مقالات

د. خالد فهمي يكتب: الطوفان الجديد «3»

◾يقول تعالى ﴿ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا﴾ [سورة الإسراء 17/3]

هذه آية شارحة تفسر أسباب النجاة بالطوفان قديما، وأسباب الغرق قديما، وتفسر أسباب من سيغرقهم الطوفان الجديد في هذه الحقبة الراهنة.

◾والآية نص في استجابة خلق الله للقيام بمرادات الله جميعا.

◾الآية تقول إن بقية ممن نجت من طريق سفينة نوح قديما- نجت لأنها آمنت، وشكرت وسارت بمنهج الله فاستحقت أن تحملها السفينة، واستحقت أن يحملها الماء ثم تنزل بعد ما تبتلعه الأرض ويعاود الناجون مسيرة الحياة والعمران.

◾الآية تقول إن النجاة مصاحبة لمعية منهج السماء وتقول إن الذين نجتهم السفينة قديما كانوا في معية نوح عليه السلام، والذين أغرقهم الطوفان كانوا معاندين لنوح، وكانوا مغرورين بقوتهم وعمارتهم وبنيانهم.

◾والآية تشير إلى أن الذين سيغرقون في الطوفان الجديد هم أولئك الذين تنكروا لمنهج السماء الذي تنزل على موسى، وهم الذين غرتهم قوتهم، وغرتهم عمارتهم، وغرتهم يد الدعم التي تقاطرت عليهم من كل الغرب المجرم، وهم من عاندوا الله، واستطالوا على الحياة والحضارة، وتوحشوا في مواجهة الإنسانية النبيلة المقاومة.

◾الآية تقول إن الطوفان يشتغل في الحياة بيدين، يد منجية تنجي المستمسكين بوحي السماء ممن لم يبدلوا، ولم يتوحشوا، ولم يهدموا بيتا للرب في الأرض، ولم يقصفوا دار علاج، ولم يهدموا عمارة أو بنيانا، ويد مغرقة تغرق المعاندين، المجرمين، المتوحشين ممن يهدمون، ويحرقون، ويقتلون، ويمثلون بالجثث، ويهجرون خلق الله من أرض الله.

◾الآية في ختامها العجيب تفسر أسباب النجاة وتجملها في محورين أو عمادين، هما عماد العبودية لله تعالى بحق، وعماد الشكر والامتنان لله الرب المعطي المانح بصدق.

◾الآية تقول إن النجاة وقت الطوفان متحققة للفريق الذي يعالن بالإيمان بالله من طريق الأنبياء، والذي يؤمن بجميع الأنبياء صلى الله عليم وسلم من لدن آدم ونوح وإبراهيم وموسي وعيسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

◾الآية تقول إن النجاة وقت الطوفان متحققة لمن يعمل بقانون وحي السماء الظاهرين على الحق، المجاهدين في سبيل الله، المدافعين عن مساجد الله، المرابطين في الأرض التي جعلها الله رباطا إلى يوم القيامة.

◾والآية تقول إن الغرق بالطوفان متحقق فيمن تطاول على الأنبياء وتنكر لميراث نوح، وميراث موسى

 يقول المفسرون إن الله امتن على موسى وبني إسرائيل قديما إذ جعلهم من ذرية نوح الناجية، ولكن التاريخ والواقع يقولان إن الذين يزعمون الصلة بموسى عليه السلام تنكروا لميراث نوح وتنكروا لميراث موسى، الواقع الراهن يقول إن «الحفنة» الباقية ممن ينسبون أنفسهم إلى موسى ليسوا من قوم موسى على الحقيقة، والذين فحصوا الدم الصهيوني، والنسب الصهيوني يقررون ذلك بوضوح شديد، لقد كان جمال حمدان في عمله الفذ (اليهود أنثربولوجيا) يقرر ذلك، كان الرجل العظيم يقول: إن هؤلاء المتوحشين ليسوا هم حفدة اليهود الذين خرجوا من فلسطين في حقبة ما قبل الميلاد، وكان يقول إن الصهاينة اليوم هم حفدة قبائل الخزر التتريين وهذه الحقيقة العلمية هي التي أكدها فيما بعد أرثر كويستلر أيضا.

◾والآية تشير إلى ضرورة تحليل سلوك الصهاينة في ضوء سلوك إمبراطورية التتار قديما، ليتأكد لنا استمرار ميراث الدم والنار من أولئك إلى هؤلاء الطوفان الجديد نسخة بشرية تستلهم الطوفان القديم المعروف عند الإطلاق، ومثلما أغرق الطوفان القديم «شرور الأرض» في ذلك الزمان البعيد، سيغرق الطوفان الجديد صهاينة الأرض في الزمان القائم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى