرى في ليبيا واليمن بالأمس ويجري في السودان اليوم!
لقد كفل الإسلام حق كل مواطن في الدولة بالاحتفاظ بسلاحه وحض على ذلك كما في قوله تعالى عن المؤمنين ﴿وليأخذوا أسلحتهم﴾ وقال ﴿ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم﴾..
وقد نظم الإسلام هذا الحق دون أن يصادره إلا من الجماعات التي تخرج على الدولة أو تنازعها السلطة أو تمثل خطرا على المجتمع وكذا منع الإسلام من الظهور بالسلاح وترويع الناس به في أسواقهم مع إتاحة التدرب عليه في أماكن خاصة ليظل الشعب كله قادرا على الدفاع عن نفسه وأرضه خاصة في ظل النظام الدولي الحالي الذي ضمن للدول الخمس في مجلس الأمن السيادة على العالم والتدخل العسكري في أي بلد واحتلاله واستعمال حق النقض الفيتو لمنع أي قرار يدينها فضلا عن إخراجها منه.