الأمة الثقافية

“رسالةُ جنديٍّ إلى جماهيرِ الكرةِ”.. شعر: محمد الشرقاوي

قالت عيوني لجمعٍ بات سكرانا

هل يستحقُ غُثاءُ السَّيْلِ إحسانا؟!

يسطو الذئابُ على أملاكِنا طمعًا

والشعبُ يشربُ كأسَ اللهوِ إدمانا

أرضُ الملاعبِ صارت قِبلَةً نَشَرَتْ

فِكرَ الهوانِ فماتَ العقلُ غَضبانا

والعشِقُ فاض لباني الوهمِ كمْ صنعتْ

ساقاهُ رمزًا علا واحتلَّ دنيانا

ليلٌ مخيفٌ تجاهَ القاعِ يدفَعُنا

باسمِ انتصارٍ خبيثِ القصدِ يَلقانا

يعلو الهُتافُ لِمَن أهدَى لكم هدفًا

هذا الذي مَلأ الأركانَ ألحانا

عاد الفريقُ بدرعِ الفَوزِ مُنتزِعًا

مالًا وجاهًا وتكريمًا وتيجانا

أمَّا الهزيمةُ بئسَ الحالُ ما صنَعَتْ

كالموتِ يفرضُ أوجاعًا وأحزانا

يبكي الفؤادُ بإخلاصٍ على كُرةٍ

والعلمُ يَغدو صريعًا بين موتانا

والبيتُ يشكو سنينَ الفقرِ في ألَمٍ

أمَّا المؤذنُ نحو النصرِ نادانا

لا صوتَ يعلو عن التشجيعِ في لَهَفٍ

والعينُ تَرصدُ أحداثًا وسِيقانا

أمَّا أنا فأعيشُ الليلَ منتبهًا

أهوى سِلاحًا وتَخطيطًا ومَيدانا

أسلَمتُ روحي فِداءً في حِمَى وطني

كيْ أحفظَ الأرضَ أزمانًا وأزمانا

أفدِي بِلادي أخوضُ الموتَ في فَرَحٍ

فالحبُّ دينٌ عظيمٌ ليسَ بُهتانا

حاورتُ بَحري ونَهري بعد مكتبَتي

عاهدتُ رملًا وصخرًا ثُمَّ وديانا

يَهفو الفؤادُ إلى الساحاتِ مُلتزِمًا

محوَ الظلامِ وصار الحقُّ عُنوانا

والريفُ أهلِي ومِن أبطالِهم قِصَصٌ

عند النداءِ يَسيرُ الكلُّ عِرفانا

هُمْ خيرُ زادٍ وحُلمَ النصرِ ما هَجروا

يومًا وما شَعروا فقرًا وحرمانا

مِن مغرياتِ شِرارِ القومِ ما اقتربوا

لكِنْ قلوبٌ سقاها العلمُ إيمانا

يرجونَ حقًّا رضا الرحمنِ ما بَقِيَتْ

أنفاسُهمْ نطقتْ بالفعلِ قُرآنا

واجتاحَ عقلِي سؤالٌ كاد يَقتلُني

واحترتُ أسألُ أم أختارُ كِتمانا؟!

هلْْ في الملاعبِ مَن يدري مشاعرَنا؟!

هلْ في الملاعبِ مَن يسعى ليلقانا؟!

هلْ يستطيعُ فريقُ اللهوِ في كُرةٍ

أنْ يحفظَ الدارَ أنْ يقوى بمسعانا؟!

حازُوا بنوكًا وكان العمرُ في لَعِبٍ

والشعبُ أمسى بفعلِ النهبِ جوعانا

يا مَن حصدتُم جبالَ التبرِ مِن وطني

قوموا وصدُّوا بيومِ الزحفِ عُدوانا

أنتمْ سرقْتُمْ كنوزًا دونما عملٍ

والفقرُ يقتلُ أشياخًا وفِتيانا

واليأسُ يَحجِبُ نورَ الصبحِ يا أسَفي

والظلمُ يُعجِزُ عند السعيِّ أبدانا

يا صاحبَ العقلِ إنَّ الأمرَ مُنحرِفٌ

والذكرُ يحيا لكلِّ الخلقِ تِبيانا

لا تترك اللهوَ يدنو نحو ثروتِنا

فالشعبُ طافَ لأجلِ العيشِ بُلدانا

ثار القصيدُ وضاق الصبرُ يا قلمي

لمَّا رأيتُ دليلَ الناسِ شَيطانا

في مقلَتَيَّ جراحٌ لمْ تنمْ أبدًا

فالنومُ يُغرِقُ أحلامًا وأوطانا

صوتي وحيدٌ ومَن في الكونِ يسمعُني

صهيونُ يُشعِلُ حول الدارِ نيرانا

خانوا الأمانةَ مَن باعوا رسالتَهم

لما رأَوْا هجماتِ الغربِ طوفانا

يا ربِّ إنِّي دعوتُ القومَ ما فَهِمُوا

قالوا غريبٌ وصرتَ اليومَ أشقانا

حسبي بأنِّي كَرِهتُ الفِسقَ مُقتنِعًا

حسبي بأنِّي رجوتُ اللهَ رحمانا

كُنْ لي مُعينًا على الدنيا إذا غَدَرَتْ

يا مَن خَلَقتَ وحتمًا لستَ تَنسانا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى