د. محمود لملوم يكتب: أسرار واستراتيجيات تحرير سوريا في 11 يومًا
استطاعت فصائل المعارضة السورية، بدعم إقليمي، تحرير الأراضي السورية من سيطرة النظام. هذه التجربة تحمل في طياتها دروساً واستراتيجيات مهمة يمكن الاستفادة منها في تحرير بلداننا العربية والإسلامية.
.
ومن أبرز الاستراتيجيات التي ساهمت في تحقيق هذا النجاح:
1- استراتيجية الإعداد الإيماني والعسكري:
استطاعت القيادة في إدلب توفير بيئة إعداد نموذجية في التربية الإيمانية والعلمية الشرعية بجوار التدريب على السلاح، بالإضافة للمناورات التكتيكية المحدودة “غزوات” ضد جيش النظام وداعميه من الميليشيات الشيعية.
.
2- استراتيجية التحيز لأرض ثم الإعداد والانطلاق:
استثمر المجاهدون بقعة أرض صغيرة محررة “إدلب” فتحيزوا لها لتكون قاعدة الانطلاق، ثم بدأوا بالتجنيد والتربية الإيمانية والإعداد والتدريب العملي ثم عمل مناورات محدودة بالهجوم المتقطع على العدو، ثم كان الهجوم الشامل وتحرير كل سوريا.
.
3- استراتيجية نمذجة الحكم:
استطاع المجاهدون في “إدلب” صناعة نموذج مصغر لحكم دولة كبيرة مثل سوريا، وذلك بتأهيل وإعداد كوادر رجالات الدولة من وزراء ومدراء عموم وغيرها من المناصب استعدادا لإدارة شؤون الدولة بشكل احترافي من أول يوم في الحكم بعد كنس النظام البائد.
.
4- استراتيجية الظهير الإقليمي القوي:
استطاع المجاهدون بناء شراكة وتحالف إستراتيجي فعّال مع دولة إقليمية قوية “تركيا” لتدعمهم في تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة.
.
5- استراتيجية ادخلوا عليهم الباب:
هذه الاستراتيجية هي مبدأ قرآني يحرض على التوكل على الله وعدم إضاعة الوقت والتلكؤ في حسابات العوامل المادية بشكل فيه إفراط، أو المبالغة في الجوانب النفسية التخاذلية المثبطة، بل كان الاعتماد على الله بعد الأخذ بالأسباب المستطاعة ﴿… ٱدۡخُلُوا۟ عَلَیۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَـٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ المائدة 23.
.
6- استراتيجية الخداع والتمويه:
استطاع المجاهدون خداع العدو ابتداءً من تسمية المعركة “رد العدوان” والذي لا يعبّر عن تحرير كل سوريا، ثم دخولهم السريع إلى قلب دمشق وتأجيل الحسم في المناطق الحدودية الملتهبة مثل دير الزور والحسكة لوقت لاحق.
.
7- استراتيجية توحيد فصائل المعارضة:
استطاعت هيئة تحرير الشام أن تجمع الفصائل على رؤية واحدة ونبذ الخلافات التي بينهم، مما أثمر عن إدارة مشتركة لإدلب، وغرفة عمليات عسكرية مشتركة وبذلك حققوا شرط مهم من شروط النصر ﴿وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران 103].
.
8- استراتيجية صناعة الرؤية الطموحة:
تعلم المجاهدون من النبي ﷺ أن يصنعوا رؤية طموحة ثم يتم غرسها في قلوب الرجال فكانت رؤية الثوار “تحرير كل سوريا” فكان توفيق الله ونجحوا في تنفيذها.
انظر للنبي ﷺ في المدينة في غزوة الخندق والفئة المؤمنة معه غير آمنة على نفسها فيبشرهم القائد المصطفى ﷺ بصنع رؤية طموحة تفجر طاقاتهم، وتزيدهم ثقة في الله قال ﷺ: (…اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ … اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ … اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ …).
.
9- استراتيجية بالعقيدة والكرامة نملك الدنيا:
يقول شاب سوري بعد هجرته إلى الشمال السوري المحرر:
“أخذنا معنا ما هو غالي علينا: ديننا وكرامتنا وعرضنا، وتركنا لهم ما هو غالي عليهم البيوت والأرض والأموال”.
وأقول: “رجع الشاب بعد النصر ولم يفقد دينه وكرامته وعرضه فاسترجع بهم بيته وأرضه وماله، ففي الجهاد فوز وحياة”.
.
10- إستراتيجية المراجعات والتقويم المستمر:
عندما هاجرت قوى المجاهدين للمناطق المحررة بدأت في تعلم دروس الثورات والتحرير فاستفادت كثيرا من فشل الثورات في مصر وتونس، وتعلمت من التجربة الحمساوية فنون الإدارة واحتواء أطياف المجتمع وفنون الخطابات الإعلامية.
وذلك بعد أخطاء بينهم كبيرة في البدايات والتي تجاوزوها سريعا بالوحدة والتعاون بين فصائل المجاهدين المختلفة.