خلال الفترة الزمنية السابقة لا حديث يعلو فوق الحديث عن الاقتصاد فليس من المفترض ان نكون جميعاً خبراء في الاقتصاد و لكن مما لاشك فيه اننا جميعا اصبح لدينا الشغف بالاقتصاد واصبح حديثنا في الاقتصاد يتقارب من حديثنا عن مباريات كرة القدم واصبح الحديث عن الاقتصاد ليس مقصوراً على فئة محددة بل اصبح بين جميع الفئات الاجتماعية والعمرية والفكرية، ومن ثم رأينا انه علينا مسئولية وطنية وعلمية في توضيح بعض المفاهيم الاقتصادية وهذا ما سنبدأ في طرحه خلال الفترة المقبلة من خلال مقال اسبوعي تحت عنوان «الاقتصاد بالبلدي» بغرض إيضاح بعض المفاهيم الاقتصادية ببساطة وسنلقي الضوء في ذلك الأسبوع على «الفرق بين التضخم النقدي و تضخم التكاليف»
سألني أحد الأصدقاء ونحن نتبادل أطراف الحديث عن الوضع الاقتصادي الحالي هل التضخم في مصر تضخم نقدي أم تضخم تكاليف فبعد ان اجابته رأيت ان أقوم بمشاركتكم الرأي وتوضيح الفرق بين التضخم النقدي وتضخم التكاليف، ومن خلال العرض نستنتج الرأي ما إذا كان التضخم في مصر تضخم نقدي أم تضخم تكاليف
التضخم النقدي
- التضخم النقدي: يحدث عندما تزداد كمية المال المتداول في الاقتصاد بشكل أسرع من زيادة العرض من السلع والخدمات. أي انه زيادة المعروض النقدي دون أن يواكبه زيادة في الإنتاج و التي تؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار
أسباب التضخم النقدي:
1- السياسات النقدية التوسعية:
في فترات معينة، تلجأ الحكومات والبنوك المركزية إلى تبني سياسات نقدية توسعية لتعزيز النمو الاقتصادي أو لمواجهة الأزمات. هذه السياسات تشمل عمليات التيسير الكمي التي تعني ضخ المزيد من الأموال في النظام المصرفي.
2- العجز المالي:
العجز في الميزانية الحكومية غالبًا ما يتم تمويله من خلال طباعة النقود، بدلاً من الاستدانة
أو زيادة الضرائب، وهو ما يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي وبالتالي قد يساهم في التضخم.
3- الأزمات الاقتصادية:
قد تلجأ البنوك المركزية إلى زيادة المعروض النقدي لدعم الاقتصاد في أوقات الأزمات.
4- زيادة المعروض النقدي:
عندما تقوم البنوك المركزية بطباعة المزيد من النقود أو خفض أسعار الفائدة بشكل كبير،
يؤدي ذلك إلى زيادة السيولة في الاقتصاد.
آثار التضخم النقدي:
- ارتفاع الأسعار: بسبب زيادة الطلب على السلع والخدمات دون زيادة مقابلة في العرض فعندما يكون هناك زيادة في السيولة النقدية، قد يرتفع الطلب على السلع والخدمات، مما يضغط على الأسعار.
- انخفاض قيمة العملة: التضخم النقدي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة المحلية مقارنة بالعملات الأجنبية
- فقدان القيمة الشرائية للنقود: حيث تقل قيمة النقود مع ارتفاع الأسعار.
تضخم التكاليف
- يحدث عندما ترتفع أسعار السلع والخدمات بسبب زيادة تكاليف الإنتاج. زيادة في تكاليف المواد الخام، الطاقة، أو الأجور تدفع الشركات لرفع أسعارها لتعويض الزيادة في التكاليف. هذا النوع من التضخم يرتبط بزيادة في تكاليف المواد الخام، الطاقة، الأجور، أو غيرها من المدخلات الإنتاجية
أسباب تضخم التكاليف في مصر:
1- زيادة تكاليف الإنتاج:
O في السنوات الأخيرة، شهدت مصر زيادات كبيرة في أسعار الطاقة، مثل الكهرباء والوقود. هذه الزيادات تزيد من تكاليف الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
2- ارتفاع أسعار المواد الخام:
O تقلبات أسعار المواد الأساسية مثل الغذاء والدواء يمكن أن تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج، مما يرفع الأسعار.
