د. محمود خليل يكتب: عندما تطيش السهام
عندما يتحول الخلاف المذهبي إلي صراع محموم، وتتحول المنهجية العلمية إلي تصفية حسابات شخصية، بل وحقد أعمي، ورؤى طائشة، وهدف قصير النظر، لكسب معركة لا تتجاوز مساحتها مواقع الأقدام.. تجدك مطالبا بأن تعيد النظر إلي قول الله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، وقوله تعالى (إن هذه أمتكم أمة واحدة)،.. بعيون القلب، وبصيرة الروح، وصحة اليقين، وسلامة المقصد
لتعيد التثبت من واجبات الشهادة، ونستهدف الغاية من واجبات الشهود،..
فالمقاصد ثمرات العلوم، والمعاني أرواح الكلمات
أنظر مثلا، هذه الطلقات الطائشة.. التي لا تحمل من سعة الحلم مهادا، ولا من نبيل العلم مقصدا
يقول الشيخ الألباني (رحمه الله تعالى رحمة واسعة) عن العلامة زاهد الكوثري: والحق يقال، إنه علي حظ وافر من العلم بالحديث ورجاله ولكنه -مع الأسف- كان علمه حجة عليه ووبالا،
لأنه لم يزدد به هدي ولا نورا (وما أدراك يا مولانا؟!) لا في الفروع ولا في الأصول (وهل للألباني أثر يذكر، أو قدم تشكر، في الأصول؟!) فهو جهمي معطل، (الله يفتح عليك) حنفي هالك في التعصب (أنا كمان حنفي وشيخي محمد الغزالي حنفي) شديد الطعن والتحامل علي أهل الحديث، قاصيا ودانيا، المستقدمين منهم والمستأخرين (كيف تقره يا سيدنا بأنه علي علم وافر بالحديث ورجاله، ثم لا تسلم له بألف باء علم حديث من الجرح والتعديل؟!).
ثم يحيي الألباني أثر رسالة خفية، بين الشيخ ابن باز (رحمه الله) والدكتور بكر أبو زيد وكيل وزارة العدل، يصف فيها (ابن باز) (الكوثري). بالمجرم الآثم، فيقول ناقلا من الرسالة: إلي آخر ما فاه به ذلك الأفاك الأثيم، عليه من الله ما يستحق، كما، أوضحتم، أثابكم الله تعالى (إلي هذا الحد يا مولانا؟!)
ثم ينعي الألباني علي العلامة، (الشيخ عبد الفتاح أبو غده)، تلميذ الكوثري الأنجب فيقول: وتبجحه باستطالة شيخه المذكور (يقصد الكوثري) في أعراض أهل العلم والتقي، ومشاركته له في الهمز واللمز؟!
وللعلم.. فإن الكوثري ليس بحاجة إلي مزيد كلمة، لنقول للعالمين من هو؟!
أما الشيخ عبد الفتاح أبو غدة فهو نور الشام، المتخرج في كليتي الشريعة واللغة العربية بالأزهر الشريف،
وقد قام بتدريس (أصول الفقه) و(الفقه الحنفي) و(الفقه المقارن)، ردحا من الزمان في جامعة دمشق،
وربي الآلاف من العلماء، ورجال الفكر والحركة والإصلاح، قبل رحيله إلي السعودية لتدريس هذه العلوم في معاهدها وجامعاتها.
وقد أسس مدرسة علمية ذات هم وهمة، وخلق ودقة، وسلوك ورفعة، وفهم واستدلال.
وأخرج عنه طلابه عدة كتب ودراسات، من أهمها:
– الشذا الفواح في أخبار سيدي عبد الفتاح، لمحمود سعيد
– إمداد الفتاح، بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح، لمحمد الرشيد
مرت علي قلمي هذه السطور، وأنا في دوامة لم رماد معركة علمية طاحنة، وجمع فوارغ طلقاتها، التي انهالت من مشارقة ومغاربة، من عدة جبهات، علي حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، المتوفى سنة 505ه، صاحب الاقتصاد في الاعتقاد، والبسيط، والوسيط، والوجيز، والمنخول،
والمنقذ من الضلال، ومعيار العلم، والإحياء، وفيصل التفرقة، وتهافت الفلاسفة.
لا مانع من التحقيق العلمي في أية مسألة،.. صغرت أم كبرت،.. ولكن بمنهجية البحث، وأخلاقيات الاجتهاد، وآداب الخلاف، وعدالة الحكم
أما إدارة الحوار العلمي، بأدوات الجزارة، وعدة النجارة، فسيخرج لنا حصادا مرا، لاشك أن شره أكثر من خيره، وضرره أكثر من نفعه.
وهذا ما تعاني منه الساحة الدعوية، التي حملت أوزارا من زينة القوم، من أمثال الجدليات العلوية الخئون،.. لعدنان إبراهيم وبدر الدين حسون، والعمالات الحقود، لرسلان والرضواني.. والرقص البائر للهلالي والجندي، والكساح الفكري للعدوى وبرهاني.. والسفه التافه لعيسى ومنتصر والبحيري، وكثير من نقانق صبيان الشوارع.. ومن طخ طخهم، أو شخ شخهم
فالإنصاف الإنصاف عباد الله!
وإذا قلتم فاعدلوا
فالمتحيز لا يميز