في إحدى زياراتي لمجمع البحوث بالأزهر في عام ٢٠٠٤؛ قال لي فضيلة الشيخ السيد أبو عجور رحمه الله وكان أمينا للمجمع آنذاك: بص يا عم الشيخ ربيع، إحنا عندنا مشكلة في المجمع بين لجنة مراجعة المصحف الشريف والشيخ الطبلاوي، وإبراهيم ابنه عامل لهم قضية.. اقعد مع الشيخ المعصراوي وهو هايفهمك القصة من أولها لآخرها، وبعدين هاقولك أنا عايز منك أيه.
سمعت القصة بالتفصيل من فضيلة الشيخ أحمد المعصراوي؛ وكان أيامها رئيسا للجنة مراجعة المصحف الشريف، وكانت صلتي قد توثقت بالمشايخ الفضلاء أعضاء اللجنة؛ بسبب ترددي عليهم لأعمال تخص شركة حرف لتقنية المعلومات التي كنت أعمل بها آنذاك، ولأعمال أخرى لغيرها من الشركات.
جئت إلى الشيخ السيد أبو عجور رحمه الله بعد أن عرفت تفاصيل المشكلة من الشيخ المعصراوي وغيره من المشايخ أعضاء اللجنة، فقال لي الشيخ السيد رحمه الله: شوف يا بشمهندس ربيع؛ انت مهندس شيخ، وأنا هادخلك في مشكلتنا مع الشيخ الطبلاوي بصفة شخصية؛ هابعت لك الجهاز اللي عليه المشكلة وانت فضي لنا نفسك شوية واسمع الجهاز واكتب تقريرك براحتك، واقسم لك بالله لن يعرف هذا الأمر إلا أنا وشيخ الأزهر؛ الشيخ سيد طنطاوي وهو يعرفك ويثق فيك أيضا، ولن نتسبب لك في أي مشاكل.. متقلقش أبدًا..
فعلًا بعد أيام اتصل بي الشيخ السيد أبو عجور رحمه الله وقال لي: اديني عنوان مكتبك؛ سواقي الخاص هايجيب لك جهاز الشيخ الطبلاوي حالا؛ والسواق ميعرفش حاجة عن الموضوع. وكنت وقتها مديرًا عامًا لشركة المصادر دوتكوم للبرمجيات في مدينة نصر.
وصلني الجهاز الذي عليه القرآن مرتلًا بصوت الشيخ الطبلاوي رحمه الله، والحق يقال أن صوت الشيخ الطبلاوي رحمه الله في الترتيل جميل جدا، فيه بحوحة جميلة وأداؤه متميز وشدني إليه أنه ذكرني بأيام الدراسة الجامعية؛ حيث سمعته أول مرة مرتلًا وكان ذلك في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي.
تفرغت للمهمة أسبوعًا؛ وكتبت تقريري، وذهبت سلمته بيدي للشيخ السيد أبو عجور رحمه الله، وبمجرد أن فتح التقرير وقرأه تهلل وجهه وقال: الحمد لله؛ أنا كنت متخيل إن المشايخ في لجنة مراجعة المصحف متعنتين مع الشيخ الطبلاوي، ربنا يكرمك يا بشمهندس. ودعا لي كثيرًا رحمه الله.
في اليوم التالي كما أخبرني بذلك بعدها؛ ذهب بالتقرير بنفسه وأطلع عليه شيخ الأزهر الشيخ سيد طنطاوي رحمه الله، وقال له: أهو ده تقرير من واحد ملهوش أي صلة بالمشكلة اللي بين الشيخ الطبلاوي واللجنة.
والحق يقال أن الملاحظات الستة التي استدركتها على الجهاز، هي نفسها التي استدركتها اللجنة ومعها إضافات لهم؛ كان رأي الشيخين طنطاوي وعجور رحمهما الله أن يتقرر حل الملاحظات الستة فقط، وبعدها يأخذ الشيخ الطبلاوي رحمه الله تصريحا بتداول هذا الجهاز من مجمع البحوث وتنتهي المشكلة؛ وهو ما قد كان.. والحمد لله رب العالمين.