3- مشكلات في سلاسل الإمداد:
O الأزمات الاقتصادية المحلية والعالمية، مثل التوترات الجيوسياسية وأزمات الإمداد، يمكن أن تؤدي إلى زيادة في تكاليف الاستيراد ورفع الأسعار بسبب نقص في المواد الأساسية أو مشاكل في النقل والتوريد
4- الضرائب والرسوم:
O عندما تفرض الحكومة ضرائب أو رسومًا إضافية على الشركات، قد تمرر الشركات هذه التكاليف إلى المستهلكين
آثار تضخم التكاليف:
- ارتفاع أسعار السلع والخدمات:
بسبب الزيادة في تكاليف الإنتاج، مما يضغط على المستهلكين.
- تأثير على الشركات:
الشركات قد تمرر الزيادات في تكاليف الإنتاج إلى المستهلكين، مما يزيد من تكلفة المعيشة
- ضغوط تضخمية على الشركات:
التي قد تؤدي إلى زيادات في الأسعار لحماية هوامش الأرباح.
الوضع الحالي للتضخم في مصر
في الواقع يظهر التضخم في مصر كأثر تراكمي لكلا من تضخم التكاليف والتضخم النقدي ويمكن أن يُعتبر بشكل أساسي (تضخم تكاليف)، مع وجود عناصر من التضخم النقدي.
فتضخم التكاليف يشمل «ارتفاع تكاليف الإنتاج» والمتمثلة في زيادة تكلفة المواد الخام، الطاقة، والخدمات اللوجستية نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة بسبب انخفاض قيمة الجنيه المصري، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج.
و«زيادة الأجور» لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة، تطالب العمالة بزيادات في الأجور، مما يزيد من تكاليف الإنتاج للشركات. وكذا «الاعتماد على الواردات» حيث ان مصر تعتمد بشكل كبير على استيراد العديد من السلع الأساسية، وارتفاع أسعار هذه السلع نتيجة تغيرات في الأسعار العالمية أو انخفاض قيمة العملة المحلية يؤدي إلى زيادة التضخم.
أما التضخم النقدي فهو عبارة عن «زيادة عرض النقود» فعندما تقوم الحكومة بزيادة الإنفاق بشكل يفوق الإنتاج المحلي، أو عندما يطبع البنك المركزي نقودًا لتغطية العجز، يزيد ذلك من كمية النقود المتداولة في السوق دون زيادة مماثلة في الإنتاج، مما يؤدي إلى تضخم نقدي.
وهناك عوامل أخرى أدت الى التضخم في مصر تتمثل في «العوامل العالمية» كارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا، مما يؤثر بشكل مباشر على أسعار السلع في مصر. و«السياسات الاقتصادية» مثل تحرير سعر الصرف في 2016، والذي أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار نتيجة انخفاض قيمة الجنيه المصري.
إذن، التضخم في مصر هو تضخم التكاليف الناجم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والواردات، بالإضافة إلى تأثيرات تضخم نقدي ناتج عن زيادة عرض النقود وسياسات نقدية معينة.
بالبلدي ايه الفرق بين التضخم النقدي وتضخم التكاليف
O التضخم النقدي: ناتج عن زيادة كمية النقود التي تم عرضها و المتاحة في الاقتصاد.
O تضخم التكاليف: ناتج عن زيادة في تكاليف الإنتاج.
فقد شهدت مصر في السنوات الأخيرة زيادات ملحوظة في أسعار الطاقة، مما أثر بشكل مباشر على تكاليف الإنتاج وأسعار السلع والخدمات فهذا النوع من التضخم يسمى تضخم التكاليف و في نفس الوقت، السياسات النقدية مثل زيادة المعروض النقدي أو دعم المشاريع الحكومية قد تسهم أيضًا في التضخم و هذا النوع من التضخم يسمى التضخم النقدي