الخميس أكتوبر 10, 2024
مقالات

‏ د. محمد خير موسى يكتب: التّوأمة التّكافليّة

مشاركة:

امتدّ عام الرمادة تسعة أشهر، وقد كان عمر رضي الله عنه يخطّط في حال اشتداد الأزمة أكثر وامتدادها مدة أطول بفرض ما يمكن تسميتُه “التّوأمة التّكافليّة”.

يقول عمر رضي الله عنه: “والله لو أنّ الله لم يفرجها ما تركتُ أهل بيتٍ من المسلمين لهم سعةٌ إلّا أدخلتُ معهم أعدَادهم من الفقراء؛ فلم يكن اثنان يهلكان من الطّعام على ما يُقيمُ واحدًا”.

فقد كان عمر رضي الله عنه يخطّطُ على عقد توأمةٍ بين كلّ أسرةٍ لديها ما يكفيها من القوت مع أسرةٍ تماثلها في أعداد الأفراد تتقاسمُ معها قوتها اليوميّ المعتاد دون أن تزيد عليه شيئًا، فإنّ طعام الواحد إن تمّ تقاسمه بين اثنين يحميهما معًا من الهلاك.

وهذه التّوأمة التّكافليّة تنسجم تمامًا مع السيّاسة الأشعريّة التي امتدحها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأثنى عليه ثناءً بالغًا حين قال: “إنَّ الأشعريّين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثمّ اقتسموه بينهم في إناءٍ واحدٍ بالسَّويّة؛ فهم منّي وأنا منهم”.

إنَّ تعميم هذه الثّقافة فيما يجري في غزة سيكون لها بالغ الأثر في العلاج العاجل وتخفيف الكثير من الآثار السّلبيّة الاقتصاديّة التي تفرزها هذه الإبادة الإجرامية والتجويع الممنهج.

إنَّ الواجب اليوم على قيادات العمل الإسلاميّ من مفكّرين ودعاةً ووجهاء وأصحاب قرار تعميم هذه التّوأمة التّكافليّة الأشعريّة والعُمريّة حتّى تغدو ثقافةً عامّة وسلوكًا مؤسسيًا لا مجرّد حالاتٍ فرديّة عابرة

Please follow and like us:
د. محمد خير موسى
كاتب وباحث فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *