د. سلطان إبراهيم يكتب: «ولا تكتمونه» بيان حان وقته

كلمة حق لله وليغضب مَن يغضب وليرحل مَن يرحل، فقد علم الله أني أحب أهل الإسلام ومن ناصروا الإسلام من دعاته وعلمائه في شتى ربوع الأرض وأحفظ لكل صاحب فضل حقه حتى إن لم تربطني به معرفة وصلة ولكن هناك من ينتسبون إلى العلماء زورًا ويتركون الأرض بورا، ويغرسون القلوب أحقادَ وشرورًا فهؤلاء ليس لهم عندنا حمدًا ولا شكورا وقد رأينا أنه ينطبق عليهم ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

«إنَّ بعض الناس لا تراه إلاَّ مُنتقِدًا داءً، ينسى حسنات الطوائف والأجناس ويذكر مثالبهم، فهو مثل الذباب؛ يترك موضع البرء والسلامة ويقع على الجرح والأذى، وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج»

والله يا شيخ الإسلام لقد رأيناهم عيانا، وأوذينا منهم زمانًا، نسأل الله أن يُريح منهم الأمة ويكشف عنّها برحيلهم الغُمَّة!

وهذا ما كتبه شيخ السلفية النبيل الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق ـرحمه الله تعالى- عام 2017 في بيانِ نشره عبر موقعه الرسمي حمل عنوان «هذا ما فعله الشيخ ربيع بن هادى المدخلي في نفسه ومن اتبعه»:

فإن الشيخ ربيع بن هادى المدخلي وضع أصولاً في الدين فرق بها جماعة المسلمين، وأنشأ فتنة في أهل السنة والجماعة لا أعلم أنها نشأت فتنة مثلها من قبل، ومن هذه الأصول أن كل من وقع في بدعة فهو مبتدع، وأن المبتدع لا يقبل منه إحسان قط، وإن غلبت حسناته على سيئاته، وأن من لم يبدع المبتدع فهو مبتدع مثله.

وأشار عبد الخالق إلى أن ما ينتهجه ربيع المدخلي بموجبه يتم تبديع الإمام البخاري، قائلا:

الأصل الذي قال به الشيخ ربيع بن هادى يَلْزم منه تبديع الإمام البخاري صاحب الجامع الصحيح رحمه الله، وإبطال كتابه الجامع الصحيح، وكذلك يلزم من أصل الشيخ ربيع بن هادى رفض كتب شُرّاح الحديث كالإمام النووي والإمام بن حجر وابن الملقن رحمهم الله، فإن هؤلاء ممن تلبسوا ببدعة التأويل والتصوف، ومن أجل ذلك قام بعض طلاب الشيخ ربيع بن هادي فأحرقوا نسخ فتح الباري تطبيقاً لهذا الأصل، وجاء من سأل الشيخ ابن باز رحمه الله قائلا: هل ابن حجر صاحب فتح الباري في شرح صحيح البخاري مبتدع؟ فقال: من بدع ابن حجر فهو المبتدع.

وتابع: وتطبيقاً لأصل الشيخ ربيع بن هادى فإنه وجماعته توسعوا في مفهوم البدعة، فجعلوا تأسيس الجمعيات الخيرية والجماعات الدعوية من البدع، وبهذا أدخلوا عامة أهل الإسلام في البدعة، فإن الجمعيات الخيرية والجماعات الدعوية منتشرة في العالم الإسلامي بل وغيره من بلاد الكفار، وهم جعلوا كل هؤلاء فرقاً ضالة من أهل النار.

وأوضح عبد الخالق أنه قد ناقش الشيخ ربيع المدخلي في مسألة الجمعيات الدعوية، وحاول الاحتكام إلى الشيخ أبن باز، لكن الشيخ ربيع المدخلي رد عليه بقول:

ابن باز ليس بسلفي (إي والله)،

فقلت له: إذا لم يكن ابن باز سلفياً فمن السلفي إذاً؟

فاستدرك قائلاً هو سلفي في غير الجماعات،

فقلت له: إن النسبة إلى السلفية لا تتجزأ.

وأشار عبد الرحمن عبد الخالق إلى أن الشيخ ربيع المدخلي وتلاميذه وأتباعه، عاثوا في الأرض فساداً ويبدعون أهل الإسلام، وأهل الدين وأهل التوحيد، وأهل السنة، والعجب أن شرهم كله بقى في أهل السنة وحدهم، فإنهم لم يتعرضوا لأحد من أهل البدع الحقيقية، وإنما كان تبديعهم كله وبلائهم كله في أهل السنة والجماعة، ولما كانت مقالاتهم تستلزم إبطال علوم أهل الإسلام، وتبديع كبار العلماء الذين لا يستطيعون إظهار قولهم فيهم فإنهم عمدوا إلى الكذب، وأن يكيلوا بكيلين.

وأضاف: وإني لأحمد الله سبحانه وتعالى على أن النار التي أشعلوها في المسلمين وفي أهل السنة والجماعة أكلتهم قبل غيرهم، ففي الشيخ ربيع وحده مئات الكتب من سبِّه وإخراجه من الدين والسلفية، ومن أخص ممن كانوا معه في هذا الطريق المظلم.

وهذا كلام في غاية الروعة وأحسبه يطابق الحق وحالا ومقالًا، هذا ما قاله الشيخ خالد رزق في عتاب الشيخ محمد حسان على نعيه للمدخلي واصفًا نعيه هذا بأنه لم يكن من الحكمة، ولا الحصافة، وقال خالد مرزوق: لقد حكم ربيع المدخلي على نفسه، وحين قال في [الذريعة شرح كتاب الشريعة للآجري]: «ولذلك فإن من السلف رحمهم الله من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا يفرحون بموت أهل البدع ويُظهرون ذلك، إظهارًا لنعمة الله أن خلّصهم من بدعهم وضلالهم وشرهم وأذاهم على الناس».

مات ربيع بن هادي عمير المدخلي، وقد ترك تراثا وتلاميذ نالت منهم الأمة بلاء عظيما، بل سالت دماء غزيرة، لا رحم الله فيه مغرز إبرة، وعند الله الملتقى والحساب، لقد رحل ربيع الى ربه بعد أن أسس لفكر أوغل في تفريق الأمة وضرب قضاياها الكبرى وتشتيتها بالتركيز على الجزئيات، والطعن في المجاهدين والعلماء العاملين، والتبرير والتطبيل للظلمة والطواغيت والمستبدين، بل والشرعنة لإعانة الكفار على أخيار المسلمين، والوقوف حتى في صف اليهود ضد المسلمين

لعل المدخلي لم يكن يتصور أن يبلغ أتباعه ما بلغوه، ولعله لم يكن يخطر بباله أنه سيكون لفكره، كل هذا الأثر في تمزيق الأمة ولكن ما فعله ربيع وأسس له يصعب أن تمحوه السنون

وقد صار الفاسق يرى نفسه أنه خير من العلماء والمجاهدين لمجرد اتباعه منهج السنة زعما، وهو منهج المدخلي في الحقيقة لا غير،

ويكمل خالد مرزوق عتابه للشيخ حسان بقوله: إن الحق الذي نخاصم «المدخلي» فيه حق دين، وليس حق شخص، وإن الذنب الذي يتعلق برقبته هو ذنب أمة، تمتد عبر الأرض والزمن وليس ذنب عدة أشخاص، فإن كنت أنت بارك الله فيك مريضًا بالأدب رزقنا الله بعض أدبك، فمقام الدين والأمة كما تعلم مقدم على مقام الشخص في الحياة والموت، فإن أبيت إلا الدعاء له فقد كان لك في ما بينك وبين نفسك أو بينك وبين خاصتك فسحة، فإن أبيت فهو الدعاء المجرد، أما هذا الذي تطلقه في الفضائيات وتسطره على الصفحات من ثناء وتفخيم وتعظيم وتهويل فليس بحروف وكلمات سوف تذهب أدراج الرياح، بل هي ظلم للدين وبغي على الأمة وفتنة تعصف بقلوب وعقول الشباب وغيرهم، سامحك الله وبصرك!

وأخيرا: لقد هممت والله أن أترك الحديث عن هذا الرجل عملا بقول عمر رضي الله عنه:

«رحم الله رجلا أحيا الحق بذكره وأمات الباطل بهجره ، ولكني خشيت من أمرين أولهما : أم أخالف أمر الله فيقوله :” ولا تكتمونه” والثاني أن أكون سائرا مع هوى النفس طلبًا لمرضاة بعض الخلق، فسطرت ما سطرت والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.